أقلام وأراء

حسن عصفور: حرب غزة ستار دولة الاحتلال لـ “إبادة الهوية الوطنية” الفلسطينية

حسن عصفور 22-11-2025: حرب غزة ستار دولة الاحتلال لـ “إبادة الهوية الوطنية” الفلسطينية

خلال حرب الإبادة الجماعية التي قامت بها دولة الكيان الاحلالي على قطاع غزة، نفذت دون ضجيج عال، عملية تطهير عرقي من نوع مختلف، عبر عمليات تهويد مناطق واسعة داخل الضفة الغربية والقدس المحتلة، مترافقة مع عمليات تهجير داخلي، تركزت داخل مخيمات شمال الضفة (جنين وطولكرم) ضمن مشروعها لـ “إبادة الهوية الوطنية” الفلسطينية.

مشروع إبادة الهوية الوطنية في الضفة والقدس، هو جزء تنفيذي لقرار برلمان دولة العدو حول نفي وجود الشعب الفلسطيني، وأن وجود دولة له يمثل “خطر وجودي” عليهم، ما يستدعي “إزالة الخطر من الوجود”، شعار يكشف بعد استئصالي عنصري معاصر، لا يخالف القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية فقط، لكنه يعكس نمو النظرية الفاشية اليهودية التي حاولت استغلال مؤامرة 7 أكتوبر لتمرير المشروع الإبادي الحقيقي للقضية الفلسطينية.

موضوعيا، ورغم كل ما يقال حول انقلاب الرأي العام ضد دولة الاحتلال وجرائم حربها في قطاع غزة، وهو واقع شهدته غالبية مدن العالم، لكن الحقيقة السياسية الصادمة، أنها لم تمس أي منها الخطر الحقيقي بل الأخطر على القضية الفلسطينية، ما قامت به دولة الكيان الاحتلالي لتنفيذ أوسع مشروع إحلالي في القرن الحديث، عبر بناء نظام عنصري متكامل في الأرض المحتلة، يقطنه ما يقارب مليون مستوطن.

خلال عامي حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، استغلت دولة الكيان انشغال الرأي العالمي، وكذا العربي بها، ومارست أوسع بل أخطر عملية بناء فصل عنصري كامل الأركان، بـ “جيش خاص” داخل الجيش الاحتلالي العام، مع منح وزير مالية الكيان المستوطن سموتريتش منصب وزير جيش “ب” ليكون القوة التنفيذية المشرفة على ترسيخ النظام الاستيطاني.

ترافق مع بناء النظام الاستيطاني منح فرق الإرهاب صلاحيات أمنية تقوم بها ضد كل ما هو فلسطيني، من القتل الإنساني إلى الخراب الإنشائي وما بينها من ممارسات تصنف وفق أي قانون بأنها جرائم إرهاب منظم.

وجاء قرار مجلس الأمن الأخير حول قطاع غزة رقم 2803، ليعزز منظومة التجاهل الدولي لخطر الإبادة الحقيقية ضد الشعب الفلسطيني، وتغافل بشكل مثير جدا عن أي ملامسة لإرهاب الاستيطان بكل جوانبه، والذي بدا يثير مخاوف بعض الأطراف داخل دولة الكيان من تلك الأفعال، التي تشرف عليها حكومة نتنياهو بشكل مباشر.

تجاهل قرار مجلس الأمن 2803 لدور حكومة نتنياهو في بناء فصل عنصري في الضفة والقدس، كان عاملا مشجعا لها، بأن تكرر صراحة أنها لن تسمح بوجود دولة فلسطينية، بل خرج من بينها من أنكر وجود شعب فلسطين، وتلك ليس أقوال ساذجة أو شاذة بل هي مركز التفكير اليهودي الحديث المستند إلى دعم علني من إدارة ترامب لتلك المفاهيم، جسدتها تصريحات السفير الأمريكي في تل أبيب الكاهاني هاكابي عندما قال أن هذه أرض اليهود منذ 3000 عام، وأعادها بشكل مختلف ترامب في تصريحه خلال توقيع اتفاق شرم الشيخ، بقوله أنه “أنهى حرب عمرها 3000 سنة”، (حرب شعب غزة مع اليهود).

كان أكثر قيمة سياسية وطنية أن يكون الموقف العربي واضحا، بأن لا مسار سياسي قبل وقف حرب إبادة الهوية الوطنية الفلسطينية، فلا قيمة لتعابير لغوية تفتقد جوهرها الحقيقي، وما جاء في نص قرار مجلس الأمن 2803 لا يمثل أي حماية لتلك الحرب الإبادية، بل ربما منحها “شرعية صامتة” بعدم الإشارة لها.

من الصعب مطالبة الرسمية الفلسطينية أن تخوض “مواجهة شعبية” ضد مشروع الإبادة التهويدي، لكنها تستطيع إعادة الانتباه لكيفية مواجهته سياسيا، وألا تغرق بالبحث عن دور لها في قطاع غزة، قبل أن تكون قدمها في الضفة والقدس ليست مهودة.

حماية الهوية الوطنية الفلسطينية هي الهدف المركزي الراهن، خاصة مع بروز أدوات عربية تستغل البعض الفلسطيني لتمرير مخطط إبادتها بأشكال مختلفة، لخدمة الهدف اليهودي الإبادي، ما يجب أن يمثل قوة دفع لانتفاضة فعل سياسي وليس كلام التخدير السياسي.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى