يديعوت احرونوت: السلاح الوحيد لدى رئيس الأركان هو الوقت، هو يضطر لان يسير الى الهوة ببطء

يديعوت احرونوت 15/9/2025، ناحوم برنياع: السلاح الوحيد لدى رئيس الأركان هو الوقت، هو يضطر لان يسير الى الهوة ببطء
مؤخرا صدر كتاب بعنوان “جولاني خاصتي” من اصدار “يديعوت للكتب”. فقد شجعت الصحافية حن كوتس 18 قائد لواء من اللواء على اجياله على الحديث. احدى المناجاة اثرت فيّ حتى الدموع. والاهم من ذلك هي انها علمتني فصلا في العلاقات بين المستوى العسكري والمستوى السياسي. ماذا يمكن لضابط في الجيش الإسرائيلي ان يفعل حين يهبط اليه من فوق امر مثير للحفيظة، منقطع عن الواقع، مصدره رئيس الوزراء أو وزير الدفاع. لشدة الأسف الموضوع جد حار هذه الأيام، بعد الغباء في الدوحة، عشية التورط في غزة.
ايلان بيران كان قائد لواء جولاني في الأعوام 1979 – 1981. في الكتاب اختار التركيز على قصته الشخصية في حرب يوم الغفران. كان في حينه مقدما، نائب قائد كتيبة 13. يروي فيقول “كنت ابن 27، ولم اقبل الامرة ابدا”. اليوم الثاني للحرب وجده في قيادة الكتيبة في القنيطرة. في التاسعة صباحا جاء أمر بالانسحاب الى ما وراء نهر الأردن. “قلت لهم كجولاني عادي: الاستحكامات تقاتل. ماذا يعني الانسحاب؟ انصرفوا”. الامر بالانسحاب أصدره وزير الدفاع موشيه دايان، الذي في تلك الأيام اشتكى من خراب البيت الثالث.
“رفضنا الامر”، يروي بيران. من ناحيتي كانت هذه القصة الاصعب في كل الحرب. هناك شعرت بمقطع الامر، انعدام المسؤولية، الغرور الرهيب إياه عشية الحرب. أرسلت سرية القيادة والجنود غير الحيويين الى روش بينا. بقينا 13 مقاتلا في خندق القيادة”.
قبل أسبوعين من الحرب اصطدام بيران في احد الاستحكامات بوزير الدفاع. دايان قال انه يكفي ثمانية مقاتلين للدفاع عن الاستحكام. “ليس اقل من 16″، اصر بيران. دايان رد باستخفاف. “بدأت اكرهه”، يروي بيران. “عندما جاء أمر الانسحاب لم يعد هو قائما من ناحيتي – حتى اليوم.
قائد اللواء، امير دروري، أعطاه اسنادا. من قاتل في حينه في هضبة الجولان كان مقتنعا بانه يحمي طبريا. القتال كان قاسيا جدا، كتيبة مقابل فرقة سورية مدرعة: الكثير من قصص البطولة المؤثرة؛ الكثير من القتلى. في اليوم الخامس للحرب صد السوريون وبدأ الاختراق. الكتيبة واصلت القتال.
“حرب يوم الغفران هي صدمة حياتي”، يروي بيران.
المعاضل التي يتصدى لها اليوم رئيس الأركان وجنرالات هيئة الأركان لا تقل دراماتيكية عن معضلة بيران في 1973. واضح أن القرار بالتوجه الان الى حملة السقوط في قطر جاء من نتنياهو، وليس من الجيش. زمير أعرب عن معارضته للتوقيت. في نهاية الأسبوع سألت رئيس أركان سابق هل كان يمكن لزمير أن يفعل اكثر – ان يضرب على الطاولة، يشرح الاثمان التي من شأن إسرائيل أن تدفعها أيضا واساسا اذا كانت العملية ستنجح. قال لي ان هذا ما يمكن لرئيس الأركان أن يفعله في مثل هذه الظروف.
يحتمل أن يكون محقا. لكن التباهي على الملأ بهذا الفشل الذريع كان سيكون عملا متسرعا. في الجيش يعرفون جيدا بان الهدف الحقيقي للحملة، الهدف الذي تحقق، كان عرقلة صفقة المخطوفين. حتى ترامب يفهم هذا. على الرغم من ذلك، في الجيش يحرصون على التغطية بالمخطوفين: من اجلهم فقط طارت الطائرات بعيدا حتى 2500 كيلو متر عن حدود الدولة. يا له من مريح يا له من كاذب. الدوحة هي اللعبة المسبقة قبيل احتلال مدينة غزة. القصة في غزة اكثر تعقيدا؛ السخافة صارخة اقل. لكنها أيضا اكثر خطرا واكثر ثمنا. في هذا الموضوع أيضا السلاح الوحيد لدى رئيس الأركان هو الوقت. فهو يضطر لان يسير بعينين مفتوحتين الى الهوة لكنه يصر على السير ببطء. وفي هذه الاثناء تصبح إسرائيل منبوذة العالم، كريهة اكثر من روسيا، ملعونة اكثر من ايران. حتى اوربان الهنغاري يهجرنا. والمخطوفون يذوون في الانفاق.
ليس لدي توقعات من نتنياهو. هو يعيش في داخل عالم مصالحه الخاصة، اناني وهدام؛ ليس لدي توقعات من وزرائه، الذين قلة منهم مسيحانيون ومعظمهم بعوضات. لكني أتساءل لاعرف اين الجنرال، قائد الفرقة، قائد اللواء، قائد الكتيبة، الطيار الذي يقول حتى هنا. يخيل أن أطول حروب إسرائيل – أطول لان هذا ما يريده رجل واحد – انهكت لابسي البزات ليس بينهم ايلي جيفع ولا حتى ايلان بيران. في هذه الاثناء لا احد.
في الموضوع ذاته – العلاقات بين المستوى العسكري والمستوى السياسي – بودي أن اضيف ملاحظة هامشية. في اثناء الاستجواب المضاد لنتنياهو، في الأسبوع الماضي، في رد على سؤال عن اجتهاده لاجل ارنون ميلتشن أشار الى أن ميلتشن ليس الوحيد: عندما اشتبه مصدر في الإدارة الامريكية باللواء إسرائيل زيف دون ذنب اقترفه في أنه عقد صفقات غير شرعية في افريقيا، توجه نتنياهو وساعد.
المشُبه لا يشبه المشُبه به: مع ميلتشن كانت لنتنياهو علاقات خذ واعطِ؛ من اجل زيف هو عمل في اطار منصبه. لكن النائبة تالي غوتليف سارعت لان تصعد الى منصة الكنيست لتصرخ: “اللواء إسرائيل زيف، رئيس الوزراء بنفسه، يا لك من ناكر للجميل” .
فليعرف كل جنرال في الجيش الإسرائيلي: اذا تجرأ على أن ينتقد رئيس الوزراء، فان رئيس الوزراء سيبعث له بالسيدة غوتليف. لا غرو أن الجنرالات يفضلون الصمت.