د. منى أبو حمدية: حين يلتقي الرأي بالرأي: تعقيب على مقال (محمد قاروط أبو رحمه: ذكريات مع عرفات سلام للمرأة الفلسطينية حامية نارنا المقدسة)
د. منى أبو حمدية 9-11-2025: حين يلتقي الرأي بالرأي: تعقيب على مقال (محمد قاروط أبو رحمه: ذكريات مع عرفات سلام للمرأة الفلسطينية حامية نارنا المقدسة)
محمد قاروط أبو رحمه 8-11-2025: ذكريات مع عرفات سلام للمرأة الفلسطينية حامية نارنا المقدسة
ذاكرة النقاء الوطني
يُعيدنا هذا المقال الدافئ والعميق إلى زمنٍ من النقاء الوطني والصدق الإنساني، إلى مرحلةٍ كان فيها الحلم الفلسطيني يتشكّل بين دخان القذائف وصرخات الولادة، بين شموخ الجبل ودموع الأمهات، في لحظةٍ تختصر المعنى الحقيقي للعطاء والنضال.
لقد نجح الكاتب محمد القاروط ببراعةٍ في مزج الذكريات الشخصية بالتاريخ الوطني، فحوّل حادثة إنسانية – ولادة طفلة في ظل الحرب – إلى لوحة رمزية تُجسّد فلسفة الحياة والموت في التجربة الفلسطينية.
كلّ تفصيلٍ في النص، من عاليه وجبل الباروك إلى طرابلس والمستشفى الميداني، ينضح بالصدق ويُحاكي ذاكرة جيلٍ عاش الثورة بكل وجدانها.
عرفات الإنسان.. القائد القريب من الناس
المقال ليس مجرّد سرد لذكرى مع القائد ياسر عرفات، بل هو شهادة إنسانية على جوهر الرجل الذي ظلّ قريباً من الناس، بسيطاً في حضوره، كبيراً في أثره.
موقفه العفوي مع العائلة الفلسطينية في طرابلس، وحرصه على أن يكون “بينهم لا فوقهم”، يعكس إنسانيته التي ظلّت جزءاً من سحر شخصيته وسبباً في خلود ذكراه في الوجدان الجمعي.
المرأة الفلسطينية.. حامية النار المقدسة
يوجّه النص تحية عميقة إلى المرأة الفلسطينية، التي كانت وما تزال حامية نارنا المقدسة، الشريكة في الوجع والميلاد، في الصبر والفقد، رمزاً للاستمرارية التي لا تنطفئ مهما اشتدّ الحصار أو القصف.
جمال اللغة وبلاغة الرمز
إنّ لغة الكاتب جاءت مشبعة بالصور البلاغية الرفيعة، حيث تلتقي الرموز: الجبل والماء والولادة، في مثلثٍ من المعنى يُحيل إلى ثبات الشعب الفلسطيني وعطائه المتجدّد.
هذه الكتابة لا تكتفي بوصف الماضي، بل تُعيد إحياءه فينا، لتذكّرنا بأنّ الذاكرة الوطنية ليست أرشيفاً، بل نبع حياةٍ متدفّق.
خاتمة: ولادة متجدّدة لفلسطين
في النهاية، يمكن القول إنّ (ذكريات مع عرفات) ليست مجرّد نصّ أدبي، بل وثيقة وجدانية ووطنية تؤكد أن فلسطين ما زالت تولد كل يوم، مثل رنا، من رحم الألم، ومع كل فجرٍ جديد هناك صباحٌ يُبشّر بالحرية.
سلامٌ لكاتب النص الذي أضاء لنا زاوية من تاريخنا الإنساني،
وسلامٌ للشهيد ياسر عرفات، الذي بقي رمزاً للوطن والكرامة،
وسلامٌ للمرأة الفلسطينية التي تواصل حمل الشعلة جيلاً بعد جيل.


