معاريف: دروس غزة

معاريف – افرايم غانور – 11/8/2025 دروس غزة
الضغوط، الجدالات، المعاضل والتهديدات حول متلازمة غزة هذه الأيام يذكر شيوخ الجيل بانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في 1956، بعد حرب سيناء. في الخمسينيات عندما كان قطاع غزة تحت حكم مصري، تجند الكثير من اللاجئين الفلسطينيين ممن هربوا الى مخيمات اللاجئين التي أقيمت في القطاع للفدائيين، منظمة جماعات إرهاب عملت ضد دولة إسرائيل. خرج الجيش الإسرائيلي الى حملة لاحتلال القطاع بهدف تقويض الإرهاب الغزي بعد أن فشلت الاعمال المضادة له التي نفذتها في غزة في تغيير الواقع. النصر في حرب سيناء كان النصر العسكري الأول لإسرائيل منذ حرب التحرير وقد اثار نشوة ما في شعب إسرائيل. رئيس الوزراء دافيد بن غوريون القى في الكنيست خطاب نصر متبجح لم يكن لطيفا على اذان العالم. وكان الرد الفوري طلب الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي من إسرائيل الانسحاب بلا ابطاء الى خطوط الهدنة التي وقعت في 1949. ونشرت وكالة الانباء السوفياتية نبأ يقول انه في الاتحاد السوفياتي يتجند متطوعون سيخدمون في الجيش المصري، بل ان وحدة بحرية سوفياتية توجد في طريقها الى ميناء الإسكندرية. بالتوازي، في مجلس الامن في الأمم المتحدة اتخذ قرار بأغلبية ساحقة بانسحاب فوري لإسرائيل من قطاع غزة.
بن غوريون الذي يتطلع لان يبقي قطاع غزة في ايدي إسرائيل عمل لدى الإدارة الأمريكية كي يقبل طلب إسرائيل ضم غزة الى أراضيها. أخر خروج الجيش الإسرائيلي من غزة رغم الضغط الشديد الذي مورس على إسرائيل من جانب قوات الأمم المتحدة التي كانت مسؤولة عن تطبيق القرار. في هذه الاثناء، في إسرائيل أثار موضوع الانسحاب احتجاجا كبيرا وثار جدال سياسي وجماهيري في هذا الشأن.
رغم المعارضة في الجمهور والمعارضة في الحكومة وفي الكنيست، نفذ بن غوريون الانسحاب، الذي أعاد قطاع غزة الى ايدي المصريين. بعد عقد تبين ان للاتفاقات والوعود التي قطعتها لإسرائيل الولايات المتحدة، الاتحاد السوفياتي والأمم المتحدة لا يوجد غطاء – في أيار 1967 اغلق الرئيس المصري ناصر مضائق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية وهكذا منع الحركة البحرية الى ميناء ايلات. بالتوازي، قوات كبيرة جدا من الجيش المصري انتشرت في سيناء بخلاف الاتفاقات. قوات الأمم المتحدة التي رابطت للحفاظ على الهدوء بين قطاع غزة وإسرائيل وفقا للاتفاقات التي تقررت في 1956 انصرفت برمشة عين، وجيوش مصر، سوريا والأردن بمساعدة العراق احتشدت للحرب كي تبيد إسرائيل.
كل هذا بعلمنا، لعله يوجد حق في اقوال أولئك الذي يدعون اليوم بانه محظور على دولة إسرائيل أن تترك قطاع غزة بلا سيطرة إسرائيلية، على أساس وعود واتفاقات تصبح مع الزمن وعودا عابثة. على مدى سنوات عديدة دفعت إسرائيل ثمنا دمويا باهظا على حلول وسط أجرتها في كل ما يتعلق بإدارة قطاع غزة. وعليه، فالموضوع يستوجب الان تفكيرا آخر، غير مساوم. إذ مع قطاع غزة لا توجد مساومات.