هآرتس: نتنياهو يضاعف مبلغ الرهان ولا يشرح لماذا سينجح هذا في هذه المرة

هآرتس – عاموس هرئيل – 5/8/2025 نتنياهو يضاعف مبلغ الرهان ولا يشرح لماذا سينجح هذا في هذه المرة
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يضاعف مبلغ الرهان في قطاع غزة. ورغم معارضة هيئة الاركان ورغم التعب في اوساط الوحدات القتالية والتحفظ المتزايد في اوساط الجمهور الاسرائيلي اعلن نتنياهو أمس عن توسيع الحرب. في الفيلم الذي نشره اعلن رئيس الحكومة بانه مصمم على مواصلة الحرب وتصفية حماس و”تحرير الابناء المخطوفين”. امس خضعت صفحة الرسائل لتطرف آخر. نتنياهو، بواسطة شخصية رفيعة في مكتبه، اعلن بانه “لقد تم اتخاذ القرار، واسرائيل ذاهبة الى الاحتلال الكامل للقطاع. واذا لم يكن هذا مناسب لرئيس الاركان ايال زمير فليقدم استقالته”، اضاف بما ظهر كاستفزاز متعمد”.
ولكن كالعادة رئيس الحكومة لا يبلغ المواطنين كيف هو ينوي الانتصار: لماذا الضغط العسكري الذي لم يثمر خلال اشهر سيؤدي الان الى تحرير المخطوفين؟ كيف سيتم انقاذهم من الانفاق بسلام؟ ما الذي يجعله واثق من ان القاء المهمة على وحدات الجيش البري المتعبة والمستنزفة سينتهي في هذه المرة بنجاح؟ من الذي سيستبدل زمير اذا تم طرده حقا، هل الجنرال دافيد زيني أو الجنرال رومان غوفمان؟. هذه ليست وبحق افكار تبعث على الامل في اوساط الجمهور. ولكن النغمة الوحشية التي يبثها محيط نتنياهو بذريعة مضللة وهي القلق على سلامة المخطوفين، تندمج مع تسريع خطوات الانقلاب النظامي، بدءا بمحاولة عزل المستشارة القانونية للحكومة وانتهاء بالجهود التي تبذل لاجازة قانون الاعفاء من الخدمة للحريديين.
اقوال نتنياهو كاعداد لنقاشات الكابنت تم التخطيط لها، وقد تم اسماعها في ظل خلافات كبيرة في الرأي العام. عائلات المخطوفين خائفة من نية احتلال مناطق اخرى في القطاع، التي فيها يتم احتجاز المخطوفين الاحياء؛ معظم رؤساء اجهزة الاستخبارات السابقين متوحدون في الدعوة لانهاء الحرب؛ فنانون اسرائيليون يتنافسون فيما بينهم حول مسألة المطالبة بانهاء الحرب وتخفيف الكارثة الانسانية في غزة.
مقبول الادعاء بانه في اسرائيل تصعب ادارة حرب بدون اجماع، أو شبه اجماع، على الشرعية العامة – بالتأكيد بدون خاتم الاهلية المهنية من رئيس الاركان. في هذه الحالة نتنياهو يبث تصميمه على مواصلة التقدم بدون الحصول على كليهما.
اول أمس زار زمير قيادة المنطقة الجنوبية، حيث تناقش هناك مع الضباط بخصوص المصادقة على خطط عملياتية. الخيارات التي وافق عليها زمير غير قريبة مما يعد به ننتنياهو بشكل علني. رئيس الاركان ما زال يدعم صفقة الرهائن كخيار افضل، رغم ان فرصتها ضعيفة. في حالة عدم تحقيقها فانه سيوصي القيادة السياسية بتقسيم آخر للقطاع على عرضه ومحاصرة الجيوب الثلاثة التي يتركز فيها مسلحو حماس والسكان الفلسطينيون والرهائن الاسرائيليون: مدينة غزة شمالا، مخيمات اللاجئين في وسط القطاع ومنطقة المواصي جنوبا.
ولكن الجيش لم يخطط لزيادة قواته في القطاع، بل بالذات تخفيفها. ايضا بهذه الصورة فانه في القطاع تعمل الان اربع قيادات فرق بدلا من من خمسة. وبتشكيلة قوات ناقصة جدا. ازاء العبء على الجيش النظامي وعلى الاحتياط فان الجيش الاسرائيلي خطط لتقليص اكثر حجم قواته في القطاع والتركيز على محاصرة دائمة للمناطق التي لم يدخل اليها حتى الآن. هذا ليس ما اعلن عنه نتنياهو. فمن اجل هزيمة حماس، كما وعد، يجب دخول هذه المناطق والمخاطرة بمزيد من المصابين، في اوساط الجنود والمخطوفين والسكان الفلسطينيين.
رئيس الحكومة يبرر خطواته بسببين. الاول هو جمود المفاوضات حول الصفقة. الثاني هو الوحشية والنازية، حسب قوله، التي تظهرها حماس تجاه المخطوفين. ولكن هذه التطورات ليست صدفية. يجب الذكر مرة اخرى بان وقف اطلاق النار تم الاعلان عنه في كانون الثاني الماضي بوساطة امريكية، واسرائيل هي التي قامت بخرقه في بداية شهر شباط عندما رفضت اجراء المفاوضات حول الدفعة الثانية في الصفقة، كما تم الاتفاق على ذلك، في منتصف شهر آذار الجيش الاسرائيلي استأنف القتال بتوجيهات من الحكومة مع تفجير الاتفاق. في العملية الاولى، القصف من الجو الذي استهدف اشخاص كبار مجهولين في الذراع السياسي لحماس، قتل حوالي 400 مواطن فلسطيني.
بعد شهرين من ذلك تم توسيع عمليات الجيش الاسرائيلي، حيث سيطرت القوات على مناطق اخرى واسعة، ليس فقط ان آلاف الفلسطينيين، معظمهم من المدنيين، قتلوا، بل خطة الجيش الاسرائيلي للسيطرة على نقل المساعدات الانسانية بواسطة “الصندوق الامريكي” فشلت. ما وفره الصندوق لم يقم بتلبية الحد الادنى المطلوب لاطعام السكان ومئات الفلسطينيين قتلوا باطلاق نار هستيري (يبدو ان معظم هذه النيران كانت نيران الجيش الاسرائيلي)، اثناء المحاولة اليائسة للحصول على الطعام. في نفس الوقت منذ شهر آذار قتل في القطاع 47 جندي. هذه الاحداث يشاهدها الجمهور الاسرائيلي المتعب واليائس، ولكنه في معظمه لا يخرج الى الشوارع. نحن تعبنا ويبدو أننا ايضا تعودنا.
هل نتنياهو عرف مسبقا بان الامور ستتطور بهذا الشكل؟ يصعب معرفة ذلك. ولكن النتيجة النهائية للعملية المهمة هي ان فرصة التوصل الى الصفقة تضاءلت جدا. حماس تستغل غضب العالم من اسرائيل ازاء مشاهد الجوع في القطاع، وهي لا تسارع الى التوقيع على الاتفاق. وردا على ذلك قام نتنياهو كما يبدو بتغيير موقفه، والآن هو لا يسعى الى صفقة جزئية، بل بالذات الى صفقة شاملة.
عندما سمعت بعض المراسلون وهم يكررون في نهاية الاسبوع تغيير السياسة بدون السؤال ماذا يقف وراء ذلك، تذكرت حيوان في حديقة حيوانات جورج اورويل الذي يردد اربعة ارجل جيدة، اثنتان سيئة، والعكس صحيح. الحقيقة هي أن هذين الخيارين هما نفس الشيء بالنسبة لنتنياهو. عمليا، احتمالية الصفقة بدون تدخل قوي من الولايات المتحدة تبدو الآن ضعيفة. المهم هو الوقت. ويبدو ان نتنياهو يعتقد بانه في هذه المرحلة الوقت يعمل لصالحه. فكسب الوقت يخدم اغراضه. عملية جديدة ووعد جديد بالحسم ستساعده في تمرير المزيد من الاشهر، بدل المخاطرة بتنازلات في اطار الصفقة، التي ستورطه مع الجناح المسيحاني في الائتلاف. ليتني أكون مخطئا.
في هذه الاثناء الوزراء يذرفون دموع التماسيح على مصير المخطوفين. لقد مر يومين منذ نشر الفيلم في يوم السبت، الذي ظهر فيه افيتار دافيد نحيف مثل الهيكل العظمي، وهو يتوسل لانقاذ حياته في النفق. مع ذلك، لم يكن من الملح لأي واحد منهم المطالبة بعقد جلسة طارئة للحكومة أو الكابنت لمناقشة احتمالية عقد الصفقة خلال 9 آب (العبري).
المخطوفون، كما اتضح ايضا من وضع روم بارسلفسكي، لا يوجد لهم المزيد من الوقت، ولكن مصيرهم متروك لقيادة سياسية غليظة القلب. اذا كان ما زال هناك لدى أي أحد شك في ذلك فقد جاء نقاش الحكومة المستعجل حول الترتيبات الامنية لعائلة نتنياهو أمس. “دمي تم هدره”، قال نتنياهو في الجلسة. أخيرا جاءت لرئيس الحكومة والوزراء قضية تثير لديهم مشاعر حقيقية للقلق والتوتر.