ترجمات عبرية

هآرتس: الان يتحدثون عن دولة فلسطينية، شكرا للرئيس ماكرون

هآرتس – ديمتري شومسكي – 23/10/2025 الان يتحدثون عن دولة فلسطينية، شكرا للرئيس ماكرون

بصعوبة مر اسبوع منذ خطاب ترامب في الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك، الذي فيه وقف بشدة الى جانب بنيامين نتنياهو ضد الموجة العالمية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحتى اطلاق خطة انهاء الحرب في غزة، التي البند الاخير فيها هو بمثابة السطر الاخير في الخطة، يتحدث عن الاعتراف بدولة كما يطمح الشعب الفلسطيني.

في الواقع هناك فجوة كبيرة جدا بين ذكر غامض وغير ملزم للحلم الفلسطيني باستقلال في خطة ترامب، وبين الاعتراف بالدولة الفلسطينية “هنا والان” من قبل دول اوروبية بارزة في الفترة الاخيرة. ولكن لا شك ان هناك فجوة كبيرة تفصل بين الخوف البيبي وبين الخوف شبه البيبي من مفهوم الدولة الفلسطينية، الذي ميز ترامب في الجمعية العمومية (وحتى قبل ذلك)، والايمان بامكانية تطبيق – حتى لو في المستقبل البعيد – “مسار موثوق لتقرير مصير فلسطيني ودولة”. كيف يمكن تفسير تقلب المواقف هذا، ولا نقول تحول حقيقي، في رؤية ترامب؟.

قبل محاولة تحديد الاسباب المحتملة لهذا التحول، يجب الانتباه الى نقطتين مهمتين، من اجل فهم خلفية التنفيذ الناجح للاتفاق بين اسرائيل وحماس على اساس خطة ترامب، الاولى واضحة، والثانية تقريبا خفية عن العين. 

اولا، من الواضح للجميع، وتقريبا مفهوم ضمنا، ان العامل الحاسم الذي جعل حماس تقبل بأسس الخطة هو الضغط غير المسبوق من حيث قوته، الذي استخدمته دول الوساطة، لا سيما قطر، واللاعبة الجديدة تركيا، التي توجد لها علاقات قريبة وعميقة مع هذه المنظمة الارهابية الفلسطينية. 

ثانيا، بشكل عميق ومخفي اكثر، يصعب تخيل مثل هذا الاحتشاد القوي والفعال لدول المنطقة من اجل محاصرة حماس واجبارها على قبول الاتفاق، لو لم تشمل الخطة افق مستقبلي، مهما ظهر بعيد وخافت، للدولة الفلسطينية. في الواقع معظم دول الشرق الاوسط “المتوحش، بما في ذلك قطر وتركيا، تعتبر ان انهاء الاحتلال وتطبيق حل الدولتين هي الشروط الاساسية للسلام والاستقرار التي طال انتظارها في المنطقة. 

هكذا فان مجرد ادراج هذا الاتجاه في خطة ترامب، لا سيما بعد ان تشبث الرئيس الامريكي لاشهر بالفكرة البغيضة التي تتمثل باقامة ريفيير في غزة، مع الهجرة الطوعية لسكان غزة، يكفي لاثارة موجة حماس بين زعماء المنطقة، الامر الذي ترجم في نهاية المطاف الى فرض حصار دبلوماسي عربي – تركي حاسم على قيادة حماس. 

لذلك، لم يكن اتفاق الدفاع بين امريكا وقطر، أو احتمالية نقل طائرات اف 35 لتركيا، هي وحدها التي شجعت هاتين الدولتين على مطالبة حماس بالتوقيع على الاتفاق بشكل حازم وبدون هوادة، بل ايضا تراجع ترامب عن وهم الريفييرا، نحو افكار عقلانية حول التسوية الواقعية الوحيدة بين اسرائيل والفلسطينيين. هنا يجب السؤال: من الذي دفع ترامب الى ان يسلك طريق العقلانية السياسية؟.

لا شك ان ترامب رغم العداء العلني والعنيد الذي اظهره دائما منذ انتخابه لدول حلف شمال الاطلسي، واجه صعوبة في تجاهل التسونامي السياسي الذي يتمثل بالاعتراف الدولي المتزايد بالدولة الفلسطينية. وهذا يظهر بوضوح في ان من قاد هذه الخطوة هو الرئيس الفرنسي عمانويل ميكرون، وهو الزعيم الاوروبي الوحيد الذي يكن له ترامب احترام علني. 

ترامب اثبت بوضوح أنه رغم نرجسيته المرضية، الا أنه يعرف ايضا كيف يستمع، وقد شاهدنا ذلك اثناء محادثاته مع عائلات المخطوفين. لذلك، ليس من الغريب، رغم معارضته المبدئية والحازمة للنقاش حول الدولة الفلسطينية، صم اذنه في نهاية المطاف امام اقوال رئيس دولة يحترمه، واستمع اليه على الاقل بدرجة معينة. وحقيقة ان ميكرون عشية وصوله الى قمة شرم الشيخ من اجل انهاء الحرب، التي نظمها وادارها ترامب، واكد على دعم فرنسا لاقامة الدولة الفلسطينية، تشير بوضوح الى التغيير الذي يمر فيه ترامب نفسه في هذه القضية، ربما ليس بدون صلة بتاثير صديقه الفرنسي عليه. 

التنديد والهجوم والتحفظ انهال على ميكرون في اسرائيل بسبب حملته للاعتراف بالدولة الفلسطينية التي سوقها، حتى أن بعض اليساريين تساءلوا حول ما ستؤدي اليه هذه التصريحات، التي لا يوجد لها افق عملي في المستقبل المنظور. ولكنهم كانوا مخطئين. فمجرد الحديث عن دولة فلسطينية، التي قد تنقذ اقامتها الى جانب اسرائيل الكثير من الارواح في المستقبل، يبين انه كان له دور منقذ للحياة في الوقت الحاضر. في الواقع، بفضل ميكرون، تسرب هذا الخطاب الى خطة ترامب، ومن خلالها عزز التسونامي العربي – التركي الذي جرف بقايا معارضة حماس للاتفاق، الامر الذي ساهم بشكل كبير في اطلاق سراح الرهائن الاسرائيليين.

لذلك، الى جانب الامتنان للرئيس ترامب، من الافضل للاسرائيليين اخذ فترة راحة وتقديم الشكر لرئيس آخر. شكرا لك، ايها الرئيس ميكرون




مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى