يديعوت: خطوة إلى الأمام في استراتيجية “قطع رؤوس القيادات”: مغزى الهجوم في قطر

يديعوت 10/9/2025، رون بن يشاي: خطوة إلى الأمام في استراتيجية “قطع رؤوس القيادات”: مغزى الهجوم في قطر
في عملية “قمة النار” اتخذت إسرائيل خطوةً إلى الأمام في استراتيجية “قطع رؤوس القيادات” لمحور الشر الذي تقوده إيران. الهجوم الجوي على مقر حماس في الدوحة عاصمة قطر كان على ما يبدو يهدف إلى تحقيق هدفين – الأول، إبعاد خليل الحية وربما أيضًا زاهر جبارين من فريق التفاوض التابع لحماس، إذ إنهما يمثلان موقفًا متشددا وغير قابل للتسوية حيال مطالب واشتراطات حماس في المفاوضات طوال الوقت.
مؤخرًا، ووفقًا للتقارير، كانت هناك خلافات بين الحيّة، الذي ينتمي إلى القيادة في غزة وإلى مخطّطي مجزرة 7 أكتوبر، وبين قائد لواء مدينة غزة، عزّ الدين حداد، الشخصية الأرفع داخل القطاع. كان حداد مستعدًا للتنازل في بعض القضايا، وحسب بعض التقارير فقد مال إلى قبول المقترح الأميركي الأخير، في حين عارض الحيّة وجبارين ذلك وطرحا مطالب متشددة. ربما تكون قد نشأت حالة تُجري فيها إسرائيل المفاوضات مباشرةً مع حداد، على غرار حصار بيروت عام 1982، حينها أُديرت مفاوضات (عبر وسطاء) مع ياسر عرفات نفسه – وقد وافق بالفعل، بوساطة أميركية، على الإخلاء.
يُطرح السؤال لماذا ترغب إسرائيل في إدارة المفاوضات مباشرةً مع حداد؟ حسنًا، إنه قيادي رفيع في حماس في القطاع حاليًا، وهو يشعر بالضغط العسكري الآخذ في الازدياد عليه، وهو أيضًا حساس لمعاناة السكان الذين يُضطرون إلى الإخلاء ويتضررون من الهجمات. وذلك بخلاف قيادة حماس في الدوحة، التي تجلس على الأرائك في فنادق مريحة ولا تخضع لأي ضغط.
الهدف الثاني للهجوم غير المألوف في خصائصه هو رغبة القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل في الإيضاحٍ لحماس وللوسطاء أننا لن نتنازل عن مطلب إطلاق سراح الرهائن، ولا عن القضاء على الجناحين العسكري والمدني لحماس من غزة. المقصود هو إثبات أن إسرائيل ستطارد أفراد التنظيم الإرهابي في كل مكان، بما في ذلك في أنحاء العالم، مع المجازفة بالدخول في مواجهات مع أصدقائها مثل الولايات المتحدة، ومع دولة لها علاقات دافئة ووثيقة مع الأميركيين، مثل قطر، من أجل تحقيق هذا الهدف.
يمكن الافتراض أنّ الهجوم جرى تنسيقه مع البيت الأبيض (وإلّا لَكان قد صدر ردّ أيضًا من القاعدة الأميركية في قطر)، وأنّ فريق ترامب نسّق الهجوم مع قطر. لدى القطريين تاريخ من الموافقة على هجمات تُنفَّذ على أراضيهم – آخرها في نهاية عملية “شعب كالاسد”: بعد أن هاجمت طائرات أميركية المنشأة النووية في فوردو، وافقت قطر على أن يهاجم الإيرانيون على أراضيها أكبر قاعدة جوية في الشرق الأوسط، وقد أنذرت الولايات المتحدة مسبقًا. لقد جرى إخلاء القاعدة من الطائرات والأفراد قبل الهجوم، بحيث لم تقع خسائر، ولم يكن الضرر كبيرًا. من المرجّح جدًا أنّ سيناريو مشابه قد وقع هذه المرّة. وقد ردّ القطريون في هذه الأثناء ببيان إدانة لانتهاك القانون الدولي وبفتح تحقيق، ومن المحتمل أن يجمّدوا علاقاتهم مع إسرائيل ومشاركتهم في المفاوضات، لكن من المنطقي أن تُستأنف لاحقًا تدريجيًا.
وفقًا للتقارير، فقد وقع الهجوم عندما جرى جمع قيادة حماس لمناقشة المقترح الأميركي لصفقة الرهائن وإنهاء الحرب، لكن يمكن الافتراض أنّ هذه حرب نفسية – وقد وُجّهت العملية مباشرةً إلى الشخصيات المتصلبة خصوصًا في قيادة التنظيم الإرهابي. يمكن تقدير أنّ حماس ستعلّق المفاوضات لبعض الوقت، وأنها، إلى جانب الغضب القطري، قد يعبّر الأميركيون أيضًا علنًا عن عدم رضاهم عن العملية، وربما ينفون كذلك أنّه كان هناك تنسيق. ومع ذلك، من المرجّح أن تُستأنف المفاوضات لاحقًا، وربما يقودها حينها أشخاص أقل تشددًا من صفوف قيادة حماس – سواء كان حداد نفسه من غزة، أو أشخاص من الصفين الثاني والثالث المقيمين بشكل دائم في تركيا.