د. عمرو الشوبكي: تحولات ترامب
د. عمرو الشوبكي 29-10-2025: تحولات ترامب
الدور الأميركي حاسم في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، وهو الداعم الأول والأكبر لإسرائيل، ووصفها الرئيس السادات بأن في يدها 99٪ من أوراق القضية، وبصرف النظر عن صحة هذه النسبة إلا أن دورها الرئيسي مؤكد ولا يقبل الشك.
ومع ذلك فإن التأثير في هذا الدور أمر وارد وأن التحركات العربية الأخيرة جعلت الرئيس ترامب الذي كان من السباقين في طرح مشروع تهجير الفلسطينيين من غزة يتراجع عنه، كما أن إدارته سبق واستخدمت حق الفيتو لمنع صدور أي قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، حتى لو لأسباب إنسانية، عادت وفرضت وقف إطلاق النار ووضعت خطة من 20 نقطة لإنهاء الحرب.
لم يؤمن ترامب بحقوق الشعب الفلسطيني قبل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة وبعدها، ودعا إلى اجتثاث حماس والقضاء عليها بسرعة.. وبعد عامين، اكتشف أنه لا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا بقتل نصف الشعب الفلسطيني، وهو أمر بدا مستحيلا على العالم كله أن يقبله.
ورغم أن مواقف ترامب وسياساته تقول إنه آخر زعيم يمكن أن يحرص على إيقاف حرب غزة، فهو رجل يعرف عنه الاهتمام باللقطة والشكل والنرجسية الشديدة، ومع ذلك نجح في صناعة مضمون حقيقي وفرض خطة متكاملة لوقف الحرب.
تحولات ترامب لافتة، فالرجل ظل قبل مؤتمر شرم الشيخ يقول كلاما عاما وشعارات فضفاضة، فبعد أن كال الاتهامات لحماس وتجاهل المجازر التي ترتكبها إسرائيل فى قطاع غزة وحين أشار إلى الضحايا المدنيين بدا الأمر وكأنهم «ماتوا عادي» أو نتيجة كارثة طبيعية لأن الطرف الذي قتلهم؛ أي إسرائيل، لم يشر ترامب لمسؤوليتها مطلقا، ومع ذلك ضغط عليها لتنفيذ التزاماتها في الاتفاق واحترام وقف إطلاق النار حتى اصبح المشهد الحالي مصنع أميركيا ووفق رؤية ترامب.
إن خطة ترامب من أجل وقف الحرب في غزة جاءت من شخص لم يحب غزة ولم يتعاطف مع القضية الفلسطينية، ولكن نرجسيته ورغبته الجامحة في الحصول على جائزة نوبل ليصبح بطلا عالميا للسلام جعلته يتمسك بهذه الخطة وطالب حماس بكثير من الالتزامات وإسرائيل ببعضها.
نجحت الخطوة أو المرحلة الأولى من خطة ترامب وأنهت الحرب وبقيت مرحلتها الثانية الأكثر صعوبة والتي ستواجه تحديات كثيرة على الأرجح ستتجاوزها، إلا أن مفارقة هذه الخطة أنها عكست تحولات حقيقية في موقف ترامب أيا كان دوافعها.
إن الرئيس الأميركى الذي سبق وطالب إسرائيل بإنهاء مهمتها وعملها (Job) في غزة وطالب أكثر من مرة وبصيغ مختلفة بتهجير الفلسطينيين وتحدث مع زعماء إندونيسيا ودول أخرى لكي يقبلوا بمجيء الفلسطينيين، ثم عاد وتكلم عن الهجرة الطوعية وجهز المال والعتاد لتنفيذ هذه المهمة حتى تراجع عنهما.
فشل مشروع ترامب بسبب الصمود والرفض الفلسطيني والعربي والدولي فغير توجهاته بكل سلاسة وعملية.



