أقلام وأراء

نواف الزرو: عن هول الإبادة وضرورة تفككيك المافيا الصهيونية والخطيئة التي لن يغفرها التاريخ!

نواف الزرو 3-9-2025: عن هول الإبادة وضرورة تفككيك المافيا الصهيونية والخطيئة التي لن يغفرها التاريخ!

وفق شتى المقاييس والمعايير والمواثيق والقوانين والقرارات والاخلاقيات الاممية والبشرية العريضة، فإن ما تقترفه دولة وآلة الحرب الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، وامتدادا الى الضفة الغربية يتجاوز كل هذه المرجعيات، بل يطيح بها بقسوة لا مثيل لها، طافحة بروح العنصرية الفاشية والاستخفاف والاحتقار لكافة معايير وقيم المواثيق الاممية.

فالذي تقترفه آلة الحرب الصهيونية من تهديم شامل مرعب للبنية التحتية المدنية الفلسطينية ومن مجازر دموية جماعية وفردية مروعة تشمل الرضيع قبل امه و الصغير قبل الكبير.. وما تقترفه من جرائم حرب واسعة شاملة لم تترك مجالا من مجالات الحياة الفلسطينية الا والحقت به الخراب والدمار، ليس له اية علاقة بما يزعم انه “حق الدفاع عن النفس بالنسبة لاسرائيل”، بل هو نهج صهيوني ممتد من هرتسل حتى نتنياهو و غالانت وسموترتش وزامير وغيرهم.

لماذا هي الأفظع؟ ليس بسبب عدد الضحايا، فهناك الكثير الكثير من الإبادات الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي يفوق عدد ضحاياها بكثير عدد ضحايا غزة، وإنما هي الأفظع كونها أول مذبحة في التاريخ تنفَّذ منذ نحو عامين كاملين، يوماً بعد يوم، وعلى مدار الساعة والدقيقة والثانية، في بث حي مباشر مجبول بالدم وغير مسبوق، وهي الأفظع، لأن الجاني لم يخفِ نية الإبادة، وإنما كان، ويا للغرابة، يتفاخر بذلك علناً (وإن سمّاها غير ذلك بالطبع).

كما أنها هي الأفظع، لأن قادة الدول الذين يتنكرون بزي وشعارات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، وعلى رأسهم قادة الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية، لم يكتفوا بالصمت، كما حدث على سبيل المثال في رواندا وميانمار وسيربرينتشا، بل كانوا مشاركين فيها بشكل مباشر، إذ زودوا القاتل بسكاكين الذبح بعدما شحذوها وأردفوها بتبني سردية الجلاد.

وهي الأفظع بسبب كون معظم الضحايا من النساء والأطفال، من دون أي حجة أو مبرر، من قبيل أنهم دروع بشرية، أو أن ذلك استجابة لضرورات عسكرية، فمقاتلو غزة هم من أوائل المقاتلين في التاريخ الذين يخوضون المعركة من تحت الأرض.

وهي الأفظع لأن الحكام لم يرتقوا إلى مرتبة الجواميس التي تخفُّ لنجدة ضعيفها الذي سقط فريسة الضباع والأسود.

وهي الأفظع، لأن القتل تزاوج مع التجويع والتعطيش والحرمان من الطاقة والحاجات الضرورية والأساسية، وعلى رأسها الخدمات الطبية.

وهي الأفظع لأنهم دمروا، بشكل كلي أو شبه كلي، الجامعات والمدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات وبيوت الناس والحدائق والمقابر ومحطات الكهرباء. لا يوجد في التاريخ بلد تم تدميره على هذا النحو بالأسلحة التقليدية.

وهي الأفظع لأنهم أبادوا عائلات بأكملها وطواقم طبية وصحافية وأكاديمية.

كل ما سبق شاهده وعاينه بالصوت والصورة وعلى مدار الساعة، قضاة محكمة العدل الدولية، ومع ذلك فإنهم لم يتوصلوا إلى حكم قاطع بحدوث جرم الإبادة الجماعية، ولم يطلبوا وقف هذه الإبادة، على الرغم من كل الأدلة. تخيلوا لو أن الهولوكوست -المحرقة المزعومة-كانت تُبث بالطريقة نفسها فهل كانت النتائج مماثلة؟ وهل يمكن أن نفترض أنهم سيطلبون أخذ تدابير موقتة والعودة إلى المحكمة لاحقاً بعد شهر؟! بالتأكيد لا.

فسجل المجازر الصهيونية طويل طويل، ابيدت فيه عائلات فلسطينية كاملة، وواقع المشهد الفلسطيني على ارض القطاع، ان جنرالات الاحتلال تجاوزوا في مجازرهم وجرائمهم حدود وسقوف تلك المجازر والجرائم، واصبحوا يقترفون منها ما يمكن ان نطلق عليه ما بعد الجريمة، واصبحوا”يغطون المجزرة بمجزرة أفظع، ويقابلون شجاعة المقاتلين، بالمزيد من إبادة الأبرياء، وبات الموت فائضاً يتجاوز قدرة من يراقبون من بعيد، على الاحتمال والتماسك، فما بالنا بمن يفيض هذا الموت في مهاجع نومهم، وفي كل موضع من رقعة وجودهم، بل ان المدمنين على الجريمة باتوا لا يعرفون متى يتوقفون”، والمشهد المحارقي مفتوح على اوسع نطاق…!.

والهدف الكبير الاستراتيجي من وراء كل ذلك هو: الاغتيال الاستراتيجي لفلسطين اولا …

والهدف الاستراتيجي ايضا هو اغتيال الجغرافيا والتاريخ والحضارة والتراث والحاضر ومقومات بناء المستقبل ايضا…ثانيا….!!!!!.

والذي يقوم باقتراف هذه الجرائم والابادة العرقية ليست دولة سوية طبيعية جزء لا يتجزأ من المنطقة العربية والشرق اوسطية، بل هي دولة مصطنعة اقيمت وفرضت واستمرت وتقوت وتعاظمت تحت دعم ومظلة الاستعمار البريطاني اولا، ثم تحت دعم ومظلة الاستعمار الامريكي ثانيا، الى ان طغت وتجبرت وتمادت واوغلت ليس فقط في مجازرها وجرائمها الشاملة، بل ايضا في سطوها المسلح على فلسطين، وفي نهبها للممتلكات وفي مصادرتها للحقوق العربية المشروعة.

بل لقد غدت تلك الدولة حكما دولة مارقة خارجة على القوانين الدولية والبشرية، ولذلك كله باتت اقرب الى مافيا للجريمة المنظمة والمخططة والمبيتة والمنهجية، ولكنها مافيا بحجم “دولة اسرائيل العظمى” المدججة اولا وقبل كل شيء بالادبيات والخلفيات العنصرية الدموية، والمدججة ثانيا بترسانات لا حصر لها من اسلحة التدمير الشامل.. حتى الانياب النووية؟!

ثم يأتينا الرئيس الامريكي ترامب بعد كل ذلك لـيطالب العالم الغربي حصرا بالاصطفاف خلفه في “دعم حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها”…!

اذن…نحن عمليا في الخلاصة المكثفة المفيدة امام مرحلة انتقلت فيها “اسرائيل” الى مستوى اقتراف جرائم مكثفة افقية وعمودية …جرائم ما بعد جرائم الحرب اذا جاز لنا ان نسميها هكذا …!

ونحن امام مرحلة نواجه فيها اكبر واجرم واخطر “مافيا” على وجه الكرة الارضية ..وهي “مافيا” بحجم دولة اسرائيل”، مافيا لامساحة ولا سقف ولا حدود لجرائمها.. ولا كوابح او روادع لآلتها الحربية الارهابية التي تعيث فسادا وتدميرا وتخريبا شاملا مرعبا اجراميا ..وقتلا بالجملة والمفرق ضد اهلنا في فلسطين .

نعتقد …اننا لو اجرينا استطلاعات للرأي العام العربي والعالمي حول سبل كبح و ردع ومحاسبة هذه “المافيا الارهابية النووية”، لكانت النتائج بالاغلبية الساحقة على الارجح لصالح تفكيك هذه “المافيا – الدولة الارهابية الاخطر في العالم” ولصالح تدفيعها فواتير مجازرها وجرائمها.. ولصالح تقديم قياداتها وجنرالاتها وجنودها لمحاكم مجرمي الحرب في العالم.. ولصالح انصاف الشعب الفلسطيني…!

ولكن…. ما بين رأي وخيارات وارادات وتطلعات الشعوب وسياسات ومواقف الانظمة والحكام تقع الخطيئة التي لا يمكن ان يغفرها التاريخ..؟!.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى