إسرائيل اليوم: الصفقة وما ورائها

إسرائيل اليوم 12/10/2025، ايال زيسر: الصفقة وما ورائها
صفقة بين إسرائيل وحماس هي حقيقة ناجزة، وحتى لو ظهرت على طريق تحقيقها عوائق في اللحظة الأخيرة فانها لا بد ستأتي. لماذا؟ لان هكذا يريد ترامب، ذو المال والرأي في كل ما يتعلق بإسرائيل ومستقبلها.
يمكن أن نقول أمورا كثيرة عن ترامب – لكن “يوجد له هذا”، القدرة على أن يشخص متى يمكن ويجب عقد صفقة، وهذه القدرة جلبته الى الاستنتاج بان الان هو الوقت لتحرير المخطوفين وانهاء الحرب. هذا الامر ينسجم مع مشاعر الجمهور الإسرائيلي لكنه ينسجم أيضا مع مصالحنا الحيوية. هذا فهمه قبل سنوات طويلة دافيد بن غوريون، رئيس الوزراء الأول، الذي لم يقم لنا مثله منذئذ.
لقد اتخذ بن غوريون في حياته سلسلة طويلة من القرارات التاريخية، لكن قرارين منها تبينا كالاهم منها جميعها. الأول – إقامة دولة بكل ثمن، حتى في ضوء المعارضة من الداخل وفي العالم وكذا مع العلم بان الامر سيؤدي الى حرب مع كل الدول العربية. الثاني – وهو لا يقل أهمية – بانهاء الحرب. لا لأننا حققنا فيها كل اهدافنا، بل أبعد من ذلك، لانه لكل زمان أوانه، وبن غوريون فهم بان الحرب ليست هدفا بحد ذاتها، وان على إسرائيل أن تتفرغ لمهامة اهم: استيعاب الهجرة الجماهيرية وبناء مجتمع، شعب ودولة والباقي، كما شرح، سنبقيه للأجيال التالية.
مثل بن غوريون، ترامب أيضا، لاسبابه هو، يفهم الاضطرار لوضع حد للحرب. لكن ترامب معروف كمن يحتقر التفاصيل الصغيرة وكمن يعتقد بان البحث الذي لا ينتهي فيها من الخبراء – او الأسوأ من ذلك من رجال القانون – لن يؤدي ابدا الى اتفاق.
وعليه، بشكل ذكي بل ولامع، وضع على الطاولة اقتراحا لا يمكن رفضه: تحرير فوري، غير مشروط وليس على مراحل، لكل المخطوفين والمفقودين. أمر تمناه الجمهور في إسرائيل وبالمقابل، انهاء تام ومطلق للحرب، الامر الذي يريده العالم، لكن ترامب يشخصه الان كالمصلحة الأسمى له ولاسرائيل.
عندما سيحصل هذا، كل ما تبقى سيصبح هامشيا، غير ملح وغير ضاغط وسيكون ممكنا معالجته بطريقة القطاعي. أحيانا لارادة إسرائيل أحيانا لهدف الرفاه – مسألة الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، مسألة السجناء الفلسطينيين الذين سيتحررون في إطار الصفقة، مسألة ادخال المساعدات المدنية الى غزة ومسألة المسائل: ماذا سيحصل في القطاع في اليوم التالي.
ما يقترحه ترامب هو بشرى هامة لإسرائيل، “تنقذها من نفسها” ومن المأزق الذي نعيشه منذ اشهر طويلة. لكن الامر يستوجب عيونا مفتوحة على اتساعها وحفاظا على مصالحنا الأمنية، بمعونة ترامب، وعند الحاجة، رغم ترامب أيضا.
ما سيحصل في غزة سبق أن حصل قبل سنة في لبنان. في حينه أيضا سمحنا باتفاق مثقب واضح ان حزب الله لا يعتزم احترامه في لحظة الحقيقة. وهكذا لا يزال حزب الله يرفض نزعه سلاحه ويعمل بلا عراقيل كي يعيد تأهيل قوته، فيما أن إسرائيل تكتفي بعمليات موضعية ليس بوسعها ان تغير الوضع من الأساس.
غزة ليست لبنان. فقد ضُربت حماس ضربة قاضية – ليس مثل حزب الله الذي حافظ على جزء هام من قوته. كما ان جغرافيا القطاع تختلف جوهريا عن جغرافيا لبنان. ولا يزال، مما سيحصل في لبنان ينبغي أن نتعلم ونستخلص الدروس.
الامل في أن تنزع حماس سلاحها طواعية، ان تنتشر قوات دولية في القطاع وتبدأ فيه مسيرة بناء حكم فلسطيني لا تشارك فيه حماس – كل هذه آمال عابثة. وعليه، فان على إسرائيل أن تتأكد بان تحفظ لها حرية العمل. لا لمناورة برية زائدة أخرى في غزة، بل لعمل مصمم ضد كل محاولة من حماس لاعادة بناء جيشها، صواريخها، كتائبها وألويتها.
وبالطبع – التأكد بالا يعاد بناء أي بيت، شارع او حي في القطاع طالما كانت حماس تسيطر فيه. ان إعادة بناء قوة إسرائيل، من الداخل ومن الخارج هي المهمة الهامة التي نقف امامها اليوم، واذا اضفنا الى ذلك ان ننجح في تحقيق سلام إقليمي – فليس هناك نصر مطلق اكثر من هذا.