هآرتس: في سديه تيمان يهاجمون جهاز القضاء من اجل شرعنة المخالفات
هآرتس 4/11/2025، عاموس هرئيل: في سديه تيمان يهاجمون جهاز القضاء من اجل شرعنة المخالفات
الاعتقاد بان انهاء الحرب ضد حماس سيخفف قليلا الشرخ الداخلي في المجتمع الإسرائيلي، تبين انه اعتقاد خاطيء من أساسه. لم تمض بضعة أسابيع على وقف اطلاق النار في قطاع غزة، حتى انفجرت قضية المدعية العسكرية. الانقلاب النظام عاد وبصورة اقوى. حملة اليمين تحرف بشكل متعمد النقاش حول الإخفاقات التي سمحت بحدوث المذبحة في 7 أكتوبر والفشل في هزيمة حماس كما تم الوعد بذلك – الى الانقضاض من جديد على جهاز القضاء.
هذا هجوم منفلت العقال، وتصريحات النائبة تالي غوتلب وامثالها ليست استثناء بل هي القاعدة. ومع اقتراب موعد انتخابات الكنيست، اقل من سنة، فان الهدف هو بث الخوف في قلوب حراس العتبة والمشاركين في الاحتجاج وقادة المعارضة، الذين هم في الأصل مشلولين بدرجة كبيرة. مستوى الضجة المرتفع سيكون من الان فصاعدة أعلى وبدون توقف. ومن الصعب استبعاد احتمالية تصعيد التوتر الأمني القائم، اذا احتاج الامر، لأغراض سياسية.
في مثل هذه العملية تكمن افضليات أخرى: يمكن العودة واتهام رجال القانون – بدلا من الشخص الذي لن يكون في أي يوم مسؤول عن أي شيء – بزعم أن هذا سمح بحدوث المذبحة، والقاء اللوم عليهم في ظل غياب وجود حل في غزة. في نفس الوقت يمكن محاولة الحصول على المزيد من التساهل في محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقد أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يعبر عن رأيه بحرية كعادته، الى هذا الامر مساء أمس. ففي مقابلة مع شبكة “سي.بي.اس” قال: “نتنياهو لا تتم معاملته معاملة جيدة في المحاكمة، لذلك نحن سنتدخل لمساعدته”.
في هذه الاثناء دخلت آلة السم الى مرحلة التصعيد. أول امس (الاحد) اثناء فعاليات الذكرى الثلاثين على اغتيال اسحق رابين، هاجمت هذه الآلة المدعية العامة العسكرية، اللواء يفعات تومر يروشالمي، بكل القوة. وعندما ساد الخوف على حياتها، تم استبدال عملية الإعدام خارج نطاق القانون الصاخبة لبضع ساعات بعملية محاسبة جزئية واجبارية. ولكن بمجرد العثور عليها، وبعد ساعات من البحث المحموم، عادت الالة الى طبيعتها بسرعة. وأعلنت شخصية رئيسية بالغمز بأنه “يمكننا مواصلة الإعدام خارج نطاق القانون”.
حملة التحريض غير موجهة فقط للمدعية العامة العسكرية، هناك اهداف اكبر وعلى رأسها المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، من هنا تنبع المحاولة التي لا أساس لها للمتحدث باسم الليكود وشخصيات أخرى لالقاء المسؤولية عن التستر التي كشف، على المستشارة القانونية للحكومة.
تومر يروشالمي اعترفت بمخالفة واحدة وهي تسريب فيلم من مواد التحقيق في قضية التنكيل القاسية بمعتقل غزي في منشأة الاعتقال العسكرية في سديه تيمان. يوجد ضدها شبهات اكثر خطورة التي تبدو مدعومة بالادلة، حول التستر على التسريب وتقديم شهادات كاذبة للمحكمة العليا، ولكنها لم تتطرق اليها في رسالة الاستقالة التي أرسلتها يوم الجمعة. اليوم تم تمديد اعتقالها واعتقال النائب العسكري الرئيسي السابق متان سلوموش بثلاثة أيام. ولكن الادعاءات الأخرى ضدها، وكأنها قامت بنسج فرية على جنود الجيش الإسرائيلي، تبدو مدحوضة ولا أساس لها.
حسب كل الاستنتاجات فان الأفلام التي تم تسريبها هي أفلام اصيلة وتوثق تنكيل طويل ومتعمد. أيضا محاولة رئيس الحكومة أن يصف الان التسريب كاضرار شديد وكاذب بمكانة إسرائيل الدولية هو ادعاء غير مقنع. في كل ما يتعلق بالعلاقات الخارجية لإسرائيل فان المشكلة هي في الأفعال – التنكيل في السجون، وجرائم الحرب في القطاع، وتصريحات هستيرية لوزراء في الحكومة – وليس في التسريبات للنيابة العامة. المدعية العسكرية عثر عليها في الشاطيء الشمالي في تل ابيب، بعد ان تسلم أبناء عائلتها رسالة مثيرة للقلق منها ولم ينجحوا في العثور على مكانها. عندما تم العثور عليها تبين أن هاتفها المحمول اختفى. يمكن ان يخطر بالبال تقديرين متداخلين. الأول هو أنها فكرت بالانتحار، لكنها غيرت رأيها. والثاني هو انها رمت هاتفها في البحر في محاولة لاخفاء الأدلة. باستثنائها وباستثناء المدعي العام السابق، يشتبه أيضا في تورط مسؤولين آخرين في مكتب المدعي العام، من بينهم مسؤولين كبار، في عملية التسريب. كما يشتبه بان كثيرين منهم تستروا على هذا الامر أو كانوا يعرفونه.
هذه قضية خطيرة جدا، وهي تحتاج الى جانب الإجراءات الجنائية كما يبدو، أيضا تطهير واسع في صفوف القيادة العليا للنيابة العامة العسكرية. هذا الامر بالتأكيد لن يساهم في المكانة العامة لسلطات انفاذ القانون في ذروة ازمة سياسية واسعة، التي حددت مسبقا كهدف للتصفية. يمكن الرهان بان المستشارة القانونية للحكومة، التي بدرجة كبيرة مدت حمايتها على تومر يروشالمي، تتسلق الآن الجدران من كثرة الغضب.
الى جانب الجهاد المقدس الذي يستخدم ضد جهاز القضاء، ينشغل السياسيون في اليمين بصورة متواصلة في محاولة إعطاء الشرعية لكل مخالفة يرتكبها الإسرائيليون في الأراضي الفلسطينية، سواء بالزي العسكري أو بدونه. وتعتبر قضية سديه تيمان تجسيد جديد لقضية اليئور ازاريا: الهدف هو تقويض أي شرعية للتحقيق في المخالفات ضد الفلسطينيين وفحص الاعمال المرفوضة ضدهم. في هذا السياق يشرعنون ايضا ادعاءات بشأن ارتكاب اعمال مروعة، مذكورة في لائحة الاتهام، بذريعة حماية الجنود ودحض مؤامرات كاذبة حول فرية.
كعادته ينشر نتنياهو هذه المزاعم خلف ستار زائف من الاحترام. لا يوجد لوزير الدفاع يسرائيل كاتس حاجة لاخفاء كهذا. كاتس تفوق على نفسه بعد كشف القضية عندما اصدر سلسلة بيانات متوحشة ضد المدعية العسكرية، التي فقط اشعلت مناخ الفتك في الشبكات الاجتماعية. لمؤسسات الدولة والمجتمع الإسرائيلي وقع هنا ضرر آخر، الذي كما يبدو سيتم الشعور به لفترة طويلة. المدعية العسكرية هي التي مكنت من حدوث ذلك، لكن هناك من انقضوا على هذه الفرصة وهم يعتزمون استغلالها على اكمل وجه، تحقيقا لمصالحهم الخاصة.



