هآرتس: “مثل عصابة”: القوات التي تسوي القطاع بالأرض تعمل بلا رقابة

هآرتس – ينيف كوفوفيتش ويهوشع براينر – 3/9/2025 “مثل عصابة”: القوات التي تسوي القطاع بالأرض تعمل بلا رقابة
أنتم ترون في ارجاء قطاع غزة، وتقريبا في كل مكان، مجموعات من الاشخاص وهم يشغلون معدات هندسية ثقيلة من اجل هدف واحد وهو “التدمير”. الحديث لا يدور عن اطار عسكري منظم، بل عن قوة صغيرة تم تشكيلها بمبادرة مستقلة. مواطنون – في معظمهم من المستوطنين – الذين تم تجنيدهم للاحتياط من خلال شركات مقاولة. الهدف: تدمير المباني والانفاق، أو باستخدام الكلمات الشائعة اكثر في اوساط ذوي العلاقة، “تسوية غزة”.
قادة وضباط وجنود احتياط يكتشفون ان طريقة هذه الطواقم لتنفيذ المهمة مفتوحة امامهم بشكل شبه تام: لا توجد عليهم رقابة، وبالتاكيد ليس رقابة كاملة؛ الجيش من غير الواضح له دائما من هم؛ واعضاء الطواقم لا يطبقون تعليمات الأمان، واكثر من مرة عرضوا للخطر حياة الجنود والفلسطينيين غير المسلحين.
هناك طاقم بارز بشكل خاص وهو “قوة أوريا”. هذا الطاقم يضم 10 – 15 من مشغلي المعدات الهندسية وهو موجود في غزة منذ سنة تقريبا في اطر متغيرة، ومؤخرا كان في خانيونس. هناك اسم واحد يتم ذكره بشكل متكرر في هذا السياق وهو بتسلئيل زيني، شقيق المرشح لمنصب رئيس الشباك القادم، الجنرال احتياط دافيد زيني.
“اعضاء قوة اوريا يكشفون عن الانفاق”، قال ضابط في منصب رئيسي في لواء الاحتياط الذي عمل حتى وقت متاخر في غزة. “لكنهم ايضا يسمحون لانفسهم بعمل اشياء اشكالية جدا”. حسب قوله هم ادخلوا جنود قاموا بتوفير الحماية لهم الى الانفاق والمباني التي لم تتم المصادقة عليها حتى الآن من قبل سلاح الهندسة في الفرقة. ايضا احد الجنود، الذي قام في الاشهر الاخيرة بتوفير الحماية لنشاطات القوة، قال انه في بعض الحالات طلب من الجنود التقدم نحو فتحة النفق الذي اكتشف، أو حماية اعمال في مباني ما زال غير معروف اذا كانت توجد فيها عبوات أو مخربين.
احيانا المخاطرة تصبح كارثة. “ابراهام ازولاي، الذي قتل بنار مخرب وصل حتى غرفة قيادة الجرافة التي كان فيها، كان جزء من قوة اوريا”، قال للصحيفة ضابط هندسة في القطاع. هذا حدث قبل شهرين تقريبا في خانيونس. ازولاي (25 سنة) عندما مات، كان مستوطن من يتسهار، وعمل في اعمال التدمير في منطقة في خانيونس.
في الجيش قالوا ان المخربين غير المسلحين نجحوا في الوصول الى الجرافة وسحبوا منها ازولاي واخذوا سلاحه وقتلوه به. ولكن حسب اقوال قائد مطلع على التفاصيل فان القصة مختلفة. “في الجيش الاسرائيلي لم يقولوا الحقيقة حول هذه الحادثة. لا احد يسال حقا كيف يمكن حدوث امر كهذا، ان سائق جرافة يعمل في منطقة لم يتم تطهيرها من المخربين، وأحدهم يصل بدون أي ازعاج الى غرفة قيادة الجرافة. لا احد يبلغ العائلة الى أي درجة كان هذا الفشل ذريع”.
الضباط والجنود في الميدان غير متفاجئين، بالتأكيد ليس من ان القوة عملت في منطقة لم يتم تطهيرها من المخربين. “هم لا يرسلون تقارير عن المكان والعمل الذي طلب منهم تنفيذه – سواء للكتائب أو اللواء أو الفرقة”، هكذا وصف المشكلة احد القادة. “هذا معروف لكل القوات. من غير الواضح من يعرف عن دخول هذه القوة الى ساحة القتال”.
حسب الاوامر يجب الابلاغ عن كل جندي أو قوة أو شخص مدني يدخل الى القطاع. الاسماء يتم نقلها الى القيادة بهدف التاكد من ان كل من دخل سيخرج. هذه القاعدة سارية ويتم تطبيقها على المقاولين الكبار الذين يعملون مع وزارة الدفاع. ولكن فيما يتعلق بالقوات المستقلة، حسب مصادر كثيرة، كل شيء مفتوح. “نحن نفقد الجنود لان المنطقة تتم ادارتها مثل الحي”، قال احدهم. “كل سائق جرافة اصبح مهندس في الميدان، ويقدم استشارته للقادة اذا كان من الصحيح أو لا الدخول الى المباني أو معالجة احد الانفاق. لان الجيش الاسرائيلي يتجاهل هذا الوضع، وحتى انه لا يفحص، فان هذه هي المشكلة، التي ستؤدي الى قتلى آخرين”.
لكن القصة ليس فقط المخاطرة بمن يعملون مع الطاقم أو الجنود الذين يقومون بحمايتهم. مصدر عسكري قال انه في نشاطات قوة اوريا تم استخدام ما يوصف بـ “اجراء المنبر”. وراء هذا الاسم الغامض، قال نفس المصدر، يختفي اجراء آخر معروف اكثر، الذي هو محظور في قوانين الحرب، “اجراء الجار”. “يقومون بالباس معدات وقائية لفلسطيني ويدخلونه الى نفق، تم اكتشافه للتو، من اجل رؤية اذا كانت هناك لقية”، قال المصدر. “الغنائم” باللغة العسكرية هي عبوات، مخربين أو أي شيء يمكن ان يعرض الحياة للخطر.
الحديث لا يدور عن تطور جديد. مثلما كشف في تقرير “هآرتس” في آب الماضي، بل الحديث يدور عن اجراء معروف فيه القوات الميدانية تجند الفلسطينيين مثل كلاب أثر. ذات مرة هذا كان يسمى “اجراء الجار”، قبل حوالي سنة سمي “اجراء البعوض” والان يسمى “اجراء المنبر”. يبدو ان التجديد فقط هو في الاسم.
مثل كتيبة في الميدان
قوة اوريا، مثل الطواقم المستقلة الاخرى، لم تخلق من فراغ. لقد كان عليها طلبات كثيرة. في بداية الحرب كان لكل لواء حوالي 20 جرافة محصنة، جاهزة للعمل، قال مصدر عسكري رفيع في قوات الهندسة في غزة. “الآن لا يوجد لدينا حتى 10 جرافات. ايضا ليس دائما يوجد لها سائقين مهنيين”. لذلك، حسب قوله، الآن كل قائد لواء أو قائد كتيبة، يريد التقدم في القتال، ياخذ القوات الى الامام – هو يتصرف معهم بدون ان يقدم أي حساب للفرقة او انتظار احضار المعدات له. هذا المجال المفتوح هو ايضا مدخل للمشاكل. “هذه القوات”، يؤكد نفس المصدر. “تنتقل من مكان الى آخر بدون ان يعرف ضابط الهندسة في الفرقة عنها، وهم ايضا غير ملزمين تجاه القادة المسؤولين في الميدان”.
الجيش الاسرائيلي يستخدم في القطاع جهات مدنية لاعمال الهندسة على صورتين. المجموعة الاولى تشمل شركات مقاولة للاعمال الترابية، التي تنفذ اعمال بنى تحتية كبيرة مثل شق الشوارع، هدم المباني واكتشاف الانفاق. المسؤولون في هذه الشركات معروفين في وزارة الدفاع كمقاولين مرخصين، ويتم توقيع عقد معهم حسب العمل المطلوب. وهم ايضا يعملون مع القائد أو الضابط المسؤول عن الفرقة، بمعرفة القوات على الارض وحسب الخطة العملياتية للجيش الاسرائيلي. ولكن حالة قوة اوريا وحالة الطواقم المستقلة الاخرى مختلفة. حسب قول المصدر فان الحديث هنا يدور عن قوات التي الاعضاء فيها مجندون في مجموعات عبر الشبكات الاجتماعية، وبالاساس من المستوطنات، وبعضهم اعضاء بارزين في اليمين المتطرف في المناطق. مثال على طاقم كهذا هو تساما بلدوت، الذي نشاطاته تم الكشف عنها في “هآرتس” في كانون الاول السنة الماضية. هذا الطاقم كان برئاسة العقيد احتياط غولان فاخ، شقيق قائد الفرقة 252 يهودا فاخ. في طاقم غولان اوضح في حينه ضابط كبير في قيادة الفرقة، “كان جنود ومدنيون يظهرون مثل فتيان التلال”. وحسب قوله “كل هدف هذه القوة هو تدمير غزة وتسويتها”.
من الشهادات التي وصلت الى “هآرتس” يبدو أنه لم يتغير أي شيء. ربما فقط احتياج الجيش الى قوة تساعده على تحقيق اهدافه التي ازدادت. “لا يوجد للجيش الاسرائيلي ما يكفي من القوات والمعدات لتنفيذ المهمات المطلوبة. وشركات المقاولة الكبيرة تاتي مع معدات نوعية ومهنيين يعرفون العمل”، قال ضابط سابق في جهاز الهندسة في القطاع. “المشكلة في قوة اوريا هي ان هؤلاء ليسوا بالضرورة اشخاص لهم خبرة في العمل. هم لا ينتمون الى أي اطار، وهذا احيانا يكون مثل كتيبة في الميدان. نحن نعرف بشكل جيد هذا الوضع ونعرف انه غير صحيح، لكن الجميع يفضلون تجاهل ذلك”.
مع وجود ادعاء انه يوجد نقص في قوات الهندسة في الميدان، فانه لا يوجد كثيرين مستعدين للجدال. “لا يوجد ما يكفي، لا تعبر عن الحقيقة”، كما قال احد القادة. “الامر الذي يرهقنا هو فتح طريق بجرافة صغيرة وتنظيفها من الحطام وبقايا شاحنات الاغاثة. تعيين آلاف المشغلين لهذه الآليات هو عبء كبير. والتنسيق لجلبها عند وجود شيء ما، ثم الجدال اكثر عندما يقولون لك بان كتيبة اخرى بحاجة اليها”. هنا ياتي دور الفرق المدنية التي لا تكتفي بالاسهام، بل هي تتوق الى هذا العمل بالفعل. هذا ليس مجرد اغراء ايديولوجي، كما يتبين من مراجعة اعلان وظيفة نشره مؤخرا احد المقاولين المهتمين بالموضوع. الاعلان كتب فيه “الحاجة الى حفار بوزن 40 طن، ومشغل ايضا، من اجل العمل في انقاض قطاع غزة. العمل من السابعة صباحا وحتى الرابعة والنصف بعد الظهر. الراتب هو ستة آلاف شيكل ليوم العمل والديزل على نفقة الجيش الاسرائيلي”. راتب مثالي لعمل ميداني.
رقم الهاتف في الاعلان هو لشخص من موشاف نفيه في جنوب البلاد. “هآرتس” توجهت اليه وسالته كيف يقوم بتجنيد رجال الاحتياط وكيف تعمل القوة. ولكن رفض الرد على الاسئلة.
محاولات لابعادهم
بتسلئيل زيني هو شخص غير معروف. خلافا لشقيقه دافيد زيني وشقيقة زوجته، التي نشر في “هآرتس” مؤخرا انها في كتابها كتبت “تدمير البيوت في غزة هو امر الهي”، لا يوجد لبتسلئيل زيني تقريبا أي ذكر في الاعلام أو في الشبكات الاجتماعية. هو ابن 50 سنة ويمتلك شركة باسم “بتسلئيل زيني للمشاريع، المساهمة المحدودة”، التي عنوانها هو نفس مكان سكنه في عوفرا. في تفاصيل الشركة ذكر ان اساس عملها هو الاستخراج والنقل. قبل شهرين تقريبا تم طرح اسمه في منشور في الفيس بوك لمراسل “هآرتس”، اوري مسغاف، حيث تم ذكره هناك كشخص رئيسي في قوة اوريا. ردا على ذلك قالوا في مكتب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بانه تبين ان زيني الاخ لا يعتبر جزء من هذه القوة وهو لا يعتبر رجل احتياط نشط. ماذا بالنسبة لقوة اوريا؟ في الجيش قالوا ان الامر يتعلق بشركة مقاولات يتم تشغيلها من قبل وزارة الدفاع.
لكن بعد كتابة هذا المقال وصلت لـ “هآرتس” شهادات اخرى عن قوة اوريا وعن مشاركة بتسلئيل زيني فيها. عندها اراد مكتب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي توضيح الامور. في البداية قالوا ان زيني يترأس قوة اوريا، لكنهم واصلوا الادعاء بان الامر يتعلق بشركة مقاولات بمسؤولية وزارة الدفاع. بعد ذلك قاموا بتصحيح اقوالهم وقالوا “قوة اوريا هي قوة من جنود الاحتياط، من عدة وحدات، الذين يشغلون معدات هندسية من نوع الحفارات. وحتى انهم اكدوا على ان قوة اوريا غير مرتبطة بشركات المقاولة التي تعمل في القطاع.
ولكن من محادثات “هآرتس” مع قادة في الميدان، يبدو انهم يرون الامور بصورة مختلفة. مصدر عسكري مطلع قال ان قوة اوريا “تحاول الدخول مع عدد غير قليل من الكتائب الى غزة بدون مهمة. وغير واضح ما الذي يبحثون عنه هناك”. حسب قول المصدر مؤخرا صدر امر في عدة قيادات بأنه اذا طلب رجال قوة اوريا الدخول الى القطاع فانه لا يجب السماح لهم بذلك. باستثناء “في حالة ان اللواء يعرف ويصادق على النشاطات”. من اقوال المصدر يتبين أن هذا غير شائع: “لا احد متحمس لتشغيلهم، وقد حاولوا ابعادهم عن قطاعنا”.
ضابط هندسة في وظيفة رئيسية في القطاع اكد على روحية هذه الاقوال في محادثة مع “هآرتس”. “ليس سرا انهم في قيادة المنطقة الجنوبية كانوا يريدون ايجاد حل افضل. الآن وصلت جرافات جديدة الى اسرائيل، لكن الى حين أن يتم تصفيحها واعدادها للدخول الى القتال فان هذا الامر سيستغرق وقت. الا انهم يغضون النظر لانه لا يوجد أي بديل”.
وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي: “قوة اوريا هي قوة لجنود من الاحتياط من عدة وحدات، الذين يشغلون معدات هندسية مثل الحفارات والجرافات في جنوب القطاع. الحديث يدور عن قوة عسكرية منظمة، غير مرتبطة بشركات المقاولات التي تعمل في القطاع. القوة تعمل في فرقة غزة وبالتعاون مع الويتها ووحداتها، وهدفها هو المساعدة في نشاطات القوات وتنظيم الفضاء. وهي تتكون من رجال احتياط من كل شرائح المجتمع الاسرائيلي الذين يعرضون حياتهم للخطر ويخدمون حوالي 600 يوم في الاحتياط من اجل تحقيق اهداف الحرب. أي ادعاء بان الامر يتعلق بقوة غير منظمة، تعمل بصورة تعرض حياة الجنود للخطر، هو ادعاء لا اساس له. بتسلئيل زيني يخدم في الاحتياط كمسؤول عن الغلاف اللوجستي للجنود في القوة – يهتم بادخال الطعام والاحتياجات المطلوبة.
نحن نؤكد على انه لا يشغل المعدات بنفسه، ولا يخدم في منصب قيادي في القوة ولا يقرر بشان نشاطات الجنود، التي يتم تحديدها بتوجيه من الفرقة وطبقا لطلب قادة الوحدة المرتبطين بهم.