هآرتس: اغلاق مؤسسات الاونروا تركت شعفاط بلا حلول

هآرتس 14/5/2025، نير حسون: اغلاق مؤسسات الاونروا تركت شعفاط بلا حلول
منذ يوم الخميس الماضي، حيث اقتحم رجال الشرطة ست مدارس للاونروا وقاموا باغلاقها، تقف مدرسة الاونروا شعفاط في شرقي القدس خالية. مبنى المدرسة الذي فيه عشرات الصفوف وساحات وحدائق هو المبنى الاكبر والاكثر اهمية في المخيم المكتظ الذي يعاني من النقص الشديد في الاراضي الخضراء والمباني العامة. أمس مرة اخرى جاء رجال الشرطة الى مدرسة الاونروا من اجل التأكد من ان الامر الذي يحظر التعليم في المدرسة لم يتم خرقه.
800 طالب كانوا يتعلمون في ثلاث مدارس في هذه المنشأة التي توجد في شعفاط حتى اغلاقها. الطلاب الاكبر انتقلوا للتعلم عن بعد، لكن الصغار بقوا بدون حل. الاغلاق يهدد بزيادة الصعوبة اكثر على حياة سكان مخيم اللاجئين الذين هم في الاصل يعانون من الاهمال والاكتظاظ ونقص الخدمات والبنى التحتية.
احدى المدارس التي كان يجب أن تستوعب الطلاب هي مدرسة الفقيه. الشارع الذي يؤدي الى المدرسة مثل كل شوارع المخيم هو زقاق ضيق وبدون رصيف. صباح أول امس امتلأ الزقاق بالطلاب الذين تم اخراجهم من المدرسة. قبل فترة قصيرة من ذلك وقعت حادثة خطيرة في المدرسة – والد احد الطلاب هاجم وطعن معلم على مدخل غرفة المدير. المعلم اصيب اصابة بالغة في يديه وتم نقله لتلقي العلاج.
المدير والمعلمون في المدرسة قاموا بتطويق ساحة الطعن بالكراسي ومنعوا الطلاب من الاقتراب اعتقادا بأن الامر يتعلق بساحة جريمة يجب الانتظار الى حين قدوم محققي الشرطة، لكن الشرطة لم تصل. احد الاباء اتصل لتقديم شكوى، ولكن حسب قوله في الشرطة قالوا له بأنه لن يتم فتح تحقيق. في شرطة القدس اوضحوا بأنه لأن المعلم هو احد سكان المناطق ولانه لا يريد تقديم شكوى فانه لا يمكنهم التحقيق في الحادثة.
في محادثة مع الاباء والمعلمين قالوا بان الهجوم هو حدث استثنائي لا يدل على القاعدة، وأن مستوى العنف في المدرسة وفي الحي حولها غير مرتفع. “اكثر ما يخيفنا هو ان يحدث هنا ما يحدث في الطيبة او في اماكن اخرى داخل اسرائيل. عندنا هذا يحدث مرة في السنة”، قال ناصر حشان، وهو ناشط في المخيم واحد الاباء. لكن قرار الشرطة عدم المجيء وعدم التحقيق في الحادثة هو دليل اخر على اهمال السلطات الاسرائيلية. الاهمال هو السمة الاكثر وضوحا للحياة في المخيم منذ ان تم فصله عن القدس بواسطة جدار الفصل قبل عشرين سنة.
مخيم شعفاط للاجئين اقيم في 1965 من قبل الحكومة الاردنية والامم المتحدة لصالح اللاجئين الفلسطينيين من 1948 الذي عاشوا حتى ذلك الحين في حارة اليهود في القدس. عند اقامة المخيم اقيم على مدخله مجمع كبير للمباني التعليمية الذي تحول الى ثلاث مدارس تديرها الاونروا. في 1967 تم ضم المخيم الى اراضي القدس واصبح حي من احياء المدينة. ولكن بلدية القدس ووزارة التعليم فضلت ابقاء بيد الاونروا استمرار الاهتمام بتعليم الطلاب في المخيم. الاونروا اهتمت ايضا بتوفير الخدمات الصحية وتشغيل جهاز للنظافة في المخيم.
عند اقامة جدار الفصل تم فصل المخيم عن القدس بواسطة هذا الجدار. خلال بضع سنوات قفز عدد سكان المخيم، حيث بنيت حول المخيم آلاف الوحدات السكنية بدون رخص بناء، لأن البلدية والدولة توقفت عن الاهتمام بما يحدث وراء الجدار، واوقفت مراقبة البناء، وعائلات كثيرة التي لم تتمكن من السماح لنفسها بشراء بيت في الاحياء التي توجد داخل الجدار اضطرت الى بناء بيت لها.
الآن لا أحد يعرف بالضبط ما هو عدد سكان المخيم والاحياء القريبة منه. في حين ان السلطات تقدر العدد بسبعين الف، فان السكان يتحدثون عن 120 ألف نسمة. مع الزيادة الحادة في عدد السكان اصبحت خدمات الاونروا في المخيم الى امر هام جدا بالنسبة للسكان. المدارس هي ايضا الفضاء شبه الوحيد الذي يمكن للاولاد اللعب فيه بامان في المخيم المكتظ، الذي ليس فقط لا توجد فيه فضاءات مفتوحة وحدائق او ملاعب رياضية، بل لا يوجد فيه حتى ارصفة.
اغلاق المدارس في المخيم حدث في اعقاب سن قانون لوقف نشاطات الاونروا داخل دولة اسرائيل بسبب ادعاءات اسرائيل اختراق حماس للوكالة. وهي ادعاءات ترفضها الاونروا والامم المتحدة بشدة. في كانون الثاني اضطر كل المستوى الاداري في الوكالة الى مغادرة اسرائيل وهو يستمر في ادارة الوكالة من المكاتب في الاردن.
“توجد هنا مدارس في مبان لا تدخل اليها الشمس”، قال ناصر حشان، وهو احد سكان المخيم. “المدارس التي وفرت التعليم خلال عشرات السنين يسودها الصمت وروتين الحياة لهؤلاء الاولاد تحطم الى شظايا”، كتب امس مدير وكالة الاونروا في الضفة الغربية رولان فريدريك.
قبل شهر تقريبا بدأت بلدية القدس بتوزيع بيانات تطالب الاباء الى تسجيل اولادهم في مدرسة اخرى في المخيم أو خارجه، لكن مصدر في البلدية اعترف ان استجابة الاباء حتى الان هي معدومة. بعض الاباء توجهوا بشكل مستقل الى مدارس اخرى وسجلوا اولادهم، لكن الغالبية الساحقة من الاباء ينتظرون السنة الدراسية القادمة لرؤية ما اذا كان سيتم ايجاد حل شامل.
في البلدية يخططون لاقامة مدرسة مؤقتة تعمل في كرفانات، وفي المستقبل تخطط البلدية لاقامة قرية تعليمية جديدة في منطقة مفتوحة بين المخيم وجدار الفصل. ولكن حسب التقديرات فان بناء هذه المدرسة لن يتم استكماله قبل 2030.
دليل اخر على الطريقة التي تتعامل بها السلطات مع المخيم يمكن ايجادها في الملعب القريب من تجمع المدارس. الذي كان قبل سنتين ملعب كبير ومتطور اقيم بتمويل اوروبي من قبل اللجنة الشعبية التي تدير المخيم. ولكن قبل سنتين البلدية دمرت الملعب وحولته الى موقع اعمال وتخزين فائض التراب، في اطار الاعمال لشق شارع جديد. عند انتهاء الاعمال وبعد بضعة اشهر سيعود الملعب للاستخدام، لكن في هذه الاثناء فقد اولاد مخيم شعفاط فضاء آخر كان يمكنهم اللعب فيه بامان.
محمد فكرة، احد سكان المخيم، قال ان سلوك السلطات فقط يخلد دائرة العنف. “لقد رموا الاولاد الى الشارع. انا لا اعرف كيف يديرون الامور هنا. في نهاية المطاف هم سيصلون الى الحاجز ويرشقون الحجارة وبعد ذلك سيقولون في وسائل الاعلام بأننا مخربون. معظم الناس هنا يريدون العيش طبقا للقانون. ولكننا نعيش في غابة هنا ولا يمكن العيش بهذا الشكل”. “نحن مثل الفئران هنا، نركض من مكان الى آخر، يجرون علينا التجارب”، قال حشان.
من شرطة اسرائيل جاء: “خلافا للادعاءات، عند تلقي تقرير امس عن حادثة العنف في مدرسة مخيم شعفاط للاجئين بدأ رجال الشرطة في مركز شيفط بنشاطات من اجل البحث عن المشتبه فيه بالطعن. بعد فترة قصيرة تواصل رجال الشرطة مع ابناء عائلة الضحية، وهو احد سكان المناطق، وقيل إنه تم نقله لتلقي العلاج في مستشفى في رام الله وأن اصابته طفيفة، وانه غير مستعد للتعاون. عند تلقي شكوى في الشرطة عن الحادثة فستتم معالجة ذلك”.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook