هآرتس: حلفاء الولايات المتحدة يرون في إسرائيل تهديدا ويطالبون بضمانات

هآرتس 14/9/2025، تسفي برئيل: حلفاء الولايات المتحدة يرون في إسرائيل تهديدا ويطالبون بضمانات
للمرة الثالثة في غضون سنتين يعقد في الدوحة عاصمة قطر مؤتمر قمة عربية اسلامية طاريء، التي يتم تاطيرها كتضامن اقليمي مع الدولة المستضيفة التي هاجمتها اسرائيل. غزة في الواقع ستكون في الصدارة في القمة، لكن فقط كلاعبة ثانوية في عرض استهدف دعوة واشنطن الى وقف تهديد اسرائيل. الهجوم في قطر اوضح لجاراتها ولدول المنطقة بان صفقة التبادل والمعركة ضد حماس واحتلال القطاع تضع هذه الدول امام تهديد ملموس، وحتى مكانتها كحليفة للولايات المتحدة لا تحميها من هذا الخطر.
في الاحاطات التي اجروها مع وسائل الاعلام العربية الكبيرة، بالاساس القطرية والمصرية، طرحت مرة اخرى افكار عملية، مثل قطع العلاقات مع اسرائيل أو خفض مستوى التمثيل السياسي للدول التي توجد لها معها علاقات دبلوماسية، وفرض عقوبات اقتصادية أو تشكيل “لجنة عمل خاصة”، تعمل ضدها على المستوى السياسي والقانوني. من قدموا هذه الاحاطات قاموا باحياء فكرة تشكيل قوة عربية متعددة الجنسيات للدفاع عن دول المنطقة من الهجمات الاجنبية، أي الاسرائيلية. القمم السابقة، الاولى في تشرين الثاني 2023 والثانية بعد سنة تقريبا، نتج عنها بيانات توصية متعددة البنود.
الفيتو الامريكي مضمون
من الواضح انه في هذه المرة ايضا يجب عدم توقع اكثر من خطابات نارية، وتنديد باسرائيل والتعبير عن دعم “الشقيقة” قطر التي انتهكت سيادتها من قبل سلاح الجو الاسرائيلي. ولكن يجب ذكر انه احيانا يوجد لمثل هذه اللقاءات ايضا نتائج. القمة التي عقدت في السنة الماضي مثلا، نتجت عنها لجنة فرعية صغيرة برئاسة السعودية، التي قادت بتصميم ونجاح المبادرة للاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية. هذه الجهود وصلت الى ذروتها في نهاية الاسبوع بالقرار الجارف للجمعية العمومية للامم المتحدة وهو تبني حل الدولتين.
اسرائيل ما زال يمكنها الاعتماد على الفيتو الامريكي في مجلس الامن، الذي سيمنع اقامة الدولة الفلسطينية، وسيضم قرار الجمعية العمومية الى قرارات تصريحية واعلانية اخرى، التي تراكم عليها الغبار في الادراج. ولكن لا يمكن تجاهل المشاعر الدولية التي تعززت في الاشهر الاخيرة. قرار الجمعية العمومية ليس فقط بادرة حسن نية اخرى تستهدف تغليف بالتضامن “القضية الفلسطينية”؛ حل الدولتين يعتبر الآن خطوة عملية تستهدف انهاء الحرب في غزة؛ ووقف طموح اسرائيل لاحتلال القطاع وضم الضفة الغربية وتحديد مجال العمل العسكري لاسرائيل في المنطقة. هذه استمرارية مباشرة للعقوبات الرسمية التي فرضتها المانيا، النرويج، اسبانيا وبريطانيا، واستمرارية للقطيعة التجارية بين اسرائيل وتركيا، والمقاطعة “الرمادية” للنشاطات الاكاديمية والثقافية الاسرائيلية، التي تطبقها دول ومنظمات كثيرة.
في حين ان الدول الغربية تتخذ خطوات ضد اسرائيل، فانه بالتحديد الدول العربية التي وقعت على اتفاقات سلام معها، تمتنع حتى الآن عن المس الحقيقي بمنظومة العلاقات الهشة. مصر، التي لم تقم بارسال سفير الى اسرائيل ورفضت قبول اوراق اعتماد سفير اسرائيل اوري روتمان (سابقته اميرة اورون انهت عملها قبل سنة تقريبا)، تهدد في الواقع بانه “سيكون لهجوم اسرائيل على مصر نتائج خطيرة”. ولكنها لا تتحدث بمفاهيم قطع العلاقات او الغاء اتفاق كامب ديفيد. بالتحديد بنيامين نتنياهو هو الذي يهدد بـ “اعادة فحص” صفقة الغاز الضخمة التي تم التوقيع عليها في شهر آب بين شركة الغاز الاسرائيلية ومصر، وجهات اسرائيلية رفيعة تواصل باستمرار التحدث عن التهديد الذي يشكله تكثيف التشكيلة العسكرية لمصر في شبه جزيرة سيناء، رغم أن الجيش الاسرائيلي اكد على انه لا يوجد أي تغيير، وأن أي تحريك للقوات يتم بالتنسيق بين الدولتين.
حسب مصادر اسرائيلية ومصدر مصري فان التنسيق العسكري بين الدولتين يستمر مثلما في السابق، وحتى أن القاهرة اعلنت بانها ستواصل العمل كوسيط في صفقة تحرير المخطوفين. هذا لا يعني ان مصر لا تخاف من تنفيذ اسرائيل لتهديدها، فتح معبر رفح، من اجل السماح لمئات آلاف الغزيين بالانتقال الى شبه جزيرة سيناء، أو محاولة اغتيال شخصيات رفيعة في حماس، تعيش في مصر أو تقوم بزيارتها. حسب اقوال المصدر المصري “القاهرة تعمل على الصعيد الدبلوماسي السري، ولا يوجد الآن سيناريو رد عسكري. المعضلة العسكرية الرئيسية في هذه الاثناء ليست كيف تعمل عسكريا ضد اسرائيل، بل كيف تستعد لاحتمالية تدفق مئات آلاف الغزيين الى الاراضي المصرية”.
دولة الامارات ايضا لا تسارع الى التلويح بالمس باتفاقات السلام أو فرض عقوبات اقتصادية مثل الغاء صفقات وتجميد رحلات الطيران من اسرائيل واليها أو منع دخول الاسرائيليين. تفسير دولة الامارات لذلك هو ان العلاقات مع اسرائيل تخدم سكان غزة، حيث ان الامارات والاردن، اللتان تواصلان التنسيق الامني مع اسرائيل هما الدولتان العربيتان الاساسيتان اللتان حصلتا على اذن ادخال المساعدات الانسانية الى القطاع واخراج منه المواطنين الذين يحتاجون للعلاج. أبو ظبي ايضا حصلت من اسرائيل على اذن لمد خط مياه ينقل المياه من محطة تحلية في شبه جزيرة سيناء الى منطقة المواصي، وهكذا يتم تخفيف ازمة المياه الصعبة التي يعاني منها النازحون. طالما انه يوجد تهديد لعلاقاتها مع القدس فانه ينحصر في الوقت الحالي في الحالة التي تقوم فيها اسرائيل بضم الضفة أو مناطق فيها، حيث ان منع الضم كان المبرر الاساسي الذي استندت اليه دولة الامارات من اجل التوقيع على الاتفاق مع اسرائيل.
الريفييرا التي تلاشت
في نفس الوقت دول الخليج تواصل العمل بشكل كثيف على الصعيد الدبلوماسي امام دونالد ترامب، الذي يملك اداة الضغط الناجعة لوقف الحرب ومنع احتلال مدينة غزة. ولكن اذا تمكنت الدول العربية من عزو لنفسها الفضل في انجاز سياسي على شاكلة تبديد فكرة الترانسفير وريفييرا ترامب بضغط منها، فان هجوم اسرائيل في قطر هو الآن قصة اخرى.
قطر ليست سوريا او لبنان او العراق او الاردن، التي سماءها وبرها اصبحت منذ زمن منطقة نيران مفتوحة للنشاطات العسكرية الاسرائيلية، الامريكية، الروسية والتركية. حسب تعريفها هي تعتبر نفسها “حليفة كبيرة للولايات المتحدة التي ليست عضوة في الناتو”، وحتى ان جاراتها في الخليج تنظر اليها كمنافسة، وحتى عدوة – حتى أنها فرضت عليها في 2017 حصار اقتصادي استمر لاربع سنوات، وهي جزء لا يتجزأ من مجلس التعاون الخليجي. ولكونها كذلك فان المس بها يعتبر مس بكل دول الخليج.
هذه الدول لا تنوي شن حرب على اسرائيل، وأي دولة منها، حتى قطر، لم تلمح بنية لي ذراع ترامب بواسطة تجميد تعهدها بالاستثمار في الولايات المتحدة بتريليونات الدولارات. ولكن العرض الذي سيبدأ اليوم في الدوحة لن يركز فقط على قطاع غزة، هو يستهدف ارسال الى الولايات المتحدة رسالة شديدة ويطالبها بالوفاء بالتزاماتها وضمان أمن حلفاءها امام حليفة اخرى، التي وقعت على اتفاقات سلام مع بعضها، لكنها تتصرف كدولة معادية.