ترجمات عبرية

هآرتس: بعد سنوات من الاجماع التصدير الأمني لإسرائيل يعصف بألمانيا والسلاح يتأخر

هآرتس 16/10/2024، أمير تيفون: بعد سنوات من الاجماع التصدير الأمني لإسرائيل يعصف بألمانيا والسلاح يتأخر

حكومة المانيا تعقد كل يوم اثنين مؤتمرا صحفيا فيه يجيب المتحدثون بلسان الوزارات الحكومية على الاسئلة. الاسئلة تتركز حول المواضيع الهامة على جدول الاعمال، وعلى الاغلب حول مواضيع داخلية أو حول الحرب في اوكرانيا. في هذا الاسبوع خلافا لما هو سائد فان الموضوع الذي تم ذكره مرات كثيرة في اسئلة الصحافيين هو التصدير الالماني لاسرائيل. “أنا لا أتذكر أنه كان ذات يوم انشغال عام بهذا القدر من الاهمية بهذا الموضوع”، قال للصحيفة كريستوف شولت، مراسل مجلة “دير شبيغل”. وحسب قوله فان قضية كانت في السابق تعتبر أمر عليه اجماع مطلق من الجمهور تحولت في الاسابيع الاخيرة الى موضوع سياسي يثير اجابات صاخبة في الحكومة ووسائل الاعلام والمعارضة.

المانيا هي المزودة الاكثر اهمية للوسائل الامنية في القارة الاوروبية، والدولة الوحيدة التي ترسل لاسرائيل اكثر منها سلاح ومعدات امنية هي الولايات المتحدة. في لب الخلاف تقف ادعاءات المعارضة في المانيا وادعاءات وسائل الاعلام المؤيدة لاسرائيل، التي بحسبها الحكومة برئاسة المستشار اولف شولتس، جمدت كليا التصدير الامني من المانيا لاسرائيل. شولتس وحكومته ينفون هذه الادعاءات، لكنهم يعترفون بأن عملية التصدير الامني اصبحت بطيئة جدا، نتيجة الحاجة الى التأكد من أن اسرائيل لا تستخدم السلاح أو اجزاء من المنتجات الالمانية في ارتكاب اعمال مخالفة للقانون الدولي. اسرائيل نفسها تحتفظ بالصمت الرسمي حول هذا الموضوع، لكن جهات في حكومة المانيا تعتقد أن مصدر جزء من هذه المنشورات يكمن في احاطات وصلت من الجانب الاسرائيلي، وهم غاضبون من ذلك. 

البروفيسورة جيزلا ديكس، من الجامعة العبرية في القدس، التي عملت في السابق كمراسلة في اسرائيل لوسائل اعلام معروفة في المانيا قالت للصحيفة بأن الانشغال المتزايد بقضية التصدير الامني لاسرائيل هو أمر غير مسبوق. “لقد كانت في السابق نقاشات حول هل المانيا يجب أن تبيع السلاح لدول مثل تركيا أو السعودية، لكني لا أتذكر وضع فيه المساعدات لاسرائيل كانت محل خلاف وتظهر بهذا الشكل في العناوين”، قالت. “هناك ضغط على الحكومة من الجانبين في هذا الموضوع. المعارضة تتهمهم بادارة الظهر لاسرائيل، لكن هناك ايضا اصوات تعبر عن الانتقاد بالتحديد لأنهم يواصلون الدعم”.

حكومة شولتس التي تتكون من ائتلاف يضم الحزب الاشتراكي – الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الليبرالي اف.دي.بي، نفت بشدة التقارير التي تتحدث عن تجميد المساعدات، لكن الانشغال في هذا الموضوع لم يتوقف. في الاسبوع الماضي هاجم الحكومة رئيس المعارضة في المانيا، فريدريك ميرتس، رئيس حزب المسيحيين الديمقراطيين. في جلسة خاصة في البرلمان بمناسبة مرور سنة على 7 اكتوبر اتهم الحكومة بالاضرار الشديد بالعلاقات مع اسرائيل. شولتس قال ردا على ذلك بأنه “نحن لم نقرر عدم تزويد السلاح. لقد ارسلنا لاسرائيل السلاح وسنواصل ارساله. هذا هو موقف الحكومة. سيكون هناك المزيد من الارساليات في القريب”.

لكن وراء هذه التصريحات للمستشار تقف حقيقة معقدة، التي طرحتها للصحيفة جهات رفيعة في الدولتين والمشاركين في هذه النقاشات حول هذا الموضوع. الحكومة الالمانية تخشى من دعاوى في المحاكم في الدولة بحيث تفرض قيود متشددة على قدرتها على مواصلة تصدير السلاح وقطع الغيار لاسرائيل، لذلك هي تضطر الى فحص كل ارسالية مخصصة لاسرائيل قبل المصادقة عليها. عملية الفحص والمصادقة للارساليات تمر عبر لجنة حكومية لشؤون الامن، التي تعتبر نقاشاتها سرية.

وزيرة الخارجية الالمانيا امالنا باربوك، التي تنتمي لحزب الخضر، ذكرت الخوف القانوني للحكومة في الاقوال التي قالتها في الاسبوع الماضي حول التصدير الامني لاسرائيل. فقد اشارت بأنه قدمت لمحكمة العدل الدولية دعوى ضد المانيا بذريعة أن السلاح الذي توفره لاسرائيل يساعد في ارتكاب ابادة جماعية في غزة، وأن الحكومة الالمانية قالت ردا على هذه الدعوى بأنها حقا تزود السلاح من اجل دعم اسرائيل ولكنها ترفض تماما الاتهام وكأن ارساليات السلاح هذه تساعد في ارتكاب ابادة جماعية.

حسب مصدر اسرائيلي رفيع فانه ايضا التفسير الرسمي للحكومة في برلين هو الخوف من خطوات قانونية. هناك تأخير كبير في عملية المصادقة على التصدير من المانيا. “هم يخشون ليس فقط من دعاوى دولية، بل ايضا من امكانية أن تناقش محكمة في داخل المانيا هذا الموضوع وتقرر وقف ارساليات السلاح”. “مع ذلك”، قال المصدر الاسرائيلي، “تصعب معرفة أين بالضبط يمر الخط الفاصل بين هذا الخوف وبين معارضة سياسية لجزء من الائتلاف الحالي هناك لتصدير السلاح لاعتبارات اخرى”.

في يوم الاحد نشرت الصحيفة الالمانية “بيلد” المعروفة بدعمها لاسرائيل، مقال جاء فيه أن التأخير في نقل المعدات الامنية لاسرائيل هو طلب حزب الخضر في اعقاب معارضة الاعضاء فيه للمس بالمدنيين في القطاع. ايضا هذا النشر نفته الحكومة الالمانية. وحسب اقوال المصدر الاسرائيلي الرفيع فانه “توجد لدينا مشكلة حقيقية مع حزب الخضر، لا يمكن القول بأن كل شيء بسببه، لكن من الواضح أنه يتبنى في الاشهر الاخيرة خط اكثر انتقادا تجاه اسرائيل طبقا لمواقف ناخبيهم”.

هذا الموضوع بدأ يظهر في العناوين في الشهر الماضي، بعد عدة تقارير بأن الحكومة الالمانية جمدت كليا كل التصدير الامني لاسرائيل في اعقاب اطالة الحرب في غزة. دول اوروبية اخرى، من بنيها بريطانيا وايطاليا واسبانيا، اعلنت في الاشهر الاخيرة عن تجميد بيع السلاح لاسرائيل، لكن كمية التصدير الامني من هذه الدول لاسرائيل ضئيلة مقارنة مع التصدير من المانيا، التي ارسلت في 2023 معدات امنية بمبلغ 350 مليون دولار لاسرائيل. 

الدكتورة مايا شيئون، الخبيرة في العلاقات الاسرائيلية – الاوروبية في معهد متافيم في الجامعة العبرية، قالت للصحيفة إن المانيا ليست الدولة الوحيدة التي اضطرت الى الموازنة بين دعم اسرائيل والخوف من التداعيات القانونية. “عندما يوجد تصادم بين الرغبة والدعم لاسرائيل وبين الرغبة في تطبيق واحترام القانون الدولي فان المصالح الوطنية في اوروبا هي تأييد القانون الدولي، سواء بسبب المعايير أو بسبب التهديد الروسي لاوكرانيا الذي هو مصلحة امنية تتغلب على ثقل وزن العلاقات مع اسرائيل”، قالت واضافت. “هذه المقاربة سائدة في الاساس في اوساط حزب الخضر واحزاب اليسار في اوروبا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى