يديعوت احرونوت: بين واشنطن وغزة فيتنام في غزة

يديعوت احرونوت 9/7/2025، نداف ايال: بين واشنطن وغزة فيتنام في غزة
لقاء ترامب – نتنياهو الأول، أمس فجرا، عقد على ثلاثة مستويات مميزة. الأهم هو الوجدان. عندما التقى الرئيس رئيس الوزراء، انتظر سيارته كان يمكن أن نرى ما حصل بينهما. امسك ترامب بنتنياهو مثلما يمسك المرء باخ في المعركة. كانت الرسالة واضحة: قاتلنا معا. اذا كان احد ما لم يفهم الرسالة، فقد جاءت الصورة التي وزعها البيت الأبيض – الاثنان كانا يقفان تحت صورة ترامب بعد أن أصيب في محاولة الاغتيال. وكان العنوان: “FIGHT FIGHT! FIGHT!”. نحن كلانا من القرية ذاتها، يقول ترامب لنتنياهو.
المستوى الثاني هو الرغبة في الوصول الى وقف نار. ليس صدفة ادمان البادرات الطيبة من البيت الأبيض: الرئيس يريد للحرب ان تتوقف. هذا ليس تحليلا. هو يقول هذا علنا. توجد دول أخرى في الشرق الأوسط تنظر جيدا وتضغط، وهي قريبة من البيت الأبيض، على رأسها السعودية. الولايات المتحدة تمارس ضغط هائلا في الأيام الأخيرة على قطر. لقاء آخر مع ترامب في البيت الأبيض عقد منذ الليلة – يحتمل لاجل اطلاق بيان هام، مثلا، عن وقف نار في القطاع.
بالنسبة لرئيس الوزراء أيضا فان تحقيق وقف نار الان هو في المقدمة العليا، او على الأقل هذا هو الانطباع الذي يعطيه. هل سيفرض البيت الأبيض هذا بفظاظة على نتنياهو؟ اذا ما حاكمنا على الأمور من البادرات الطيبة الخارجية، فان ترامب ونتنياهو يوجدان في ذروة شهر عسل، لكن الرئيس معروف بانه يعرف كيف يغير السلوك عند الحاجة، وبسرعة.
المستوى الثالث هو ما يحتاجه نتنياهو كي يبقى سياسيا، وترامب يسره المساعدة. الى هنا تدخل الاقوال عن مستقبل غزة، استمرار التنفس الاصطناعي لمبادرة “الهجرة الطوعية” من القطاع، رزمة التطبيع المحتملة، وغيرها. كل شيء يسمح لسموتريتش وبن غفير ان يرفعا شارة النصر، وفي واقع الامر يقتربان من حلمهما العظيم – حكم عسكري في القطاع، طرد الفلسطينيين. طالما كان ممكنا الإبقاء على علائم حياة “الحلم” واضافة تقدمات إقليمية، سيكون سهلا اكثر على نتنياهو تمرير الصفقة. البيت الأبيض يفهم جيدا سلسلة الضغوط هذه.
المرحلة الفيتنامية في القطاع
لكن على الرغم من العلاقات الممتازة التي بثها ترامب ونتنياهو في لقائهما الأول، لم يكن ممكنا امس التطرق للقاء – غير الدراماتيكي في تلك المرحلة – عندما كانت الاخبار من قطاع غزة عن خمس عائلات إسرائيلية أخرى شهدت خرابا تاما.
المقارنات التاريخية هي دوما فظة، مغلوطة ومضللة. لكن دروس التاريخ يجب معرفتها، وصداها يمكنه أن يعلمنا الواقع. إسرائيل توجد في مرحلة فيتنامية في قطاع غزة. فهي رهينة شعارات وتعنى برفع ثابت بالرهان. خذوا شعار لن نتوقف الى أن ينزع سلاح حماس. اذا ما “وافقت” حماس صباح غد على نزع سلاحها – فهل هذا سيحصل؟ من سيتأكد من ان هكذا سيكون؟ الجواب هو ان فقط الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يفعل هذا، وهو يمكنه أن يفعل هذا فقط اذا ما سيطر في كل غزة بحكم عسكري كامل ومطلق. فلا يمكن لاي اماراتي او مصري أن يمر من زقاق الى زقاق في دير البلد ليتأكد من جمع كل الكلاشينات. بكلمات أخرى اذا ما وافقت حماس على جمع السلاح، فستكون هذه خدعة. الا اذا احتلت إسرائيل كل المنطقة. وعندها، لا حاجة لان توافق حماس منذ البداية، ولا توجد أي قيمة لاتفاق معها. وبالتالي لماذا تطرح إسرائيل هذا الطلب؟ اجيبوا انتم.
شعار آخر هو ان حماس “لن تحكم القطاع”. لقد وافقت حماس مبدئيا منذ الان الا تحكمه، لكن إسرائيل تريد أن تتأكد من أنها لن تحكمه حتى من خلف الكواليس. كي يكون هكذا يجب أن يكون واحد من اثنين: إما ان يحكم الجيش الإسرائيلي القطاع مباشرة، وعندها، مرة أخرى، لا معنى للاتفاق مع حماس. او ان تحكم السلطة الفلسطينية غزة، كعدو لدود لحماس. عن السلطة نتنياهو غير مستعد لان يسمع، وهكذا أيضا قال “مصدر سياسي كبير” فجرا. احتلال عسكري إسرائيلي؟ هو لا يستبعد. نتنياهو يؤشر لرجاله (واساسا لوزيري اليمين المتطرفين) بان الحكم العسكري على الطريق.
خذوا شعارا آخر: المشكلة التي بسببها تعود إسرائيل المرة تلو الأخرى الى المناطق إياها التي سبق أن دخلتها في القطاع هي انها لم “تعالج” كما ينبغي البنى التحتية لحماس. الانفاق، ما تحت الأرض، الكتائب. لو انها فقط تستولي على المنطقة وتتخلص من نهج الاجتياحات، فان حماس ستهزم. هذا شعار قدم للجمهور الإسرائيلي قبل “عربات جدعون”.
هاكم الواقع: صحيح، من بداية الحملة دمرت إسرائيل بنى تحتية لحماس اكثر بكثير. عملت بشكل جذري اكثر وبقيت في الميدان. الكثير من كتائب حماس تضررت بشدة. هاكم الثمن: منذ عادت إسرائيل للقتال وأوقفت وقف النار، في شهر اذار، سقط 38 مقاتلا في القطاع. وتيرة عشرة في الشهر تقريبا. لكن المتوسط يكذب: في اذار وفي نيسان سقط جنود قليلون. ابتداء من 1 حزيران تكبدنا معظم الخسائر. بكلمات أخرى: قدرات حماس لاصابة الجنود لم تتآكل.
الشعار الجديد: مدينة إنسانية
خمس ضحايا الجيش في بيت حانون سقطوا على مسافة اقل من كيلومترين عن الجدار الفاصل مع غزة، في منطقة هي جزء من الحزام الأمني الفاصل. مبدئيا، الجيش الإسرائيلي لم يتركها ابدا. عمليا، هو لم يكن في البلدة. الجيش، بخاصة في حجم قواته الحالي لا يحتمل أن يكون في كل مكان. وبالنسبة لشعار “المكوث: من يريد أن “يمكث” في المنطقة يستدعي حرب عصابات تتعلم القوة المحتلة. الجيش يتمترس، حرب العصابات تجد الثغرات. الجيش يحفر، حرب العصابات تحاول ان تحفر اعمق. حزب الله، فيتنام، أفغانستان، العراق، غزة. يمكن ان نحصي جثث المخربين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي، لكن في قطاع مكتظ لم يعد فيه اقتصاد، ولا توجد فيه مدارس، ولا يوجد حكم من السهل تجنيد شباب للقتال ضد إسرائيل. الامريكيون ارتكبوا خطأ فظيعا في العراق: اقالوا جيش صدام حسين. الإسرائيليون ارتكبوا ويرتكبون خطأ اكبر في القطاع: اقالوا الجميع.
الان يبيعون شعارا جديدا. فقط اذا ما اقمنا من جديد قطاع غزة في رفح، مثابة “مدينة إنسانية” لاجل الوصول اليها “يرشح السكان الفلسطينيون” من المخربين. وعندها حماس ستهزم. إسرائيل ستنقل بالقوة مليونين من السكان الى جنوب القطاع؟ وكيف ستفعل هذا – باجتياح مناطق في غزة يوجد فيها مخطوفونا؟ ماذا سيكون عليهم؟ وماذا سيكون بالضبط في هذا المجال الإنساني؟ ومما سيرتزق الفلسطينيون هناك – ومن سيمول هذا؟ مرة أخرى الجمهور الإسرائيلي؟ وكيف بالضبط سيتأكدون من ان حماس “لن تدخل” الى “المدينة الإنسانية”؟ هل سيقيمون حولها جدارا؟ تحدثت مع بعض من واضعي هذه الخطة. هم أيضا ليس لديهم أجوبة حقا.
ينظرون الى المدى القصير
في لقاء ترامب نتنياهو الأول بحثت هذه المواضيع بشكل مبدئي فقط. الامريكيون لم يشككوا بالمنطق الإسرائيلي. نتنياهو أوضح بان حماس لن تحكم غزة، والرئيس، عندما سئل عن حل الدولتين، وجه السؤال بكياسة الى رئيس الوزراء. نتنياهو، من جهته، أجرى العرض مع كتاب “توصية” لجائزة نوبل؛ مشكوك ان يساعد هذا احتمالات الرئيس، في ضوء الصورة الحالية لرئيس الوزراء في العالام، وفي اسكندنافيا بخاصة؟
في الشرق الأوسط، دوما جدير وضع وزن زائد على المدى القصير. ما هو مهم هو ما يحصل الان، وليس ما يخطط له بعد سنة، شهر أو أسبوع. في المدى القصير توجد محاولة جدية للوصول الى وقف نار وإعادة عشرة مخطوفين احياء. البيت الأبيض يريد هذا، وعلى ما يبدو نتنياهو هو الاخر، بشروطه. الامر الهام الذي حققه حتى الان هو انطباع الحلف العميق بينه وبين الرئيس الأمريكي. اذا كان نتنياهو يريد صفقة، فهو سيستخدم هذا الحلف كي يقنع بن غفير وسموتريتش بان هكذا إسرائيل ستتمكن من العودة الى الحرب.