هآرتس: تصريح نتنياهو ورقة اعلامية

هآرتس 28/4/2025، يوسي فيرتر: تصريح نتنياهو ورقة اعلامية
من معرفة طويلة لرئيس الحكومة وصلته بالحقيقة فانه لا مناص من القول بأنه طالما لم يثبت العكس – في المحكمة العليا أو في لجنة التحقيق الرسمية – فان بنيامين نتنياهو كذاب، متحايل وجشع. هو يكذب، يشوه، يحرّف ويتملق، في الخطابات والتصريحات والافلام، ايضا، ليحفظنا الله، في توقيعه في المحكمة.
في حينه هو وقع على اتفاق ائتلافي مع بني غانتس (الذي اصبح قانون في الكنيست)، وقام بخرقه حتى قبل أن يجف الحبر الذي كتب به، بصورة منهجية. مرتان – ثلاث مرات في الاسبوع هو يكذب على المحكمة؛ مثلا عندما شهد في هذا الاسبوع بأنه لم يطلب في أي يوم هدايا من ارنون ملتشن، خلافا للشهادات المقنعة لهداس كلاين وملتشن نفسه، الذي كما نذكر كان يئن، اقتصاديا (ونفسيا) تحت العبء واضطر الى التوجه الى الملياردير جيمس فاكر كي يوافق ويشاركه في تحمل العبء. هكذا، بتوقيع نتنياهو على التصريح المشفوع بالقسم، فانه لا يوجد أي دليل واضح على قول الحقيقة. هو ليس مثل الكائنات المعيارية.
التصريح الذي وقع عليه رئيس الحكومة ليس وثيقة قانونية، بل هو بيان للصحافة، الذي يظهر اكثر مثل المقالات الشعبية. مع التشديد، التأكيد والشتائم، وكأنها مكتوبة معا على يد شلومو قرعي وتالي غوتلب. وكما هي عادته فان نتنياهو يستخدم ايضا هذه الاداة لحرف الانتباه والتحريض. وحتى لا يكون أي سوء فهم لدى هيئة القضاة فقد هدد أمس في اجتماع الحكومة وقال “اذا الغت المحكمة قرار الاقالة فسوف نجتمع ونقرر ما الذي يجب فعله في هذا الشأن”.
المتحدثون بلسانه في وسائل الاعلام قالوا إن التصريح المشفوع بالقسم الذي قدمه يدمر ادعاءات بار. هم اعتمدوا على اجزاء من المحاضر، التي رئيس الحكومة، بخطوة متسرعة وغير مسؤولة (حتى لو كانت قانونية)، اختار أن يكشفها. السؤال هو ما الذي لم يقم بكشفه. نصف الحقيقة أو الحقائق الانتقائية هي مثل الكذب.
الخداع المعروف وجد تعبيره في اجزاء من التصريح المشفوع بالقسم. مثلا، عدد المرات التي طلب فيها رونين بار منه التحدث معه على انفراد، مقابل المرات التي طلبها نتنياهو. يبدو أن عدد الطلبات النسبي لبار، يمكن أن يثبت بأن نتنياهو لم يطلب منه الخضوع لرئيس الحكومة أو المحكمة العليا، في حالة وجود ازمة دستورية. هذا بطبيعة الحال لا يثبت أي شيء. اضافة الى ذلك يمتنع نتنياهو، وأنا اسأل لماذا، عن نفي وجود هذا الطلب بشكل قاطع. يبدو أن لديه حدود ايضا.
جزء كبير من التصريح المشفوع بالقسم يخصصه رئيس الحكومة للفشل في 7 اكتوبر، الذي يلقيه كله بالطبع على الشباك. هو يتهم بار بالعمى المطلق طوال كل الطريق. بار نفسه اعترف بذلك في التحقيق الذي تم اجراءه في الجهاز، بكلمات حادة لا تحمل اكثر من معنى. لا يوجد خلاف حول المسؤولية عن “اكبر فشل استخباري في تاريخ اسرائيل”، كما أكد نتنياهو. ولكن أين كان هو؟ أين اختفى رئيس الحكومة المخضرم والاكثر تجربة في تاريخ اسرائيل، “السيد أمن”، الذي كان “أول من لاحظ”؟ هل صعب على الامر، هل وجه اسئلة، هل قام بالتحدي، هل طلب من السياسي تساحي هنغبي بأمر مجلس الامن القومي بتقديم ورقة تعويذة، أو ارسل رئيس الموساد يوسي كوهين الى القطريين من اجل التوسل اليهم من اجل مواصلة اغراق القطاع بالاموال، وبالتالي، شراء السلام والهدوء، وفي نفس الوقت العمل على اضعاف السلطة الفلسطينية؟.
الوثائق التي ظهرت في التصريح بخصوص دور الشباك في فشل 7 اكتوبر، هي بالفعل الوثيقة الاولى الرسمية التي تفسر موقف رئيس الحكومة من الاشهر السابقة والليلة المصيرية. ليس فقط الشباك هو الذي فشل بشكل شامل، بل ايضا الجيش ورئيس الاركان وهيئة الاركان. اذا كانت هذه هي الحال فلماذا نتنياهو يكاد ينتحر من اجل منع تشكيل لجنة التحقيق الرسمية؟. من المفروض أن تبرئه من التهمة وتخرجه مع وسام. ما الذي يخاف منه كثيرا؟.
محاولة طرح نفسه كطفل تم أسره، وأنه لم يعرف كيف يسأل، هي أمر مثيرة للشفقة. هكذا ايضا الرسالة عندما قال بأنه فقد الثقة برئيس الشباك بسبب فشله عشية 7 اكتوبر. نتنياهو في نهاية المطاف مدح بار عدة مرات اثناء الحرب، وعلى الفور بعد اقالة وزير الدفاع يوآف غالنت اتصل معه ومع هرتسي هليفي وقال بأنه لا ينوي اقالتهما، وأنه يثق بهما.
التناقض بين رواية هذين الصقرين كبير. لا توجد طريقة للتسوية بينها، إلا من خلال تحقيق مضاد لنتنياهو وبار في المحكمة العليا، وهو الاجراء النادر جدا، في تحقيق شرطي أو عن طريق لجنة تحقيق رسمية. فقط هذه اللجنة مخولة بالاطلاع على كل البروتوكولات وليس مقاطع انتقائية أو متحيزة. فقط هذه اللجنة تستطيع التوصل الى نتيجة واحدة قاطعة، لا تقبل الجدل. بار مع، هليفي مع، غالنت مع، ومن الذي هو ضد؟.