يديعوت احرونوت: فرصة لتغيير المعادلة

يديعوت احرونوت 27/10/2024، نداف ايال: فرصة لتغيير المعادلة
في الجمهورية الإسلامية يوجد شعار هام، يقتبسه كثيرا الثوار الشيعة وعلى رأسهم خامينئي. كل يوم هو عاشوراء وكل مكان هو كربلاء. هذان هما الموعد والموقع حيث قتل خليفة محمد على رأيهم، الحسيني بن علي في المعركة مع الخونة القامعين (السُنة).
بكلمات أخرى: في كل يوم، وفي كل مكان، يضطهد الضحايا المقدسون؛ في كل مكان وزمان يجب الكفاح ضدهم. هذا الشعار يرافق ايران منذ صعود النظام. وهو يشرح جيدا فكرة “تصدير الثورة” – الى لبنان، العراق، اليمن، سوريا ودول الخليج. الاثمان التي دفعتها ايران على هذا المشروع الاصولي كانت عالية لكنها محدودة للغاية. أموال الجمهور الإيراني، الذي يعيش في دولة فقيرة وفاشلة، سلبت في صالح المعركة الشيعية العالمية. لكن ايران نفسها، في أراضيها السيادية لم تدفع اثمانا حقيقية، حربية، على أنها عملت وتعمل على نشر العنف الجماعي في المنطقة. بدأ هذا يتغير، ويرتبط بقرار يحيى السنوار الكارثي بالاجتياح وبتنفيذ قتل جماعي في إسرائيل في 7 أكتوبر. رسالة الهجوم هذه الليلة هي انه اذا كانت ايران تضرب في كل زمان ومكان فانها ستتلقى الضرب في كل زمان ومكان.
الإيرانيون هم الذين ارتكبوا هذا الخطأ. في السنة الأخيرة، شبكة الوكلاء التي بنتها ايران حول إسرائيل تعرضت لضربات قاسية وطهران هجرت استراتيجيتها الصبورة وهاجمت إسرائيل مباشرة. هكذا فعلت في نيسان، ومرة أخرى في بداية هذا الشهر. وبينما كان الرد الإسرائيلي في نيسان محدودا ودقيقا، كان رد الجيش الإسرائيلي في اليوم الأخير دقيقا لكنه كان هذه المرة أوسع بكثير، مكثفا. نصف قدرات الدفاع الجوي الإيراني الذكية دمرت؛ 4 بطاريات من اصل 9 اس 300 و 400 (حسب مصادر اجنبية). وتلك التي دمرت كانت في الأهداف الاستراتيجية الأهم. قدرات روسيا على إعادة تزويد ايران بهذه المنظومات محدودة، في ضوء الحرب في أوكرانيا. مسيرة انتاج الصواريخ الإيرانية تلقت ضربة متعددة الطبقات. كما أن أجهزة الإنتاج وكذا مرابض وقود حيوية وكذا ضربة ضد عناصر التوجيه.
في اثناء التخطيط، كان هاما لرئيس الوزراء ان تكون إشارة نووية ما. ومن هنا أيضا الضربة الرمزية في برتشين. الموقع الذي أجريت فيه تجارب على الاستعداد “لمجموعة السلاح” – المسؤولة عن مجرد التركيب لليورانيوم بالصيغة العسكرية وخلق رد متسلسل من التفجير مثلما أيضا وسائل الاطلاق او النقل الى الهدف. وضمت الحملة اكثر من 100 وسيلة جوية، طائرات ومُسيرات في موجات مختلفة، في تنسيق مركب للغاية. غايتها كانت مزدوجة: أولا، ضرب قدرات إيرانية هامة، تصعيب سباق التسلح لديهم بصواريخ باليستية و “اخلاء الطريق” نحو إمكانية هجوم اكثر حدة، ربما ضد منشآت النووي في المستقبل. ثانيا، اطلاق رسالة للايرانيين: لعل دولة ليس لها صواريخ حيتس او قبة حديدية لا ينبغي أن تواصل مهاجمة دولة توجد لها كل هذه وكذا سلاح الجو الأفضل في العالم.
كانت هذه حملة استثنائية مع تنفيذ كامل، على حد قول مصادر أمريكية وإسرائيلية. بعد قتل نصرالله، السنوار، ضيف، هنية، فؤاد شكر وآخرين، والعمليات الناجحة في لبنان وفي ايران، لا شك ان إسرائيل تجسد بالملموس قوة عسكرية فتاكة وناجعة. لكن يجب إبقاء العيون على الكرة، وها هي الكرة: لم يكن لإسرائيل ما يكفي من الردع تجاه خصومها. لا في 7 أكتوبر ولا في 8، مع هجمات حماس وحزب الله، وكذا في نيسان مع الهجمة الإيرانية وفي أكتوبر أيضا مع الهجمة القاسية بالصواريخ الباليستية. الردع يبنى أخيرا فقط باثر رجعي: في اختبار النتيجة. كل هذه الجهات هاجمت وبشكل مكثف. واليهم انضم الحوثيون، ميليشيات من العراق وكل أنواع الأصوليين. ومثلما يؤكد الأسبوع الرهيب الأخير، هذه الحرب مليئة بالايام والدماء. ترميم الردع يستغرق وقتا. اذا رد الإيرانيون، كما يقدرون في إسرائيل، فالمعنى هو أنهم مستعدون لان يتحملوا هجوما إسرائيليا آخر. ليس لإسرائيل مصلحة في حرب استنزاف متواصلة. لا إقليمية ولا محددة تجاه ايران؛ حدث كهذا يمكن أن يستمر لسنوات. الثمانه ستكون اعلى لدولة متطورة وغربية منها للدول الفاشلة حولها في الشرق الأوسط.
الجيش يجسد إنجازات. لكن هذه لا تكفي وحدها. اختبار الحكومة ورئيس الحكومة نتنياهو هو في خلق وضع إقليمي من النصر لإسرائيل ولحلف المعتدلين. ينبغي أن نكتب المرة تلو الأخرى: نصر مجوهري، بخلاف تصفية زعماء العدو او حتى ضربة عميقة للبنى التحتية العسكرية، هو نصر تكون فيه إسرائيل اكثر امانا في نهاية الحرب لان الواقع تغير الى ما وراء مستوى المعركة والحرب. مثلا: هناك التطبيق الكامل لـ 1701، توسيع يونيفيل، انزال جيش لبنان الى الجنوب وتقليص قوة حزب الله في لبنان. مثلا، نظام آخر في غزة ليس حماس ويحكم بنجاعة في القطاع دون بناء جيش ومخططات لاجتياح إسرائيل. مثلا، نظام إيراني يفهم بانه ملزم بوقف التمويل والاطلاق لوكلائه الإقليميين وتحويل حياة الإسرائيليين الى جحيم.
مثلما نشرت في هذه الصفحات، في ايران تتزايد الضغوط على الزعيم الأعلى للسماح بتطوير سلاح نووي حقيقي. حتى لو لم تبادر ايران الى مثل هذه الخطوة المتطرفة، في المداولات قبيل الهجوم كان واضحا بان نتنياهو يقدر بان دونالد ترامب هو الرئيس التالي للولايات المتحدة، بقدر عالٍ من اليقين. وعليه فقد شرح بانه ينبغي التجسيد كيف يمكن لإسرائيل ان تفتح النافذة لامكانية هجوم على المنشآت النووية في ايران؛ بنفسها او في الوضع المرغوب فيه اكثر – للقوة الناجعة والمتفوقة للولايات المتحدة. اذا كان هذا هو الوضع فالاحرى أن تكون إسرائيل ملزمة بان تبدأ بجني المكاسب، والتجسيد ليس فقط لقدرة عسكرية بل ولقدرة سياسية أيضا. وبخاصة اذا كانت الاختبارات الكبرى لا تزال امامنا.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook