ترجمات عبرية

هآرتس: ايال زمير.. يجب عليك رفض احتلال غزة حتى لو كلفك ذلك منصبك

هآرتس – أوري عراد – 27/8/2025 ايال زمير.. يجب عليك رفض احتلال غزة حتى لو كلفك ذلك منصبك

شيئا فشيئا، بصورة تبدو أنها قدر محتوم لا يمكن منعه، إسرائيل تتقدم نحو ارتكاب جريمة ضد الإنسانية التي لا رجعة عنها. معنى احتلال غزة، الذي تمت المصادقة عليه في الكابنت رغم موقف جهاز الامن، وعلى رأسه رئيس الأركان، هو تدمير من الأساس وتنفيذ لجرائم حرب التي لا يمكن العودة عنها – تجاه المخطوفين وجنود الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين.

أجزاء واسعة في قطاع غزة أصبحت مدمرة وغير صالحة للعيش فيها. يجب فقط الاستماع الى واضعي السياسات والنظر الى ما حدث في رفح – التي دمرت تماما – المشاهد من هناك تذكر بتدمير هيروشيما، من اجل معرفة ماذا سيحدث في غزة. الآن الدمار الشديد الذي تسببت به إسرائيل للقطاع، وقتل عشرات آلاف الأبرياء، بما في ذلك الأطفال، يثير نقاشات قانونية واخلاقية صاخبة. ولكن تدمير مدينة غزة سيكون خطوة بعيدة جدا. ليس عبثا امتنعت إسرائيل عن تدمير مدينة غزة حتى الآن، وليس فقط بسبب خوفها على سلامة المخطوفين الذين ربما يكونون محتجزين في انفاقها. غزة هي عاصمة القطاع الذي يحمل اسمها، ومركز الحياة السياسي والاقتصادي. غزة هي رمز. 

لذلك فان تدمير المدينة سيكون محو لـ “قطاع غزة” ككيان، ولـ “الشعب الفلسطيني في قطاع غزة”. من ناحية رمزية، بدرجة كبيرة أيضا من ناحية عملية، هذه المفاهيم ستفقد معناها. هذه ستكون تدمير لكيان سياسي واقتصادي، لمنطقة جغرافية ستتحول الى منطقة غير صالحة للعيش، ولمجموعة إنسانية ستتفكك، ولاحدى المدن المكتظة في العالم التي ستصبح مخيم لاجئين كبير، بدون قيادة، وبدون صوت يمثل سكانها، وبدون أي حقوق سياسية. بدون الدخول الى المسائل والتفاصيل القانونية الدقيقة فان هذا هو معنى جريمة ضد الإنسانية: تصفية كيان سياسي وثقافي في منطقة جغرافية معينة. 

لو أنه كان يمكن توقع ان مؤسسات الدولة ستوقف كارثة من صنع يد حكومة مجنونة، ولا تهتم بإرادة الشعب، فان الواقع الحزين الذي سيتبين بعد سنتين من الصراع هو أنه لا يمكن الاعتماد على أي منظومة جماهيرية لوقف التدهور. أجهزة القضاء وانفاذ القانون تم اضعافها جدا، وهي تستند الى اقدام واهية، الشرطة أصبحت ذراع يخدم السلطة وليس الجمهور، والمعارضة السياسية مستخذية وليس لها أي تاثير، والشباك في خطر الوقوع في ايدي المسيحانية، ووسائل الاعلام أصبحت متحيونة وهروبية، والقطاع العام وفروعه يتضورون جوعا في افضل الحالات وفاسدين في أسوأ الحالات. 

لذلك فان من يقفون الان بين عملية مخيفة ستوصم وجه إسرائيل الى الابد وبين العودة الى العقلانية هم جهتان. الأولى هي رئيس الأركان، الجنرال ايال زمير، الذي عبر بصورة قاطعة عن معارضته لاحتلال مدينة غزة، وحتى أنه اعتبر هذه العملية شرك مميت يعرض للخطر بشكل واضح المخطوفين. الجهة الثانية هي الجمهور الواسع. 

في الدولة التي ظاهريا ما زالت ديمقراطية، رئيس الأركان ملزم بتنفيذ تعليمات المستوى السياسي. هو ليس من شانه ان يأخذ في الحسبان الأمور السياسية مثل مكانة إسرائيل في العالم، ورأيه عن الحكمة السياسية الموجودة في سير الحرب غير مهم. ولكنه ملزم بفحص اعتبارات عملية وقيمية، واذا كان مقتنع بان ما هو ملقى عليه يخالف بشدة قيمه وقيم الجيش الإسرائيلي؛ واذا كان يعتقد ان الجيش متعب وضعيف بعد سنتي قتال تقريبا؛ واذا كان يعتقد ان الاعتبارات الموجودة وراء تعليمات الاحتلال ليست اعتبارات امنية – فانه يجب عليه رفض العملية. واذا كان معنى الرفض هو اقالته فليكن ذلك. والا فان دماء المخطوفين وجنود الجيش الإسرائيلي الذين سيقتلون ستكون على يديه، وسيتم اتهامه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وستلطخ الكثير من الضباط والجنود بارتكاب جرائم حرب. 

خلافا لعدد من أصدقائي في حركة الاحتجاج، انا لا اخشى من اقالة رئيس الأركان بسبب احتجاجه على تعليمات الحكومة لاحتلال مدينة غزة. اذا وصلت الأمور الى هذا فان ليلة غالنت ستبدو لا شيء مقارنة مع ما سيحدث في الشوارع. العامل الثاني، الجمهور الواسع، في الواقع لا يمسك بمفتاح من يعطي الأوامر، لكن لديه القوة لمنع تنفيذ هذا الامر. ان معارضة حازمة للجمهور، التي سبق وتم التعبير عنها بعدم امتثال متزايد للاحتياط والضغط المتزايد لعائلات جنود الجيش النظامي، من شأنها ان تصعب على الجيش الإسرائيلي تنفيذ الامر. في هذا الوضع فانه حتى الخطر على حياة الجنود سيزداد بسبب العبء الكبير الذي سيلقى على عدد قليل – الامر الذي من شبه المؤكد ان من شانه ان يؤدي الى صعوبة في التركيز، والى حوادث عملياتية والتعرض المتزايد للخطر على يد قوات العصابات لحماس. 

الأغلبية الساحقة في الجمهور تدرك منذ زمن بان الحرب في غزة لا تخدم أي مصالح أمنية، بل هي تخدم مصالح البقاء الشخصي والسياسي ومصالح مسيحانية. عندما تغلغل هذا الادراك في الوعي فانه من غير المرجح أن الجمهور سيصمت على التخلي عن المخطوفين ليموتوا بالتعذيب، والموافقة على توسيع دائرة الثكل واضافة آلاف المتضررين نفسيا وجسديا، والموافقة على الارتفاع الدراماتيكي في عدد المنتحرين، وتنفيذ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، التي ستلطخ سمعة إسرائيل من ناحية أخلاقية وتعزلها عن عائلة الشعوب. 

الجمهور خلافا لرئيس الأركان، مجبر على الاهتمام بكل ثمن لاحتلال غزة وتدميرها. أيضا بمصير المخطوفين وجنود الجيش الإسرائيلي، ولكن أيضا التداعيات السياسية والاقتصادية والأخلاقية لعملية لا يمكن التراجع عنها – وأن يحتج بكل القوة. التداعيات ستكون دراماتيكية، وربما لا يمكن التراجع عنها، سواء على الدولة أو على اليهود أينما وجدوا. إسرائيل ستدان من قبل عائلة الشعوب المتنورة، وستتم معاقبتها من خلال حظر السلاح وفرض عقوبات اقتصادية، وهجرة الادمغة ستتسارع، والسنة لهب اللاسامية ستزداد، ولن يشعر الاسرائيليون واليهود بأنهم في امان في معظم دول العالم، ولن يكون بعيد اليوم الذي ستكون فيه إسرائيل معرضة لخطر وجودي حقيقي.

يوم الاضراب في الأسبوع الماضي اظهر القوة الكبيرة للجمهور، وهكذا أيضا أيام الغضب والتشويش اثناء الاحتجاج على الانقلاب النظامي. المواطنون الذين يتجندون لنشاطات التشويش والمعارضة آخذ في التزايد. يبدو أننا على شفا انعطافة، وجمهور آخذ في التزايد اصبح يدرك حقيقة أنه فقط من خلال قوته يمكن احداث هذا التغيير.

كلما تعاظمت هذه المعارضة ووصلت الى عصيان مدني واسع، هكذا يزداد الامل في أن تنجو إسرائيل في اللحظة الأخيرة من انياب شخص نرجسي، متوحش وعديم الضمير، الذي يسعى الى التحول الى ديكتاتور. ومن أنياب مجموعة حالمة مستعدة لتدمير كل ما بني هنا خلال عشرات السنين فقط من اجل تجسيد طموحاتها المسيحانية. اذا خفنا ولم نكن مستعدين لدفع الثمن الشخصي، النفسي والاقتصادي، المترتب على هذا العصيان، فسنكون شركاء في التضحية بحياة المخطوفين وتوسيع دائرة الثكل وارتكاب جرائم ضد الإنسانية. لن يكون بعيد اليوم الذي سنجد فيه انفسنا في وضع اصعب باضعاف، حتى لو كان يصعب تخيل ذلك.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى