ترجمات عبرية

هآرتس: مسلخ غزة

هآرتس – عودة بشارات – 14/7/2025 مسلخ غزة

في اليوم العادي يقتل في قطاع غزة 40 – 50 شخص. في “الايام كثيرة القتل” الحصاد اكبر بكثير، 100 – 150 قتيل. لا يوجد أي مسلخ ينتج عدد كبير كهذا من الجثث. حسب وزارة الصحة في قطاع غزة فانه منذ 18 آذار 2025، عندما تم استئناف الهجمات الاسرائيلية بعد وقف اطلاق النار، قتل في القطاع 7261 شخص على الاقل. وثلاثة اضعاف هذا العدد اصيبوا.

حسب التعريف السائد ايضا قتلى قطاع غزة مثل كل المخلوقات، ولدوا على صورته. هذه وبحق مشكلة، لأن قتل هؤلاء الذين ولدوا على صورته هو خطيئة كبيرة. اذا كانت صورة الله قتلت – فان الله، كما يفترض، سيغادر قلب القاتل. 

هذه معضلة غير سهلة، لكن انا اقدر انه سيتم اصلاحها وغير بعيد اليوم الذي سيتم فيه ايجاد تمييز اصيل يوضح بانه ليس بني البشر هم بالضبط “ولدوا على صورته”؛ هناك من ولدوا على صورة الله وهناك من ولدوا على صورة الشيطان. في هذه الحالة من الجدير السؤال على صورة من ولد ابناء العماليق؟.

العمل في ذروته لحل المعضلة. في القاموس الاسرائيلي الجديد الذي يتطور بوتيرة مدهشة، اضيف المزيد من الصفات التي هدفها الفصل بين الله وبين صورته. حسب التعريف الجديد فان الفلسطينيين بعيدين عن ان يكونوا على صورة لله؛ هم يسمون “ارهابيين”، “مخربين”، “يستحقون الموت”، “لا يوجد ابرياء في غزة”. قبل فترة غير بعيدة كان يوجد مفهوم مزين وهو “حيوانات تسير على أرجل”. كما يبدو بسبب خطأ بيولوجي رهيب اعتبر الفلسطيني من البشر.

اللغة العبرية تزدهر وصناعة تشويه الشعب الفلسطيني تتسارع. فقط يجب مشاهدة القناة 14، القناة غير الرسمية للدولة وللحكومة الاسرائيلية، كي تعرف عما يدور الحديث.

مع ذلك، تظهر هنا وهناك مشكلات غير سهلة. في مسلخ غزة لا توجد المنشآت المطلوبة لمعالجة الكمية الكبيرة جدا من المذبوحين. الامر يتسبب بمشكلات نظافة شديدة. في الصحف ينشرون عن الكلاب التي تنهش جثث القتلى الفلسطينيين. يا للعار، هل هذه دولة حديثة أو دولة من دول العالم الثالث؟ أين هي منظمات الرفق بالحيوان؟ كيف وصلنا الى هذا الوضع، ان الكلاب تبحث عن الطعام في حقل الجثث؟ في القريب، يمكن التقدير، يجب على السلاح الصحي ايجاد حلول ابداعية لهذا النقص المخجل.

لكن يجب التركيز على الاساس، حيث انه في نهاية المطاف سماع في الاخبار عن 100 قتيل فلسطيني ليس البديل عن مشاهدتهم. من اجل الشعور بقوة الحدث، حتى المشاهدة لا تعكس الواقع. قول 100 قتيل، هذا بالمجمل مجرد هواء ينتقل من الفم الى الاذن وبسرعة يتلاشى. الفيلم في العادة يترك انطباع اقوى. ولكن من اجل وصف جهنم بموثوقية فمن الافضل ان يزور المراسلين الميدان لمشاهدة الأشلاء والدماء المتدفقة واليد المعلقة على جدار. لمن هذه اليد، لمن هذه القدم الممزقة، هذا الرأس لم يعد رأس، وصرخات ألم تثير القشعريرة، أي ان يعيشوا داخل عرض للاعضاء الممزقة ومشاهدة أن الرمال تحتها تكفي لامتصاص الدماء. يتبين أن الرمال الذهبية لم تولد لهذه المهمة الوحشية.

سؤال آخر وهو كيف يعالجون الـ 100 قتيل ومصاب؟ هل يمكن أن يكون المرء واثق بأن الامر يتعلق بجثة، أو ان الحديث يدور عن مصاب ما زالت الروح تنبض فيه؟ ايضا قطاع غزة كما هو معروف هو من المناطق الحارة جدا؛ يمكن تقدير ما الذي تفعله الحرارة بالجثث والدماء المتخثرة والجروح التي يغطيها الذباب والبعوض، جهنم توجد هنا. 

ساحات القتل في قطاع غزة وفي العالم بشكل عام تغطيها اجواء نهاية العالم. “من اجل اختراع جنة وجهنم فانه ليس علينا إلا التعرف على جسم الانسان”، كتب خوزيه ساراماغو في كتابه “سجلات الدير (“المكتبة الجديدة”، ترجمة مريم تفعون). في قطاع غزة جهنم وجدت مكانها، الجنة بقيت بعيدة عن المنطقة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى