معاريف: السلوك الفاشل لحكومة نتنياهو يساعد على اقامة الدولة الفلسطينية

معاريف 25/9/2025، يوسي هدار: السلوك الفاشل لحكومة نتنياهو يساعد على اقامة الدولة الفلسطينية
على المرء أن يكون “عبقريا” حقيقيا كي يحول يوم كارثتنا في 7 أكتوبر، في اليوم الذي ثبتت فيه مرة أخرى، بما لا يرتقي اليه الشك، نزعة القتل الفلسطينية، الى اعتراف وتأييد من رأي عالمي واسع بدولة فلسطينية. هذه الكارثة، الأكبر التي تقع بالشعب اليهودي منذ المحرقة، كان ينبغي أن تغير أنظمة العالم حين ذبح نحو 1200 رجل وامرأة بوحشية واختطف نحو 250، بعد ان اجتاح مخربو حماس جنوب البلاد بالالاف ولم يكن هناك من ينقذ.
بداية كان يبدو ان الكارثة الجسيمة قضت نهائيا على اعتراف محتمل بالامة المخترعة للفلسطينيين. غير أن الحكومة الأسوأ في تاريخ الدولة اليهودية نجحت في أن تصنع ما لا يصدق. واليوم بعد سنتين من المذبحة، نقف امام حائط محطم، امام تسونامي سياسي تعترف فيه معظم دول العالم، بما في ذلك قوى عظمى كبريطانيا وفرنسا بدولة فلسطينية وامام لاسامية منفلتة العقال تصل الى ذرى جديدة.
لقد خرجت إسرائيل الى حرب لعلها هي الأكثر عدالة منذ قيام الدولة. كانت هذه حرب اللامفر وحماس ضُربت فيها بصدمة على الركبة. غير أنه لم يكن لهذه الحرب منذ البداية أي استراتيجية – لا استراتيجية عسكرية تتمثل بضربة قوية قصيرة وفقا لمفهوم الامن الإسرائيلي، ولا استراتيجية سياسية وخطة مرتبة في موضوع اليوم التالي. بدلا من ذلك تلقينا سلوكا فاشلا من بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الذي فشل في اخفاق 7 أكتوبر نفسه بل وقبل ذلك، حين بادر واتاح نقل ملايين الدولارات الى “حماس هي ذخر”، فقط كي يعزلها عن السلطة الفلسطينية ويمنع تسوية مستقبلية.
لقد دارت حرب غزة كلها بشكل فاشل ومتردد فيما كانت تمدد بلا أي سبب موضوعي، بل فقط لاعتبارات سياسية وشخصية لحكومة سوبر اسبرطة. كان يمكن انهاء الحرب هذه منذ زمن بعيد، وتحرير كل المخطوفين والوصول الى وضع مشابه لذاك الذي وصلنا اليه في لبنان، حيث رغم أنه وقع اتفاق مع ضمانات دولية، تواصل إسرائيل ضرب حزب الله.
غير ان البقاء السياسي لحكومة الشقاق والانقسام، حكومة التصفية الديمقراطية، اهم على ما يبدو من انهاء الحرب ومن استراتيجية سياسية منطقية. لم تكن هذه حربا محسوبة منذ البداية بل حرب التفكير الوحيد الذي بذل فيها كان حول مناورات سياسية خداعية. فالخطوات عديمة المسؤولية من جانب الحكومة تجلب علينا أيضا وحدة الدول العربية وتدهور علاقاتنا مع المحور المعتدل نسبيا لمصر، الأردن والسعودية.
وهكذا، لشدة الأسف، فان السلوك الفاشل لحكومة نتنياهو هو طبق الفضة الذي من شأن الدولة الفلسطينية ان تقدم عليه. من المهم القول بشكل واضح وبالفم المليء انه لئن كان محظورا قبل 7 أكتوبر أن تقام دولة فلسطينية، دولة إرهاب، في قلب هذه البلاد الصغيرة، فان الامر مؤكد باضعاف بعد 7 أكتوبر. ان إقامة دولة فلسطينية ليست محقة أخلاقيا وتاريخيا، وليس صحيحة امنيا. على السلطة الفلسطينية ان تكون في اقصى الأحوال حكم ذاتي في المناطق المأهولة، فيما تضم إسرائيل معظم المنطقة ج مع اقل ما يكون من السكان الفلسطينيين.
السلطة الفلسطينة، لشدة الأسف ليست شريكا سياسيا بل في اقصى الأحوال جهة ينبغي ان تنسق معها ترتيبات امنية. من المهم أن نتذكر بانه في يوم الكارثة الكبيرة في 7 أكتوبر ايدت اغلبية ساحقة في السلطة المذبحة، بل ان زعماء السلطة لم يتكبدوا حتى عناء شجبها، بحيث أن ليس هناك حقا مع من يمكن الحديث. مهم أيضا الاستيعاب بان الفلسطينيين هم عرب هاجروا الى هنا منذ وقت غير بعيد، ومن يبحث عن دولة عربية يمكنه ان يجد 21 دولة كهذه في ارجاء الشرق الأوسط. حتى في المعارضة يعارضون هذه الفكرة، او يتحفظون منها.
اما نتنياهو، في فشله الأمني والسياسي المدوي، فيمنح عمليا جائزة للارهاب الاجرامي الفلسطيني. إسرائيل بحاجة ماسة الى قيادة أخرى، تضع الامن في رأس سلم الأولويات وتعرف كيف تناور سياسيا كي تضمن مستقبلها.