يديعوت احرونوت: حالم الدولة الفلسطينية

يديعوت احرونوت 26/9/2025، سيما كدمون: حالم الدولة الفلسطينية
لا حاجة لان يحل المرء بين جوانب عقل نتنياهو كي يخمن ما سيقوله اليوم، الجمعة، في خطابه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. فبعد الانجراف الذي وقع في بداية الأسبوع باعتراف دولي بدولة فلسطينية، “انجاز” سياسي آخر لنتنياهو حين سيعنى مركز ثقل خطاب في هذا الموضوع، في ظل الاتهامات بالجائزة التي أعطيت لحماس.
غني عن القول انه بعد فترة طويلة كادت فيها فكرة الدولة الفلسطينية تهجر نجح نتنياهو بكفاءته بان يعيدها الى رأس جدول الاعمال. لئن كان احد ما يدين له الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته، فهو نتنياهو. بنيامين نتنياهو، حالم الدولة الفلسطينية المستقلة. ان إمكانية إقامة دولة كهذه ستكون الايران الجديدة لخطابه، رغم أنه لا توجد حالة لا يظهر فيها العدو، ذاك الذي بنى نتنياهو حوله حياته المهنية في احدى المعارك من على منصة الأمم المتحدة كمن يقود محور الشر في ظل التشديد على أن ينسب لنفسه الحظوة على قراره مهاجمته مضاف الى ذلك المدائح واللعق بمساهمة الرئيس ترامب بنجاح الحملة. نتنياهو سيتحدث، وكثيرا، عن ازدواجية معايير الأمم المتحدة. فهذا هو نهجه: ان يقف على المنصة بخلفيتها الخضراء والبشعة والحديث عن السياسة ذات المعايير المزدوجة ضد دولة إسرائيل، فيما يموضع نفسه كدرعها البشري.
أن يتحدث هو ما يعرفه. انجليزيته تترك دوما انطباعا قويا على سامعيه. المكانة السياسية المتدنية التي وصلت اليها إسرائيل، درك اسفل له نشهد له مثيل، لن يذكر هناك. وحدها النجاحات والإنجازات امام عالم مزدوج الاخلاق ولا سام. السؤال هو كم سيؤثر هذا على دول العالم (التي معظم ممثليها، مثلما هو الحال دوما، سيكونوا غادروا المدينة)، أولئك الذين يتابعون ما يجري في في غزة، الصور التي لا تراها إسرائيل ولا تريد أن تراها.
لان الخطاب سيكون قبل لقائه مع الرئيس الأمريكي فيمكن التخمين بان نتنياهو لن يطلق إعلانات عن سيادة إسرائيلية، بل سينتظر الى أن يفهم من ترامب ما هو مجال مناورته. كما أنه عن التسوية الأمنية مع سوريا، يبدو أن نتنياهو لن يتحدث الا بكلمات عامة تستهدف أساسا آذان مواطني إسرائيل، الذين ينظرون بعيون تعبة الى اتساع وتعاظم العزلة الدولية التي فرضت عليهم. نتنياهو لن يفوت فرصة ذكر مثل هذا الترتيب: ها هو العالم المتنور وان كان يعزلنا، يقاطعنا، يدير لنا ظهر المجن، لكن انظروا توجد لنا سوريا الشرع الذي كان منذ زمن غير بعيد الجولاني، الرجل الذي بدأ طريقه في منظمة القاعدة، اصبح جهادي وزعيم إسلامي سني، على سريره تسجل ضحايا مذبحة الحلويين ومذبحة الدروز. فلماذا نشكو – رأيتم أي استقبال محترم كان بانتظار هذا القاتل في الأمم المتحدة، حين وصل كنجم غناء شعبي في بدلة، فيما يتدفق زعماء العالم بجموعهم كي يصافحوه.
الاتصالات مع سوريا ستتواصل تماما حتى لقاء نتنياهو مع ترامب، الذي كما علمنا الأسبوع الماضي – يعمل على اتفاق وقف نار في غزة. وحسب ما نشر، فان تفاصيل التسوية تأتي تحت عنوان قرارات الكابنت وتتضمن شطب حكم حماس ونزع سلاحها، انسحاب تدريجي لإسرائيل من القطاع، دخول دول عربية معتدلة للسيطرة في غزة واعمارها وتحرير المخطوفين. ليس واضحا ماذا سيكون عليه موقف إسرائيل من الانسحاب من كل أراضي قطاع غزة وماذا سيكون مصير صخرة وجودنا، محور فيلادلفيا والحزام الفاصل. ترامب لا يسارع للدخول الى التفاصيل، ربما لانه يسارع حقا للخروج منها. لن نسقط من الكرسي اذا اكتشفنا انه في لقائهما القريب بدلا من أن يؤثر ترامب على نتنياهو، سيكون نتنياهو هو من سيؤثر على ترامب. ما ليس واضحا حتى الان من التفاصيل التي نشرت عن التسوية، هو مدى مشاركة السلطة الفلسطينية التي يوجد لها حسب المنشورات “مكان ما” في اليوم التالي.
بعد نحو سنتين من مذبحة 7 أكتوبر يمكن القول ان الأهداف تحققت بكاملها. باستثناء ان هذه ليست اهدافنا. ففي هاتين السنتين نجح نتنياهو في تحقيق الرؤيا. باستثناء أن هذه ليس رؤيانا بل رؤيا السنوار.
حين انطلق على الدرب في ذات السبت نحو بلدات الغلاف كانت للسنوار بضع مهام. الأولى قتل اكبر عدد ممكن من اليهود. يخيل أنه اوفى بهذه المهمة فوق المتوقع. ففي الهجمة قتل نحو 1195 مواطنا إسرائيليا واجنبيا بينهم رضع، أطفال، نساء وشيوخ. اختطف المخربون 251 شخصا، معظمهم مدنيون. هكذا بحيث انه اذا كانت المهمة الثانية للسنوار هي هز امن مواطني إسرائيل فقد نجح فيها بكاملها. اليوم أيضا، بعد الحملات الفاخرة في لبنان وايران يمكن القول أن الامن الشخصي لمواطني إسرائيل اهتز تماما ومعه صدعت أيضا للافكار التأسيسية التي تربينا عليها، والتي بموجبها مهما حصل فان الجيش الإسرائيلي سيدافع عنا وإسرائيل ستنقذ الإسرائيليين من كل مكان في العالم يحتاجون فيها اليها.
في هذه الاثناء تبين أن فكرة الدفاع انهارت حين دخل المخربون الى البلدات وفعلوا فيها على مدى ساعات طويلة كما يشاءون وفكرة الإنقاذ كانت اكثر نجاحا حين كان الام يتعلق بمواطنة إسرائيلية – أمريكية اعتقلت في موسكو في الطريق من الهند الى إسرائيل فيما كانت في حقيبها بضعة غرامات من القنب. عندها وصل أبناء عائلة نتنياهو الى موسكو في طائرة كي يعيدوها الى البلاد. في انفاق حماس يذوي منذ سنتين نحو 20 مخطوفا احياء ولا يزال لم يقم احد بفعل كاف وبالتأكيد ليس ما هو ممكن، كي ينقذهم.
حتى الهدف الثالث أيضا حققه السنوار، في جر كل المنطقة الى حرب استنزاف ضد اسرائيل. فما الذي تجتازه إسرائيل اذا لم تكن حربا كهذه؟ حتى مدينة الاستجمام ايلات أصبحت ساحة قتال.
السنوار أراد عزلة اقتصادية لإسرائيل؟ حصل عليها. اعداد اكبر مما نقدر من الشركات التجارية، الزراعية، الاكاديمية، التكنولوجيا العليا تسهد مقاطعات واقصاءات.
السنوار أراد عزلة دولية؟ حصل عليها مضاعفة. فمن كان يصدق انه بعد الحرب الأكثر عدالة التي كانت هنا تصل إسرائيل الى درك سياسي تصورت فيه 153 دولة للاعتراف بدولة فلسطين.
غني عن القول ان هناك حاجة لكفاءة خاصة، توجد اغلب الظن لدى نتنياهو، ليقلب الجرة على فيها، ويقلب رؤياه لتحقيق رؤيا الفلسطينيين. ان يكون رئيس حكومة يمين مليء – مليء، من جانبه، بسببه، بفضله، ستقوم الدولة الفلسطينية المستقلة.