إسرائيل اليوم: إذن ما الذي قررته الحكومة؟

إسرائيل اليوم – ايال زيسر – 10/8/2025 إذن ما الذي قررته الحكومة؟
قرار الحكومة احتلال القطاع وضع ظاهرا حدا للجدال الجاري في إسرائيل في الأشهر الأخيرة عن كيف نصل بالحرب في غزة الى منتهاها. التشديد هو على كلمة ظاهرا، كون الجدول الزمني للعملية العسكرية، التي لا تبدأ الا بعد نحو شهرين وستتواصل على مدى قرابة سبعة اشهر، تثير تساؤلا فيما اذا كان كل الهدف في القرار هو بالفعل تحريك خطوة عسكرية وتحقيق الحسم او الضغط على حماس لتليين مواقفها في الطريق الى صفقة. فبعد كل شيء، قرار الحكومة لا يغلق الباب في وجه إمكانية تحقيق صفقة كهذه.
لقد جاء قرار الحكومة في اعقاب مداولات أجريت عندنا على مدى الأشهر الأخيرة في مسألة هل وفي أي شروط يمكن الوصول مع حماس الى اتفاق يضمن إعادة المخطوفين. ينبغي الاعتراف بأسف بان هذه المداولات تذكر بالمداولات التي جرت عندنا على مدى العقد السابق في مسألة من هي وما هي منظمة حماس، ما هي أهدافها وهل يمكن الوصول معها الى تسوية تضمن الهدوء في حدود القطاع. ان العودة الى تلك المداولات وتلك المسائل تدل على اننا لم نتعلم شيئا من الكارثة التي وقعت علينا في 7 أكتوبر واننا نواصل الخطأ في فهم حماس دون ان نستخلص الدرس من أخطاء الماضي.
من الخطأ قراءة حماس بعيون غربية وكأن الحديث يدور عن منظمة تعمل بمنطق غربي، في أساسه مصالح باردة وحساب الربح والخسارة. هكذا درجنا، كما يذكر، على تحليل حماس في نهاية كل جولة مواجهة معها، وعندما آمنا بان كل ما تريده هو هدوء واستقرار يسمحا لها بتثبيت حكمها في القطاع. لكن حماس اكدت لنا المرة تلو الأخرى بان ليست غزة هي ما تعنيها بل “كل فلسطين”. وان منظومة اعتباراتها المحركة تستمد الهامها من ايمانها الديني المتطرف بل والجهادي.
على سؤال هل يمكن الوصول الى صفقة مع حماس الجواب إيجابي – بالتأكيد ممكن، لكن فقط وفقا لشروط المنظمة التي تستهدف الضمان بان تتمكن من ان تواصل وتدفع الى الامام باهدافها العليا، التي كانت ولا تزال الكفاح ضد إسرائيل. واذا لم تستجاب هذه فليس لحماس أي مشكلة لمواصلة الحرب حتى الغزي الأخير. من هنا فانه مخطيء من يفترض أنه يمكن الضغط على حماس من خلال ممارسة الضغط على السكان المدنيين في القطاع أو يمكن شراؤها من خلال تسهيلات او تنازلات، وذلك لان هذه لا تترك أي اثر على حماس. هذه الأمور يقولها قادة حماس أنفسهم بالسنتهم. فها هو مثلا زعيم المنظمة خليل الحية الذي شرح في مقابلة صحفية في الأسبوع الماضي بان على سكان غزة ان يكونوا مستعدين لمزيدا من الصبر والتضحيات إذ ان هذه فقط هي ما تضمن النصر، انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع يبقيه بحكم حماس.
ليس واضحا ان كان حسم الامر في إسرائيل في أنه مع حماس لا يمكن الوصول الى اتفاق. لكن واضح ان قرار الحكومة يعبر عن الاعتراف بان استمرار الوضع القائم الذي تراوح فيه إسرائيل في المكان في القطاع دون أي هدف – لا تحتل لكن أيضا لا توقف النار – هو وضع محمل بالكارثة ويلحق بها اضرارا هائلة، عسكرية واساسا سياسية. في نفس الوقت يتجاهل القرار بانه لعله لم تعد منذ الان حاجة ومعنى للوصول مع حماس الى اتفاق. فلكل شأن وأمر الحرب في القطاع حسمت منذ الان بنصر إسرائيلي كامل. فحماس كقوة عسكرية وسلطوية هزمة وصفيت، وكل ما تبقى هو الدفع قدما بخطوة سياسية تثبت الواقع الجديد في القطاع. غير أنهم عندنا يصرون على مواصلة القتال حتى تحقيق “النصر المطلق”، هدف غامض إذ دوما سيوجد طفل ابن 16 مقابل بضع عشرات الشواكل سيحاول المس بقواتنا.
في الأشهر القريبة القادمة حتى بداية العملية العسكرية المخطط لتنفيذها “بعد الأعياد” لا تزال توجد للحكومة قدرة على العمل كي تؤدي، على أساس إنجازات الجيش الإسرائيلي حتى اليوم، الى خطوة سياسية تتجاوز حماس تؤدي الى تحرير المخطوفين، لكنها في نفس الوقت تدفع قدما بلا معركة بالهدف الذي لتحقيقه يدعو حتى قرار الحكومة – إقامة حكم مدني فلسطيني او عربي ينزع من حماس الحكم في القطاع.