أقلام وأراء

عزام عبد الكريم الشوا: مبادرة ترمب.. بين التسوية السياسية وإعادة صياغة الخريطة الفلسطينية

عزام عبد الكريم الشوا 8-10-2025: مبادرة ترمب.. بين التسوية السياسية وإعادة صياغة الخريطة الفلسطينية

في ظلّ ما تشهده الساحة الفلسطينية من تطوراتٍ متسارعة، ومع تزايد الحديث عن وقف العدوان على غزة وإطلاق مسارٍ سياسي جديد، برزت مجددًا مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، التي تعود إلى الواجهة اليوم بصيغةٍ محدثةٍ يُراد لها أن تشكّل إطارًا للتسوية الشاملة، تحت عنوان «حلّ النزاع وإعادة الإعمار».

لكنّ القراءة المتأنية لبنود هذه المبادرة تكشف أنها لا تقتصر على الجوانب الأمنية أو الإنسانية، بل تتجاوزها نحو إعادة صياغة المشهد الفلسطيني برمّته— جغرافيًا وسياسيًا وإداريًا— في محاولةٍ لإعادة تعريف معنى “الدولة الفلسطينية”، وحدودها، ومَن يمثلها.

فبينما تُقدَّم المبادرة بعباراتٍ براقة عن “السلام” و”الازدهار”، إلا أنّ جوهرها يُثير العديد من التساؤلات الجوهرية التي تحتاج إلى إجابات واضحة وصريحة من الإدارة الأمريكية، وفي مقدمتها:

– من هي الجهة التي ستُشرف على إدارة غزة بعد الحرب؟

– ما هو الدور الحقيقي لكلٍّ من منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس في المرحلة الانتقالية؟

– هل يملك الفلسطينيون حقَّ السيادة الكاملة على أرضهم ومواردهم، أم ستبقى هذه الصلاحيات بيد أطرافٍ دوليةٍ تحت عنوان “الضمانات الأمنية”؟

إنّ هذه التساؤلات ليست شكلية، بل تمسّ جوهر القضية الفلسطينية، لأن أيّ مبادرة لا تنطلق من الاعتراف الكامل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ستبقى مجرد صياغة تجميلية لواقع الاحتلال، وإعادة إنتاجٍ للأزمة بأدواتٍ دبلوماسيةٍ جديدة.

وما يزيد من خطورة الطرح، أنّه يأتي في لحظةٍ فلسطينيةٍ حرجة، يعيش فيها الشعب تحت عدوانٍ متواصلٍ وحصارٍ خانقٍ ومعاناةٍ إنسانيةٍ غير مسبوقة، ما يجعل أيّ تسويةٍ غير عادلةٍ بمثابة مكافأةٍ للاحتلال ومعاقبةٍ للضحايا.

لذلك، فإنّ مسؤولية القوى الوطنية والسياسية الفلسطينية اليوم هي مراجعة هذه المبادرات بروحٍ نقديةٍ وموحدة، وتقديم رؤيةٍ فلسطينيةٍ بديلة تنطلق من الثوابت، وتستند إلى الشرعية الدولية، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى