ترجمات عبرية

هآرتس: التفوق اليهودي والمطالبة بالاراضي يشدد التطرف

هآرتس 6/10/2024، جاكي خوري: التفوق اليهودي والمطالبة بالاراضي يشدد التطرف

عشية ذكرى مرور سنة على 7 اكتوبر، يمكن لاسرائيل ظاهرا أن تطلق رسالة لدول الشرق الاوسط والعالم بعامة: رممنا آلية الردع. الدمار في غزة كان مجرد المقدمة للانعطافة في 17 ايلول، مع الانفجارات الغامضة لاجهزة البيجر لرجال حزب الله. بعد ذلك جاءت الاغتيالات للامين العام حسن نصر الله وكبار رجالات المنظمة، المناورة البرية في جنوب لبنان، استمرار الهجمات في القطاع، هجمات في اليمن وفي سوريا، احباطات مركزة واغلاق حساب مع عبد العزيز صالحة، من منفذي الفتك في رام الله قبل 24 سنة.

وإن لم يكن هذا بكاف فان اسرائيل لا تتردد في ارسال طائرات قتالية حتى الى داخل مخيم اللاجئين طولكرم في الضفة الغربية، والآن ينتظر الجميع الرد سيكون في عمق ايران، بعد هجمة الصواريخ من هناك في الاسبوع الماضي.

كل شيء ممكن، كل شيء متاح. من سيقف ضد دولة اسرائيل. حتى الامين العام للامم المتحدة بجلالة قدره وبنفسه يوصف كشخصية غير مرغوب فيها، مثلما اعلن وزير الخارجية اسرائيل كاتس الاسبوع الماضي. رب البيت جن جنونه، نزعنا القفازات. هيا نري شدة اسرائيل، العضلات الفولاذية. لن يغير أي حكم وأي ضغط دولي الرواية الاسرائيلية: القوة ومزيد من القوة حتى “النصر المطلق”.

لكن مع كل الهجمات والتفوق العسكري والاستخباري الذي تبديه اسرائيل، خاصة في الاسابيع الاخيرة، فان الواقع في الشرق الاوسط لن يتغير بالقوة. ربما في المدى القصير سخلق اسرائيل صورة الدولة القوية في المنطقة التي تحمي مصالحها وأمنها. من خلف هذه الصورة يمكن لاسرائيل أن تواصل قمع الفلسطينيين؛ أن تبني مزيدا من المستوطنات في الضفة الغربية، وربما في شمال قطاع غزة؛ أن تهاجم في لبنان وفي سوريا؛ أن تميز بحق مواطنيها العرب وأن تظن بأن العالم العربي ساذج وعديم المبادرة.

نظرية كهذه هي بالضبط المفهوم لكارثة اخرى. هكذا ستنشأ كراهية اخرى، وهكذا ستشتعل نار الثأر. التاريخ مليء بالامثلة، لكن يكفي فحص ما حصل اليوم قبل 51 سنة: في 6 اكتوبر 1973، بداية حرب يوم الغفران. في حينه ايضا عرفت اسرائيل الضربة التي تلقتها بكلمة “قصور” وعملت على ترميم الردع في زمن قصير. لكن في النهاية سارت على الخط وفهمت أنه لاجل تهدئة الجبهة الاكثر تحديا في العالم العربي، فان عليها أن تتنازل عن الاحتلال في سيناء. بعد تسعة سنوات، في 6 حزيران 1982 اجتاحت اسرائيل لبنان، وصلت حتى بيروت، طردت قادة م.ت.ف وسعت الى اتفاق منفرد برئاسة الرئيس بشير الجميل. الرئيس قتل والحلم اندثر. بعد بضع سنوات علقت اسرائيل في الانتفاضة الاولى، ما هيأ لمبادرات اوسلو ومدريد. كل تهدئة لم تنشأ إلا بعد أن فهمت اسرائيل واجب الحديث مع الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقه، وذلك لأن القمع والتصفيات لم تغير الواقع.

اريئيل شارون، أبو المستوطنات، الذي انتخب لرئاسة الوزراء على خلفية الانتفاضة الثانية، اضطر هو الآخر في نهاية الامر الى أن يعرض خطة سياسية – حتى لو كانت جزئية – وأن ينسحب من طرف واحد من قطاع غزة. إن عدم الاعتراف بالقيادة الفلسطينية والرغبة في خطوة من طرف واحد عززا بالذات قوة حماس وأهانا قادة السلطة الفلسطينية.

في اليمين المسيحاني يصفون ما يحصل هذه الايام بأنه “معجزة وخلاص”. هم يرون في موجة الهجمات مرحلة في الطريق الى توطن اجزاء خرى في بلاد اسرائيل، عبر تقليص الارض المعيشية للفلسطينينين. رغم ذلك، الفلسطينيون لا يهربون، وبالتأكيد لا يفعل ذلك اللبنانيون. اسرائيل يمكنها أن ترمم الردع وتقصف غزة ولبنان. العالم سيواصل الانفعال لعمق الاختراق الاستخباري ولوقع الذراع. لكن في النهاية عليها أن تستوعب: القوة الزائدة لن تبقيها سوية العقل ومحبة للحياة. وبالذات من موقع القوة يجب أن تعترف بحقوق الآخرين وأن تفهم بأن التفوق اليهودي والمطالبة بالاراضي يشدد التطرف فقط – ولا يحله قبل أن يحل القصور التالي.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى