ترجمات عبرية

هآرتس: السلام وفقا لترامب

هآرتس 5/10/2025، عاموس هرئيلالسلام وفقا لترامب

اذا فكرت جيدا فان الامر سيكون على ما يرام. الرئيس الامريكي دونالد ترامب، لا يكتفي بفرض رغبته على القدس وعلى حماس في محاولته لانهاء الحرب في قطاع غزة. كعادته هو اعلن حرب ضروس على الوقائع نفسها. هو يقارن التفاهمات الجزئية، المليئة بالتحفظات، مع الخطة التي عرضها في بداية الاسبوع كبشرى جيدة، ويتقدم نحو تطبيق صفقة المخطوفين – ويفترض أن لا احد سيتجرأ على وقفه. في الخلفية هناك ايضا توقع قرار الموظفين النرويجيين الخمسة: ترامب متحمس للفوز بجائزة نوبل للسلام، التي هوية الفائز بها سيعلن عنها في يوم الجمعة.

لقد وجد هنا تشابه معين في الظروف في الطرفين. في الرأي العام الاسرائيلي ويبدو ايضا في اوساط الفلسطينيين في غزة. يبدو ان هناك تاييد جماهيري واسع للاتفاق الذي من شانه ان ينهي، على الاقل لفترة ما، سفك الدماء. ولكن فيهما القيادات تخاف من الصفقة لان انهاء الحرب يمكن ان يضر بمكانتهم الداخلية ويلزم بتقديم حساب على افعالهم. ايضا سيكشف الفجوة بين الوعود التي قاما بنثرها اثناء الحرب وبين الانجازات الحقيقية. هنا تدخل الى الصورة قوة الطبيعة التي اسمها ترامب. بعد احداث الاسبوع الماضي، فمن الواضح انه يريد انتهاء هذه القصة، ولتذهب التفاصيل الى الجحيم. هكذا عدنا الى لعبة الاتهامات المعروفة من المفاوضات حول صفقات سابقة خلال الحرب. سواء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو رؤساء حماس، يحذرون من ان لا يظهروا امام ترامب كمن افشلوا الاتفاق.

اول امس الجمعة بعد الظهر نشر الرئيس الامريكي انذار آخر لحماس، في اطاره طلب رد ايجابي على اقتراحه حتى مساء يوم الاحد حسب توقيت اسرائيل، وهدد مرة اخرى بفتح باب جهنم على غزة اذا تم رفضه. حماس لم تنتظر، بل سارعت الى الرد خلال بضع ساعات. وكما هو متوقع فان هذا كان “نعم ولكن” – بيان ايجابي لكنه مليء بالتحفظات التي تحمل دلالات على اقتراح ترامب. لقد ارسلت لحماس في هذه الاثناء رسالة امريكية بواسطة القطريين: صيغة بعض البنود في الخطة ما زالت مفتوحة للمفاوضات، شريطة التقدم. في الغد يتوقع استئناف المحادثات غير المباشرة بواسطة الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة في القاهرة.

ترامب رحب على الفور برد حماس واعلن انه فتحت الطريق لاتفاق ومنع نتنياهو من مواصلة الهجمات في غزة. ورئيس الاركان ايال زمير تلقى في ساعات المساء المتاخرة توجيه صريح من المستوى السياسي، وبالاساس من الامريكيين: نشاطات الجيش الاسرائيلي في القطاع ستقلص الى الحد الادنى وان القوات ستركز على الدفاع. لفترة ما يمكن أن تتطور هنا مشكلة عملية. فقوات الجيش الاسرائيلي توجد عميقا في احياء غزة ويمكن ان تكون مكشوفة للضرب.

هذه ليست نهاية القصة بالطبع. في رد حماس توجد ثقوب لا تقل عما هو موجود في الاقتراح الاصلي لادارة ترامب. حماس في الواقع اعلنت عن استعدادها لاطلاق سراح جميع المخطوفين، لكنها لم تتعهد بفعل ذلك في غضون 72 ساعة كما طلبت الولايات المتحدة، بل دعت الى اجراء مفاوضات حول التفاصيل. وهي ايضا لم تعلن عن موافقة صريحة لنزع سلاحها، وهي في الواقع مستعدة لنقل السلطة في القطاع الى جهة اخرى، لكنها تتحدث عن هيئة فلسطينية وليس عن جهاز سيطرة عربي – دولي، كما اقترح الامريكيون.

بعد الانتقاد الذي وجه لنتنياهو في الفترة الاخيرة ازاء اتفاق الدفاع بين الولايات المتحدة وقطر – نتيجة اخرى للقرار العبقري لقصف طاقم مفاوضات حماس في الدوحة –  بدأت كالعادة حملة مضادة من الابواق التي استهدفت توضيح ان كل شيء في الواقع يتقدم حسب الخطة. نتنياهو وترامب، كما قيل، ينسقان معا كل شيء وفي القريب ستتبين مرة اخرى عظمة رئيس الحكومة عندما سيصادق الامريكيون له على ارسال الجيش الاسرائيلي للهجوم الاخير على كتائب حماس في مدينة غزة.

سياسيا نتنياهو يفضل كما يبدو استمرار الحرب. ومن الافضل بالنسبة له ان ترتكب حماس خطأ والجيش الاسرائيلي يمكنه استئناف الحرب الخالدة في قطاع غزة بدون ان يطلب منه اطلاق سراح مئات القتلة الفلسطينيين من السجون وتعريض للخطر تحالفه مع احزاب اليمين المسيحاني. في كل مفترقات الطرق السابقة نجح نتنياهو في اقناع ترامب بالسير معه، لكن ربما في هذه المرة، رغم تهديد حماس، فان الرئيس بدأ يتشكك في احتمال ان اسرائيل يمكنها تحقيق نصر عسكري سريع في غزة.

اذا كان ترامب حقا يصمم على التوصل الى اتفاق، وسيواصل وبحق استخدام ضغط شديد، فان نتنياهو يمكن ان يجد نفسه للمرة الاولى داخل مأزق – التي في نهايتها توجد صفقة وعودة المخطوفين وانهاء الحرب. لاول مرة منذ كانون الثاني يوجد زخم ايجابي نحو اتفاق محتمل. والفضل في ذلك يعود بشكل كبير الى تصريحات الرئيس الحازم. وخروج مئات آلاف الاسرائيليين الى الشوارع مساء أمس سيعزز موقفه. ترامب كما تبين من تصريحاته في يوم الاثنين الماضي يتأثر جدا بأي بادرة كهذه.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى