هآرتس: يا سموتريتش، الاستخفاف بالسعودية هو استخفاف بمستقبل إسرائيل في الشرق الاوسط

هآرتس 26/10/2025، يوئيل غوزانسكي: يا سموتريتش، الاستخفاف بالسعودية هو استخفاف بمستقبل إسرائيل في الشرق الاوسط
التصريح المشبع بالسخرية والاحتقار الذي وجهه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للسعودية، باقتراحه على السعوديين العودة الى “ركوب الجمال في الصحراء اذا ايدوا فكرة الدولتين” – هو ليس فقط وقاحة، بل هو أيضا يمس بشكل مباشر بمصالح إسرائيل. السعودية 2025 ليست مجرد كاريكاتير صحراوي، بل هي احدى اكثر الدول تاثيرا في العالم العربي والإسلامي. وهي قوة اقتصادية وعضوة بارزة في مجموعة الدول العشرين الكبرى.
السعودية تمر في ثورة عظيمة – اقتصادية، اجتماعية وتكنولوجية. في اطار حلم 2030 للحاكم الفعلي محمد بن سلمان، هي تستثمر مئات مليارات الدولارات في الطاقة المتجددة وفي السياحة وفي البحث العلمي والتكنولوجي. السعودية تتطلع الى تنويع اقتصادها والانفتاح على العالم وتثبيت نفسها كلاعبة عالمية رائدة. هذه عملية مثيرة للاهتمام ويمكن لإسرائيل، بل يجب عليها، ان تكون شريكة فيها اكثر من أي دولة أخرى في المنطقة.
بدلا من ان نعتبر السعودية عدو أو خصم، يجب علينا ان نفهم بانها المفتاح لاستقرار إقليمي جديد. في السنوات الأخيرة تحول السعوديون الى عامل رئيسي في عمليات الوساطة بين العالم العربي والغرب. هم يمتلكون قوة مالية، دبلوماسية ودينية، لا بديل لها – خاصة في كل ما يتعلق بقدرتها على منح شرعية للتطبيع مع إسرائيل. تحسين العلاقات مع الرياض لا يشكل فقط انجاز سياسي – معناه هو تغيير فكري في الشرق الأوسط.
ان توجيه تصريحات مستخفة للسعوديين، في الواقع لا تجعلهم يغيرون مواقفهم، لكنها تجعلهم يبتعدون عن إسرائيل. كل العالم العربي يتابع عن كثب الخطاب الداخلي في إسرائيل، وفي هذه الفترة الحساسة – حيث الاتصالات للتطبيع تخضع لاختبار متواصل – يجب الحرص بشكل خاص على الحذر في التصريحات، والحرص على حساسية ثقافية.
على مدى سنين نجحت إسرائيل في تحقيق إنجازات في علاقاتها مع الدول العربية بواسطة دمج القوة السياسية، الحكمة الدبلوماسية والاستعداد لاظهار الاحترام تجاهها، وهذا الدمج هو الذي أدى الى تحقيق اتفاقات إبراهيم، وهذه هي الطريق الوحيدة التي يجب أن توجه نظرة إسرائيل للسعودية، اذا كانت معنية بالوصول الى اتفاقات مع المملكة، التي أيضا تدير الاقتصاد الأكبر في المنطقة، وأيضا مسؤولة عن حماية الأماكن المقدسة الإسلامية. ان تصريحات استفزازية من النوع الذي اسمعه سموتريتش ستصعب على الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية وستضع إسرائيل في موقف اعتذار بدلا من موقف الريادة. الان من اجل إعادة ثقة السعوديين فانه يجب على إسرائيل ان تبذل الجهود لترميم الحوار. مبادرات دبلوماسية مباشرة، رسائل علنية تعبر عن احترام متبادل وتعزيز القنوات الأمنية والاقتصادية – كل ذلك يمكن ان يساعد في إعادة الزخم لعملية التطبيع.
السلام مع السعودية ليس مكافأة لدولة عربية، بل عملية استراتيجية يمكن ان تعيد تشكيل وجه الشرق الأوسط. التطبيع سيفتح امام إسرائيل أسواق الخليج، وسيعزز التحالف ضد ايران وسيخلق جسر غير مسبوق بين القدس وواشنطن والرياض. الى جانب ذلك هو سيمنح شرعية إقليمية كبيرة لاستمرار اندماج إسرائيل في المنطقة.
لذلك، من يستخف بالسعودية فانه يستخف فعليا بمستقبل إسرائيل في الشرق الأوسط. يقع على عاتق القيادة الإسرائيلية مسؤولية التعبير عن رايها بصورة تحترم بيئتها والتحلي بضبط النفس وفهم ان اقوال المسؤولين المنتخبين لا تقال في فراغ. انها تسمع في الرياض وفي أبو ظبي وفي واشنطن، وهي التي تحدد الكيفية التي ترى فيها اسرائيل في العالم.



