يديعوت احرونوت: 30 سنة على اتفاق السلام مع الاردن

يديعوت احرونوت 22/10/2024، سمدار بيري: 30 سنة على اتفاق السلام مع الاردن
ثلاثة مواطنين يرتدون الزي العسكري الأردني تسللوا الى منطقة البحر الميت في إسرائيل قرب القرية الزراعية ناءوت هكيكار. الخطة: تنفيذ عملية باستخدام مسدسات غلوك على موقع عسكري إسرائيلي. لشدة الحظ انكشفت الخطة في توقيت دقيق. اثنان من القتلة اطلقت النار عليهما وصفيا. اما الثالث فنجح في الهرب الى الأردن. جندي ومقاتل احتياط اصيبا في الملاحقة للمخربين.
سارع الناطق العسكري الأردني للإعلان بانهم ليسوا جنودا أردنيين. وفورا بعده، كشف الناطق بلسان حركة الاخوان المسلمين في الأردن هوية اثنين من المخربين والوصيتين اللتين تركاها قبل ان يتسللا الى إسرائيل وذكرتا الثأر لغزة. وهما من أبناء “الجماعة”، كما قال الناطق بلسان الاخوان معاذ الخوالدة.
هذه سنة قاسية في العلاقات الأردنية الإسرائيلية. قبل خمسة أسابيع قتل سائق شاحنة اردني بالرصاص ثلاثة إسرائيليين، من عاملي جسر اللنبي في منطقة فحص وتفتيش الشاحنات الأردنية التي تخرج كل يوم الى قطاع غزة. عضو البرلمان الأردني، عماد العدوان، امسك به مع أسلحة كثيرة وكميات من الذهب اعتزم تهريبها لمنظمات إرهاب في الضفة الغربية. لم تكن هذه هي اول مرة له لكنها المرة التي امسك به متلبسا، اعتقل وحقق معه وبضغط اردني اعيد الى عمان وقدم الى محكمة عسكرية والغيت عضويته في البرلمان.
من الصعب التصديق لكن في السبت القريب ستحيا ذكرى 30 سنة على التوقيع على اتفاقات السلام. من يتذكر المقابلة الأولى التي اختار الملك حسين ان يمنحها لـ “يديعوت احرونوت” واعلن فيها بان “هذا سيكون سلاما فريدا من نوعه”. وفور الحدث تذكر صورة الملك حسين وهو يشعل سيجارة لرئيس الوزراء اسحق رابين الراحل ويوضح بان “الأردن هي دولة مرآة لإسرائيل”.
***
كل الكلمات الطيبة والوعود اللامعة لم تنجح حقا. رابين قتل، الملك حسين مات بالسرطان والصورة تغيرت. الملك عبدالله قال لصحيفة بريطانية ان “الفترة الأصعب عليّ هي بسبب نتنياهو”. العلاقات بردت، حدث سيء لاحق حدثا سيئا. والسفارة الإسرائيلية في حي الرابية في عمان اصبح مركزا لمظاهرات مئات واحيانا الاف الأردنيين الغاضبين. أتذكر جيدا اليوم الذي اطلق فيه رجل امن إسرائيلي النار فقتل أردنيين في شقته. نتنياهو، دون أن يفحص تفاصيل الحدث استدعى السفيرة والحارس الى مكتبه لعناق امام الكاميرات. في الأردن تميزوا غضبا.
اتفاق السلام مع الأردن كان يستهدف تحويل العلاقات السرية بين الدولتين، التي ولدت قبل عشرات السنين من ذلك، الى صيغة الأخت الكبرى والصغرى. منذ الحرب في غزة وفتح الجبهة حيال حزب الله، تبذل ايران جهدا خاصا في الأردن، بهدف اغلاق جبهة ضد إسرائيل. الأردن، كما من المهم جدا التشديد، لا ينثني. وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي، سيء الصيت عندنا بسبب تصريحاته الحادة ضد إسرائيل، بعد هجمة الصواريخ الإيرانية في نيسان، نهض وسافر الى طهران ليوضح لهم “لا تحاولوا مهاجمة إسرائيل من داخل أراضي المملكة”. كان هذا اغلاقا لدائرة، بعد أن حذر الملك عبدالله، قبل اكثر من 20 سنة من خطر “الهلال الشيعي” على حساب دول المنطقة.
الملك عبدالله يصمت منذ سنة. مكانه تحتله الملك رانيا، ابنة لفلسطينيين، بتصريحات لاذعة تجاه إسرائيل. ينبغي لنا أن نتفهم وضع الأردن، مع الانقسام بين البدو والفلسطينيين، مئات الاف اللاجئين، الوضع الاقتصادي السيء والحرد مع السعودية، كي نستوعب عمق المشكلة. على إسرائيل أن تجري حسابا – هل من الأفضل مواصلة العيش مع مملكة اردنية باردة، ام ترك الفلسطينيين يسيطرون على الضفة الشرقية ليصبحوا جيراننا الجدد على طول الحدود الطويلة.
***
أعود مرة أخرى الى رابين الراحل والى الملك حسين، الله يرحمه، كي اشير الى منظومة علاقات قريبة وخاصة جدا. كان يطيب لرابين أن يتحدث بشغف، سرا عن علاقاته مع الملك. مستشاره الكبير، ايتان هابر الراحل، اقام منظومة علاقات وثيقة مع مدير المكتب الملكي، الجنرال علي شكري. كان صعبا الا يتأثر المرء عندما يشاهد في قصر الملك إسرائيليين يربتون على كتف مسؤولين أردنيين او ولي العهد الأمير عبدالله، يور في أروقة الكريا في تل أبيب. التقيت به “صدفة” وتصافحنا بحرارة.
اهود باراك ونفتالي بينيت أيضا عرفا كيف يقدرا الأهمية الخاصة للسلام مع الأردن، الحدود الطويلة، 308 كيلو متر، التي تفصل بين الدولتين والجنود من الطرفين دون علاقات ودية قريبة على نحو خاص. شاحنات البضائع انتقلت من إسرائيل الى الأردن، ومن الأردن انتقلت البضائع من دول الخليج أيضا. مسار موازٍ تقرر بين الأردن والضفة الغربية في الاتجاهين.
الملك عبدالله، مثل ابيه، حلم بعلاقا وثيقة. لكن عندما جاء نتنياهو توقفت الخطوات دفعة واحدة. هنا وهناك عقدت لقاءات في المستوى العالي، لكن الملك لم يخفِ استياءه. اما نتنياهو، بالمقابل فألمح بنيته لمنح السعودية الرعاية “الأردنية” على المسجد الأقصى في شرقي القدس حيث قتل الملك عبدالله، جد الملك حسين. كما ان محاولة زيارة ولي العهد، الأمير حسين لم تنجح، واضطر لان يعود على اعقابه مع مجموعة الحراس الذين رافقوه وهو يمتلىء غضبا. امر مشابه حصل للسفير الأردني في إسرائيل، غسان المجالي. السفير جاء، أوقف، وبعد عدة أيام عاد مرة أخرى، بعد أن فهمت محافل رفيعة المستوى جدا في إسرائيل حساسية الحدث.
لا توجد اليوم علاقات علنية بين الدولتين. ارتباطات الجيش لا تزال قائمة، لكنها هبطت درجة واحدة على الأقل. حدثان سيتمان قريبا لاحياء 30 سنة على السلام الان. في احداهما، في معهد بحوث الامن القومي، أوضح بانه لن يكون حضور اردني، بامر من فوق من عمان. في الحدث الثاني، في يوم الذكرى لاغتيال رابين لا تزال تدرس إمكانية جلب مجموعة صغيرة للحديث بشغف عما كان عليه السلام. محاولة اجريتها مؤخرا لزيارة المملكة، اصطدمت بوجوه جامدة. لا تأتي، حذرني مصدر اردني كبير جدا، “واذا اصريتي على المجيء فلا تأتي اليّ ولا تهاتفيني لانك ستورطينا نحن الاثنين”.