هآرتس: الإصلاح القضائي مزق المجتمع الإسرائيلي، والحكومة تواصل حملة الهدم

هآرتس 7/10/2024، يوسي فيرتر: الإصلاح القضائي مزق المجتمع الإسرائيلي، والحكومة تواصل حملة الهدم
يوجد خط ممتد بين ليل 4 كانون الثاني 2023 وصباح 7 أكتوبر من تلك السنة. في المساء الذي ظهر فيه على شاشة التلفزيون وزير العدل، حاقد ومنتقم، واعلن عن ولادة “الإصلاح القضائي” زرعت بذور الاضطرابات التي أدت في غضون تسعة اشهر الى هجمة حماس. يريف لفين، بإذن وبتخويل من رئيس الوزراء، نفذ عملية ضد الأساسات الديمقراطية لإسرائيل، وعلى رأسها المحكمة العليا وجهاز القضاء كله. على مدى تسعة اشهر هو والسانشوبنسا خاصته سمحا روتمان، الذي تفوق عليه أحيانا، عملا بشغف وبكد على سحق الدولة والمجتمع الإسرائيلي طولا وعرضا. في اللغة العسكرية المتبعة اليوم قاما بعملية “تمهيد” او “تسطيح” في خدمة العدو من الجنوب.
الشعب تمزق بين مؤيدي الإصلاح ومعارضي الانقلاب ضد الديمقراطية. وحدة الجيش وضعت لأول مرة قيد الشك. جنود وضباط احتياط اعلنوا بانهم لن يخدموا نظاما دكتاتوريا (لكن الأغلبية وعدت دوما بانه اذا ما تعرضت إسرائيل للهجوم فانهم سيمتثلون للخدمة). الردع المجيد تضرر. الاقتصاد ومرافقه اهتزت. فجوة عميقة فتحت فاها بين إسرائيل والولايات المتحدة الامر الذي بحد ذاته يشكل خطرا على أمن إسرائيل.
التحذيرات والاخطارات تدفقت من كل صوب: من أمان، من الشباك، من “أصدقائنا الأمريكيين”. نتنياهو الغى واستخف. فقط وزير واحد، يوآف غالنت، كان شجاعا بما يكفي ليحذر علنا من “خطر واضح وفوري على امن الدولة”، قبل أكثر من نصف سنة من المذبحة. وقد عقوب بالاقالة، التي الغيت، ومنذئذ اصبح العدو رقم 1 لعائلة نتنياهو. اليوم أيضا سيف الإقالة يحوم من فوق رأسه.
غالنت، ربما بسبب مسؤوليته عن القصور، يبدي التزاما حقيقيا لاعادة الـ 101 مخطوفا من غزة. حتى بثمن وقف الحرب. يشاركه في ذلك قادة جهاز الامن. لكن مثلما في أيام الانقلاب، للرجل الذي يقرر يوجد جدول أعمال آخر تماما. بين 4/1 و 7/10 سعى لان ينتقم من جهاز القضاء الذي “حاك له ملفا” واخصاء استقلاليته، كي لا يتجرأ احد في المستقبل على أن يلمسه.
منذئذ وهو يركز على بقائه السياسي والشخصي. كان هذا دوما هو الفريضة العليا، او الفكرة التأسيسية التي يستقيم معها كل شيء. وعليه، فمنذ تشرين الثاني من العام الماضي رد واحبط وعرقل بمنهاجية كل مبادرة لصفقة مخطوفين. في كل مفترض كان مطالبا فيه أن يحسم بين إعادة المخطوفين وتعميق المناورة العسكرية، او احتلال مدينة ما، فعل خياره. اليوم الامريكيون يقدرون بان يحيى السنوار حي وان لا مصلحة له في الصفقة. فلماذا يبدي نتنياهو مصلحة فيما هو يتنازع مع الرئيس جو بايدن غير القادر على أن يرفع له هاتفا دون أن يبتلع قرصا ضد الغثيان، وعشية تدهور محتمل بلا حرب إقليمية شاملة؟ وهل لنتنياهو مصلحة في صفقة تهديء المنطقة وتساعد كمالا هاريس في الانتخابات للرئاسة ام أنه غارق حتى الرقبة في حملة دونالد ترامب؟
هذه ليست المرة الأولى التي تتقاطع فيه مصالح نتنياهو والجار من غزة. الفرق بينهما هو ان الأول يخدم الثاني. في العقد الأخير كان نتنياهو هو أبو المفهوم الذي لاجل اضعاف السلطة الفلسطينية يجب تعزيز حماس. هو اعطى والسنوار أخذ. يئير لبيد قال ذات مرة عن نتنياهو انه لن يقام على اسمه مكب في إسرائيل. ربما نعم وربما لا، لكن اذا ما بنيت ذات يوم ديزني لاند في غزة يجدر بها أن تسمى على اسم رئيس وزراء إسرائيل. الرجل والخيال.
بعد سنة، الحرب لم تنتهي بل تتسع. المعاناة لا تنتهي و 101 مخطوفا لا يزالون في غزة. كان يمكننا أن نواجهة بسهولة اكبر الوضع لو كانت هنا حكومة طبيعية تهتم بمواطنيها وليس بنفسها. لو كان رئيس وزراء والوزراء يتصرفون بما يتناسب مع ذلك. لو كان نتنياهو يبدي ذرة من عطف بايدن وكبار ادارته لعائلات المخطوفين. لو كان الوزراء ما كانوا يبصقون لنا في الوجوه كل يوم. لو لم تكن ميري ريغف تمزق المعمورة في رحلات فساد تكلف الملايين فيما لا يستطيع رجال الاحتياط الوصول الى وحداتهم بسبب السبت. لو لم يكن يريف لفين يواصل حملته في التدمير. لو كان بتسلئيل سموتريتش يتصرف كوزير مالية دولة في ازمة وليس كوزير مالية المستوطنات. لو لم يكن دودي إمسلم يستفز عن قصد حين يتساءل “ما الذي حصل”. لو ان اسحق غولدكنوف وآريه درعي ما كانا يقدسان تلاميذ المدارس الدينية المتملصين من الخدمة ويذرفان دموع التماسيح على الشهداء. لو كان ايتمار بن غفير يعالج الجريمة ومشكلة الفلسطينيين بدون تحريض ضد المصلين في المسجد في يافا. لا يهم أي منصب يحتله الرجل فانه يصل دوما الى الساحة ليصرخ، ليشهر ويفتري.
هذا المساء سيجرى الواحد تلو الاخر احتفالا الذكرى. الاحتفال العائلي سيبث بالبث الحي والمباشر من حديقة اليركون في تل أبيب وبعده الحكومي المسجل مسبقا لوزير الاحتفالات ريغف. هي بالمناسبة امسك امس متلبسة بالكذب حين حاولت بحرج ان تخفي موعد وجودها في خارج البلاد على حساب مشاركتها في جلسات الكابنت السياسي – الأمني.
ننتظر لنرى كيف دللت ريغف، الارنبة المخلصة لمحب الاستمتاعات، زعيمها وزوجته. بخطاب؟ بفيلم يعظم اعمال السيدة الشهيرة؟ الرأس يمتنع عن ان يستوعب كيف أنه حتى بعد سنة، رئيس حكومة القصور والمذبحة سيحصل على زمن هواء كي ينثر شعاراته الهزيلة. غولدا مائير، التي قصورها يشحب امام قصوره، ازاحت نفسها حتى يومها الأخير، حتى بعد الانتصار العسكري اللامع في الحرب التي استمرت ثلاثة أسابيع فقط. اما نتنياهو فلا يبدي أي ذرة ندم أو ألم، احساب بالذنب او تعذيب ضمير. ببساطة لانه لا ضمير له.
هو لم يعترف بالمسؤولية ولن يعترف ابدا. هو لم يشكل لجنة تحقيق رسمية ولن يشكلها أيضا. حكمه مضمون حتى أكتوبر 2026. فما الذي حصل؟