أبو شريف رباح: الملحق الإنساني: الوجه الجديد لمخطط التهجير القسري من غزة

أبو شريف رباح 11\10\2025: الملحق الإنساني: الوجه الجديد لمخطط التهجير القسري من غزة
اعتقد ان ما يُعرف بالملحق الإنساني في مخطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، يشكل أحد أخطر البنود لما يتضمنه من توجهات تمس جوهر الوجود الفلسطيني في القطاع وتفتح الباب أمام عملية تهجير قسري مقنعة تحت شعارات إنسانية مضللة.
فوفقا لما تسرب من تفاصيل هذا الملحق فإن البند الأبرز فيه ينص على السماح لسكان قطاع غزة بمغادرته إلى مصر عبر معبر رفح تحت ذريعة الحالات الإنسانية والمرضية دون تحديد سقف عددي أو زمني للمغادرين وهذه الصياغة الفضفاضة ليست عفوية بل تحمل في طياتها نية مبيتة لإحداث تغيير ديمغرافي واسع في قطاع غزة عبر إخراج السكان بشكل تدريجي ومنظم بما يخدم الخطة الإسرائيلية القديمة بإفراغ غزة من سكانها.
واعتقد أن تسويق هذا البند بعبارات إنسانية كتخفيف الضغط السكاني هو في الواقع سياسة تهجير قسري في قالب حديث يراعي الاعتبارات الدولية والإعلامية، فالإدارة الأميركية تدرك حساسية المصطلح قانونيا لذلك اختارت الغطاء الإنساني لتبرير جريمة سياسية ذات أبعاد استراتيجية.
والمؤكد إن الهدف الحقيقي من هذا الملحق لا يقتصر على معالجة تداعيات الحرب بل تجاوزها نحو إعادة تشكيل المشهد الجغرافي والسياسي في القطاع فالولايات المتحدة عبر هذا المخطط تسعى إلى خلق واقع جديد يتيح لها ولإسرائيل تحقيق مكاسب استراتيجية أولها التخلص من عبء غزة السكاني والأمني وثانيها تحويل مصر إلى منطقة استيعاب للاجئين الفلسطينيين بما ينسجم مع التصورات الإسرائيلية القديمة عن الوطن البديل للفلسطينيين.
وبهذا المعنى فإن ما يسمى الخروج الإنساني لسكان غزة لا يختلف في جوهره عن سياسات الطرد القسري التي شهدها التاريخ الفلسطيني في أكثر من محطة والفارق الوحيد أن الأدوات اليوم أكثر نعومة والمبررات أكثر دهاء وحنكة، وإن تمرير مثل هذه البنود تحت مظلة العمل الإنساني يشكّل خرقا صريحا للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر النقل القسري للسكان المدنيين من أراضيهم المحتلة مهما كانت المبررات وهو ما يستدعي موقفا عربيا ودوليا حازما يرفض هذا المخطط ويتمسك بحق الفلسطينيين في البقاء بأرضهم وإعادة إعمار قطاعهم بدل تفريغه من أهله.
إن الملحق الإنساني ليس سوى امتداد لمشروع سياسي طويل الأمد يهدف إلى إنهاء القضية الوطنية الفلسطينية من بوابة غزة وتحويل الكارثة الإنسانية إلى وسيلة ضغط لتحقيق أهداف استعمارية، ومن هنا فإن رفض هذا البند لا يجب أن يكون مجرد موقف سياسي بل ضرورة وطنية لحماية الوجود الفلسطيني من محاولة اقتلاع جديدة بثوب إنساني.