هآرتس: حرب بلا هدف

هآرتس 9/7/2025، عاموس هرئيل: حرب بلا هدف
قبل بضع ساعات من بداية اللقاء الاول (من بين لقاءين خطط لهما) بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في البيت الابيض، قتل 5 جنود اسرائيليين و14 اصيبوا في انفجار حقل الغام في شمال القطاع. الانفجار، قرب انقاض بيت حانون، ذكر مرة اخرى الى أي درجة اسرائيل عالقة في حرب عديمة الجدوى التي منذ فترة طويلة لم يعد أي مبرر لاستمرارها. “أنت كنت جندي بطل في حرب بلا هدف”، هكذا قام صديق الشاويش بني اسولين، أحد القتلى، من حيفا بتابينه.
القوة التي اصيبت من نيتسح يهودا في لواء كفير كانت تتحرك سيرا على الاقدام في منطقة مفتوحة على بعد مسافة قصيرة عن حدود اسرائيل. عدد من الجنود اصيبوا بانفجار العبوة الاولى. وعندما ركض اليهم اصدقاءهم لانقاذ الجرحى والقتلى، تم تشغيل ضدهم عبوتان متتاليتين. بين العبوة الثانية والثالثة تم اطلاق النار عليهم برشاشات من بعيد. هكذا قتل خمسة جنود واصيب اثنان اصابة بالغة، وتم اخراج سرية كاملة من العمل نهائيا. وربما ان رد القوات افشل محاولة اختطاف جندي. رجال حماس يختبئون في انفاق في داخل المنطقة المدمرة في معظمها، لكن بقايا المباني وحقيقة ان المدينة المدمرة اعلى بقليل من بعض المناطق المحيطة بها، وفرت لهم افضلية امام القوة التي تمت مهاجمتها، والتي كانت جزء من عدد من سرايا مشاة وسرية مدرعة التي تحركت نحو المدينة. في قيادة المنطقة الجنوبية يقدرون انه ما زال يوجد هناك نشطاء يقدر عددهم بعشرات المسلحين لحماس بقيادة قائد كتيبة. الاطار العسكري الذي يوجد تحت قيادته تفكك، ولكنهم في الجيش الاسرائيلي يعترفون انه تكفي لدغات من عمليات راجلة بين حين وآخر، ويكفي استغلال ضعف حركة القوات أو استعدادها، كي يتم الحاق خسائر.
كبار القادة في الجيش الاسرائيلي يعدون بانهم سيواصلون العمل بتصميم ضد بقايا حماس في بيت حانون. لكنهم ايضا هم يعرفون الحقيقة وهي انه سيكون لذلك ثمن في طرفنا، وهكذا ايضا لنشاطات هجومية اخرى التي تريد الحكومة توسيعها في مناطق اخرى في القطاع.
الجيش الاسرائيلي يعمل بين حين وآخر في بيت حانون التي معظم سكانها اضطروا الى مغادرتها منذ بداية العملية البرية في الحرب في نهاية تشرين الاول 2023.
لم يعد احد في الجيش يتذكر كم هو عدد المرات التي دخلت فيها القوات الاسرائيلية الى بيت حانون، وكم هو عدد المرات التي اعلن فيها عن احتلالها أو عن الهزيمة التي لحقت بكتيبة حماس في المكان، حيث ان معظم القادة، من هيئة الاركان وحتى وحدات الجيش الاسرائيلي في الميدان، تبدلوا منذ بداية الحرب. الجنازات الخمسة في خلفية اللقاء بين ترامب ونتنياهو في واشنطن اثبتت مرة اخرى ان هذه حرب يجب أن تنتهي.
حماس مهما تم ضربها فهي لن تغير من الاساس مطالبها بسبب المزيد من الضغط العسكري الذي لا يشمل احتلال كل القطاع. في حين ان احتلال كل القطاع سيكلف خسائر لا بأس بها وسيعرض للخطر حياة العشرين مخطوف الذين ما زالوا على قيد الحياة، والمحتجزين في مناطق تجنب الجيش الاسرائيلي العمل فيها.
مصطلح مغسول
ما الذي يحدث بالضبط بين ترامب ونتنياهو، حتى الآن نحن لا نعرف. مساء أمس التقيا للمرة الثانية في غضون يوم، واللقاء تحدد بعد انذار قصير. ما يسمى مصدر سياسي كبير، وقام بتقديم احاطة امس للمراسلين الاسرائيليين المرافقين للزيارة، قال انه لا يوجد فرق بين مواقف اسرائيل ومواقف الولايات المتحدة في المفاوضات حول وقف اطلاق النار. المهم للطرفين هو واضح ايضا من الحوار القصير الذي وثقته العدسات. ترامب، الذي لا يوجد أي عمل استخذائي تجاهه يربكه، راض عن اعلان نتنياهو عن توجهه الى لجنة جائزة نوبل للسلام، الذي اقترح فيه اسم الرئيس كمرشح للجائزة (ترامب ربما يجب ان يسال نفسه هل شخص نزيه مثل نتنياهو تقرب توصيته الجائزة أو تبعدها عنه). نتنياهو عاد للتحدث عن “الهجرة الطوعية” لسكان القطاع، وهو المصطلح المغسول لخطة طرد عنيفة وقسرية لسكان القطاع.
هذه الخطة ترفع رأسها القبيح مرة كل شهرين تقريبا، بالاساس اثناء زيارة نتنياهو في واشنطن. ترامب الذي عبر عن دعم الفكرة في شباط الماضي يظهر انه فقد الاهتمام بها منذ ذلك الحين. يبدو ان الانشغال الكبير لرئيس الحكومة ورجاله بذلك لا ينبع من اعتبارات استراتيجية أو حتى ضغوط ائتلافية (محاولة ابقاء في الائتلاف احزاب اليمين المتطرف)، ربما هذا يمثل “الماعز” التي يمكن اخراجها من الغرفة في وقت لاحق في المفاوضات اذا اظهرت حماس المرونة.
في هذه الاثناء قال المبعوث الخاص للرئيس الامريكي ستيف ويتكوف قبل سفره الى قطر بانهم نجحوا في التغلب على ثلاث من بين اربع نقاط خلاف بين الطرفين، وانه يأمل باحتمالية استكمال الصفقة حتى نهاية الاسبوع القادم. اضافة الى الخلافات فان المشكلة هي ان توجه نتنياهو هو نحو صفقة جزئية فقط. ليس فقط انه يبحث عن طريقة للعودة الى القتال بعد الستين يوم لوقف اطلاق واعادة نصف المخطوفين الاحياء، بل هو يواصل الدفع قدما بخطة ترتبط بطرد سكان القطاع، دفع معظم سكان القطاع نحو رفح، وهي المدينة التي دمرت بالكامل في عمليات الجيش الاسرائيلي. الوزير بتسلئيل سموتريتش والوزير ايتمار بن غفير يطلبون ذلك، ونتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يوافقان معهما. الادعاء بأنه سيتم اقامة في رفح “مدينة انسانية” هو ادعاء مدحوض، وهو ليس اقل من محاولة لتعريف الخطوة كتشجيع على الهجرة الطوعية. عمليا، اسرائيل تريد استبدال الظروف القاسية لسكان القطاع، الذين يتجمعون في منطقة المواصي قرب شاطيء البحر، بظروف اكثر قسوة في رفح.
المبرر كالعادة هو ان النصر بحق في متناول اليد. نتنياهو يحتاج الى بضعة اشهر فقط من اجل القضاء كليا على حماس. قبل سنة تقريبا تم تسويق بهذه الطريقة احتلال رفح. قبل شهرين كان يوجد حل سحري آخر، وهو السيطرة على توفير المساعدات الانسانية التي ما زالت تجري بصعوبات كثيرة (وكلفت حياة مئات الفلسطينيين الذين في معظمهم جاءوا فقط لطلب الغذاء). الآن في المفاوضات اسرائيل تصارع فقط على مستقبل صندوق المساعدة الذي توجد علامات استفهام كثيرة حول علاقته برجال اعمال وربما سياسيين. من يتلقى النار في هذه الاثناء هو رئيس الاركان ايال زمير، الذي يصيب بالقلق نتنياهو وكاتس وغيرهما بسبب تحفظه من نية تجميع السكان في رفح. التسريبات ضده هي جزء من محاولة متعمدة لتخويفه بهدف ترويضه وكبحه.