ترجمات عبرية

معهد السياسة والاستراتيجية (IPS): نهاية حرب غزة: عصر جديد من الفرص والتحديات؟

معهد السياسة والاستراتيجية (IPS)  26/10/2025، طاقم المعهد برئاسة اللواء (المتقاعد) البروفيسور عاموس جلعادنهاية حرب غزة: عصر جديد من الفرص والتحديات؟

فرص استثنائية تلوح في الأفق أمام إسرائيل؛ أولها وأهمها استكمال عملية إعادة جميع الرهائن الذين بقوا في غزة. وتوسيع اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، وربما لبنان وسوريا، بالإضافة إلى الدول الإسلامية الكبرى. قد تؤدي هذه الاتفاقيات إلى تغيير في بنية الشرق الأوسط، وتشكل قوة سياسية وأمنية واقتصادية مضاعفة في مواجهة التهديد متعدد الأبعاد من إيران. إن انتهاء الحرب يفتح الباب أمام استعادة العلاقات الاستراتيجية مع مصر والأردن.

في الوقت نفسه، تم التخلي عن جميع أفكار إخلاء السكان الفلسطينيين من غزة، وتجديد الاستيطان، وفرض الحكم العسكري في القطاع. قد تؤدي هذه العمليات أيضًا إلى ترسيخ وتعميق العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة، واستعادة مكانة إسرائيل الدولية، وخفض مستوى الكراهية المعادية للسامية في العالم الغربي. كل هذا، إلى جانب الأضرار الجسيمة التي لحقت بإيران والحزام الناري الذي بنته حول إسرائيل على مدى العقدين الماضيين.

كما أن انتهاء الحرب يُهيئ الظروف لاستخلاص الدروس الاستراتيجية والأمنية والعسكرية وتطبيقها وفقًا لذلك. هذا إلى جانب التخفيف المتوقع للأعباء الثقيلة على أفراد الخدمة الاحتياطية والنظامية.

المخاطر والتحديات

يُشكّل اتفاق إنهاء الحرب تحدياتٍ كبيرةً لإسرائيل، حتى لو ضمن فترةً طويلةً من الهدوء. يفتقر الاتفاق إلى آلياتٍ للتنفيذ والإنفاذ، كما يتضح من تباطؤ حماس في إعادة جميع الأسرى القتلى، وقد يؤدي حتى إلى نشر قواتٍ عربية وإسلامية في غزة، بعضها معادٍ لإسرائيل. قد يكون لهذا تأثيرٌ كبيرٌ على حرية عمل الحيش الاسرائيلي في غزة. ومن المُرجّح ألا تكون هذه القوات، وخاصةً تركيا وقطر، مستعدةً للتحرك بفعاليةٍ للقضاء على حكم حماس وإضعاف قوتها. هذا في حين تُواصل حماس، من جانبها، التزامها بالهدف الأسمى المتمثل في الحفاظ على وجودها ومكانتها في غزة، بل واستعادتهما.

الدولتان الأكثر استفادةً من التطورات في غزة هما تركيا وقطر. ويعكس استعداد الرئيس ترامب لتقديم ضماناتٍ أمنيةٍ لقطر، والمحادثات لبيع أنظمة أسلحةٍ متطورةٍ لتركيا، بما في ذلك طائرات إف-35 المقاتلة، هذا التوجه  يُشكّل تحديًا لإسرائيل في الحفاظ على التفوق النوعي لجيشها.

من المتوقع أن تحتل القضية الفلسطينية مكانة محورية على الأجندة العالمية والإقليمية. وسيتعين على إسرائيل قريبًا التعامل مع الحاجة الى الرد على حل الدولتين كإطار للحل الدائم، وشرط للتقدم في عمليات التطبيع مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة. وقد اشترطت هذه الدول بالفعل مشاركتها في عمليات إعادة إعمار غزة، بما في ذلك استعدادها لاستثمار عشرات المليارات من الدولارات اللازمة لإعادة إعمار القطاع، بمنح السلطة الفلسطينية مكانة في غزة، كما يتضح من مشاركة أبو مازن في القمة الدولية في شرم الشيخ. إن تجاهل إسرائيل لوضع السلطة الفلسطينية، واستمرار مساعيها لتقويض استقرارها، وتغيير الواقع في الضفة الغربية بشكل أحادي الجانب، قد يؤدي إلى مزيد من الإضرار بمكانة إسرائيل، بل وحتى إلى توترات مع إدارة ترامب. (انتبهوا إلى تصريح الرئيس ترامب المثير للجدل حول قضية تحرير البرغوثي من السجن).

لقد تلقت إيران ضربة موجعة خلال العام الماضي، نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بقدراتها وحزامها الناري الذي شيدته حول إسرائيل. من ناحية أخرى، ما دام النظام الحالي في طهران قائمًا، فسيُظهر تصميمًا على تحقيق رؤيته الأيديولوجية المتمثلة في تدمير دولة إسرائيل يومًا ما. ونتيجةً لذلك، أعطت إيران الأولوية لاستعادة قدراتها الهجومية والدفاعية، وإعادة تموضعها، على الأقل، كقوة نووية صاعدة. هذا، مع إظهارها موقفًا حازمًا في مواجهة إملاءات الرئيس ترامب، وخاصةً في كل ما يتعلق بمطلب عدم التخصيب. ومع ذلك، يبدو أن إيران ستتوخى الحذر في خرق القواعد واتخاذ خطوات جريئة، مثل الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، حتى لا تُعطي إسرائيل ذريعةً لبدء حرب أخرى. وبالمثل، يتبنى حزب الله الاستراتيجية الإيرانية، ويعمل تدريجيًا على استعادة مكانته السياسية في لبنان وقوته العسكرية، مع الحذر من جر إسرائيل إلى المعركة.

 اتفاقية دفاعية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية – تعكس التقارير التي تفيد بأنه خلال الزيارة المقررة للولايات المتحدة الشهر المقبل لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ستوقع الدولتان اتفاقية دفاعية الدور الخاص للمملكة العربية السعودية في الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط. هذه هي أول زيارة لابن سلمان للولايات المتحدة منذ العام 2018. إن إضفاء الطابع المؤسسي المتوقع على العلاقات الأمنية بين الدولتين يحمل فرصًا لتعزيز الاصطفاف المؤيد لأمريكا في الشرق الأوسط. من ناحية أخرى، هناك أيضًا خطر كبير يتمثل في تراجع جاذبية الترويج لاتفاقيات السلام مع إسرائيل مقابل فوائد أمنية واقتصادية من الولايات المتحدة. من المهم الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية أكدت مرارًا وتكرارًا منذ اندلاع الحرب أنها لا تزال مستعدة لتعزيز التطبيع مع إسرائيل. ومع ذلك، فقد وضعت العائلة المالكة السعودية شرطين لذلك – إنهاء الحرب والتقدم على طريق إقامة دولة فلسطينية. علاوة على ذلك، هناك شك فيما إذا كان ولي العهد سيكون على استعداد للترويج لاتفاقيات التطبيع في عام انتخابي في إسرائيل.

توصيات سياسية

  • إعادة جميع الأسرى القتلى ركيزة أساسية في عمليات إعادة إعمار المجتمع الإسرائيلي.
  • التحقق السياسي للإنجازات العسكرية. ولتحقيق ذلك، من الضروري وضع استراتيجية لإضعاف قوة حماس كأساس لإخراجها من غزة، من خلال تشكيل حكومة فلسطينية بديلة بدعم من الدول العربية ومساعدة الولايات المتحدة. كما ينبغي على إسرائيل معارضة أي تدخل تركي أو قطري في عمليات إعادة إعمار غزة، ومنع تواجدهما الدائم فيها. وفي الوقت نفسه، ينبغي على إسرائيل استئناف علاقاتها الاستراتيجية مع مصر والأردن، ودراسة سبل دمجهما في عمليات إعادة الإعمار في القطاع، وتجنب اتخاذ خطوات أحادية الجانب ضد السلطة الفلسطينية، والتي قد تؤثر بشكل مباشر على المملكة الأردنية الهاشمية.
  • في مواجهة التهديد الإيراني، لا بد من رد استخباراتي وعملاني، يهدف إلى منعها من استعادة قدراتها، وإعادة بناء حزامها الناري، وإعادة ترسيخ وجودها كدولة نووية. في فهمنا، هذا هو الوقت المناسب لاستغلال الصعوبات الداخلية التي تواجهها إيران والضرر الذي لحق بقدراتها الهجومية لوضع خطط عمل لتقويض استقرار النظام الدموي في طهران.
  • حيال الولايات المتحدة، من الضروري تعزيز التحالف الاستراتيجي، من خلال الحفاظ على التفوق النوعي لجيش الدفاع الإسرائيلي، مع تعميق التنسيق الاستراتيجي والأمني ​​والعسكري بين البلدين. إلى جانب ذلك، ينبغي استغلال انتهاء الحرب في غزة لوضع خطة عمل متعددة السنوات لمعالجة الضرر الجسيم الذي لحق بسمعة إسرائيل لدى الرأي العام الأمريكي، وخاصة لدى مؤيدي الحزب الديمقراطي وشباب الحزب الجمهوري.
  • على الصعيد الداخلي، ينبغي على الحكومة الإسرائيلية تشكيل لجنة تحقيق رسمية تُجري تحليلاً موضوعياً لأخطر إخفاق تاريخي منذ قيام الدولة، وتوصي بسبل منع تكرار كوارث مماثلة. وفي الوقت نفسه، من الضروري وقف جميع التحركات نحو الانقلاب، وصياغة وإقرار قانون تجنيد إلزامي في الحيش الاسرائيلي يُطبق على الجميع بالتساوي. إن عدم القيام بذلك قد يُشكّل تهديدًا حقيقيًا لطبيعة المجتمع الإسرائيلي وطابعه.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى