هآرتس: في اليوم الذي يرسم فيه البرغوثي اشارة النصر

هآرتس – ألوف بن – 12/8/2025 في اليوم الذي يرسم فيه البرغوثي اشارة النصر
بنيامين نتنياهو يفكر بالصور: زاوية التصوير، صور النصر، الخرائط والرسوم التوضيحية. واذا كان يتعين علي ان اخمن ما هي الصورة التي تخيفه اكثر من اي شيء اخر وتردعه عن عقد صفقة تبادل شاملة مع حماس لكنت اتخيل صورة القائد الفتحاوي مروان البرغوثي وهو يخرج من السجن ملوحا بإشارة النصر باصابعه ويتحول الى البطل العالمي المناوب.
منذ بداية الحرب اراد نتنياهو تجنب صفقة “الجميع مقابل الجميع”، ونجح حتى الآن في تأجيل النقاش حول تحرير “كبار الاسرى”، قادة الانتفاضة الثانية ومنفذي مذبحة السابع من اكتوبر. زملاؤه في الائتلاف يدعون علنا الى التضحية بالمخطوفين الاسرائيليين اللذين تبقوا في غزةن من اجل تجنب المرحلة النهائية في الصفقة. نتنياهو كعادته يختبئ خلفهم، ويتجنب اصدار تصريحات صريحة وينظر لعائلات المخطوفين كإزعاج. من الواضح انه يخشى من سابقة صفقة شليط في 2011 والذي فيها اطلق نتنياهو من السجن الاسرائيلي سراح يحيى السنوار ومهد طريقه لبناء جيش حماس واعداد الغزو لاسرائيل بعد حوالي 12 عاما.
السنوار كان حينئذ الشخصية القوية في حماس، ولكن فقط قليلون خارج السجن واجهزة المخابرات عرفوا من هو ولهذا فعن اطلاق سراحه لم يترتب عليه ثمنا يضر بصورة نتنياهو. مرت عدة سنوات الى ان اتضحت قوته. بالمقابل البرغوثي والمسجون منذ 23 عاما في اسرائيل بسبب مسؤوليته عن العمليات التي قتل فيها خمسة اسرائيليين هو شخصية مشهورة عالميا – المعادل الفلسطيني لنيلسون مانديلا. في اللحظة التي سيطلق فيها سراحه سيتم اختياره على الفور كممثل للدولة الفلسطينية، والامل الكبير لانهاء الاحتلال الاسرائيلين والتشريد ومشروع الفصل العنصري في الاراضي الفلسطينية.
نتنياهو كرس حياته لاحباط اقامة دولة فلسطين المستقلة ومنذ عودته للسلطة في 2009 نجح بحكمة واحتيال لصد كل الجهود للدفع قدما بـ “حل الدولتين”، وهذه الفكرة خفتت وجفت. الى ان انبعثت من جديد في الاسابيع الاخيرة عندما اشمأزت دول رئيسية في الغرب من الصور المروعة القادمة من غزة وقررت التمرد على الدعم الامريكي المطلق لاسرائيل. الاعتراف بفلسطين تحول الى موضة جديدة على شبيه بالاعتراف الاوروبي بمنظمة التحرير الفلسطينية في سنوات الثمانينيات والتي قاد تدريجيا الى اتفاقات اوسلو.
ولكن كل قصة بحاجة الى بطل، ومحمود عباس يجد صعوبة في لعب هذا الدور، في غياب كاريزما او دعم شعبي. لقد كان ومازال الوريث الرمادي وغير الشعبي لياسر عرفات. ان موجة الاعتراف الحالية بفلسطين، وكما يبدو قمة انجازاته الدبلوماسية وجدته غير مستعدا وغير ذي صلة. البرغوثي يمثل جيل اخر، سجلا مثبتا لزعيم “المقامة” واعتراف دولي وصورة جاهزة لمانديلا الجديد. اذا اطلق صراحه فسيقف فورا كعدو رئيسي لنتنياهو في العالم.
ثمة الكثير من المفارقة في وضع نتنياهو: بدلا من ان يقود القتل والدمار العظيمين اللتين اوقعتهما اسرائيل بغزة الفلسطينيين الى اليأس والخنوع، وتحقيق حلم رئيس الحكومة في تغييبهم من المشهد، فقد اعادوا الى رأس الاجندة اقامة دولتهم المستقلة وهو كابوس حياته السياسية. نتنياهو رد بزيادة المراهنة، ويهدد باستكمال تدمير غزة وطرد سكانها من اجل الا يكون هنالك للدولة الفلسطينية مواطنين. المناورة التي قام بها الجيش الاسرائيلي قبل عدة ايام لسناريو “المداهمة من الشرق” يشير الى نوايا ترانسفير ايضا من الضفة، استمرارا لنشاطات الطرد المحلية لمليشيات المستوطنين. امام الضغط الدولي المتزايد، والتمرد الهادئ في الجيش، من المشكوك فيه ان ينجح نتنياهو في مؤامرة الطرد الجماعي. ولكنه سيواصل احباط الصفقة التي ستطلق من السجن سراح زعيم فلسطين القادم، والثمن سيواصل دفعه المخطوفون المعذبون والمساكين في انفاق حماس.