يديعوت: التطبيع السعودي الإسرائيلي: نظرة من ثلاث زوايا

يديعوت 2023-09-07، بقلم: أيال حولتا*: التطبيع السعودي الإسرائيلي: نظرة من ثلاث زوايا
الزاوية الإسرائيلية. يعد التطبيع مع السعودية حقاً الكأس المقدسة في تثبيت مكانة دولة إسرائيل في الشرق الأوسط. فالإمكانيات الاقتصادية حيال السعودية وفتح الأفق السياسي مع باقي العالم الإسلامي السني ستكون غير مسبوقة، وأدت هذه الحوافز إلى جهد طويل السنين للحوار في قنوات سرية مختلفة.
على مدى فترة طويلة كان السبب الأساس للتأخر في التقدم نحو التطبيع غياب التقدم الموازي في المسيرة السياسية مع الفلسطينيين. فالسعوديون، الذين أطلقوا مبادرة السلام العربية في 2002، عرضوا على مدى السنين تقدمها كشرط للتطبيع مع إسرائيل. في السنوات الأخيرة مع ذلك يوجد فهم في العالم العربي بأن العلاقات العلنية مع إسرائيل تخدم مصالح أمنية واقتصادية مهمة. ساهم في ذلك خيبة أمل عربية عميقة من سلوك القيادة الفلسطينية وتبادل الأجيال في القيادات السياسية. هكذا وقعت اتفاقات إبراهيم في ظل تنازل عن مطلب مهم بشأن الساحة الفلسطينية، وفي أعقابها أطلت بوادر أولية لتسخين متجدد لمنظومات العلاقات مع مصر والأردن. وصف رئيس الوزراء نتنياهو التطبيع مع السعودية بأنه أحد الأهداف المركزية لحكومته، وذلك في ضوء الفهم بأنه توجد وحدة مصالح بين إسرائيل، السعودية، والولايات المتحدة.
ماذا يريد السعوديون؟ أولاً وقبل كل شيء يريدون تحسين مكانتهم في الولايات المتحدة والتي ضعفت عقب خلافات على سياسة تصدير النفط والتعاون مع الصين، خاصة في أعقاب قتل الصحافي جمال خاشقجي في 2018. السعودية معنية بسلاح متطور وبحلف دفاع مع الولايات المتحدة يحميها من إيران. كما تتطلع لتطوير برنامج نووي مدني مع دائرة وقود كاملة تتضمن التنقيب عن اليورانيوم، وتحويله وتخصيبه وتشغيل المفاعلات. تدعي السعودية، وعن حق من ناحيتها بأنه بعد أن أعطى الاتفاق النووي في 2015 إيران الحق في دائرة وقود، فإنها تستحق ذلك هي أيضاً، وتحذر من أنها إذا لم تحصل على ذلك من الولايات المتحدة، فستحصل عليه من الصين.
إذا حصلت السعودية – لا سمح الله – على دائرة وقود كاملة، معنى الأمر أنها ستكون قادرة على أن تبني برنامجاً سرياً يقوم على أساس التكنولوجيا التي حصلت عليها وتطوير سلاح نووي. فضلاً عن ذلك، فإن دولاً عديدة أخرى ستطالب بالسير في أعقابها، حيث سيولد سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.
حذار أن تتشوش إسرائيل في سلّم أولوياتها: التطبيع مع السعودية لا يمكنه أن يأتي على حساب منع التحول النووي العسكري لدول المنطقة. فحاجة رئيس الوزراء إلى إنجاز سياسي وتطلع لزيارة واشنطن لا يمكنهما أن يأتيا على حساب المصالح الأمنية بعيدة المدى لإسرائيل.
الزاوية الأميركية. لماذا من الملح للولايات المتحدة الدفع قدماً بالتطبيع مع السعودية؟ هذا منوط بمن تسأل. معظم أعضاء الكونغرس، من الحزبين، سيقولون: إنه ليس ملحاً على الإطلاق، وإن السعودية ليست جديرة بسلاح متطور وتكنولوجيات نووية. الخصومة مع الصين والغضب على السعودية التي تلعب بين القوى العظمى سيجعلان من الصعب مع الوقت أن يدعم الكونغرس مثل هذه الخطوة. لكن بالتوازي، فإن إدارة بايدن معنية بأن توقف ميل تسلل الصين إلى الشرق الأوسط وإبعادها عن السعودية. كما أن أمن إسرائيل مهم لها، وتثبيت إرثها كمن نجحت في تحقيق سلام بين إسرائيل والسعودية. إضافة إلى ذلك، داخل الحزب الديمقراطي لن ينظروا بعين العطف إلى اتفاق تطبيع دون عنصر فلسطيني مهم، لا يريده الائتلاف الحالي في إسرائيل، ولا يمكنه أن يوفره. وعليه، فمن الصعب أن نعرف إذا كانت الولايات المتحدة ستنجح في أن ترتب كل هذه العناصر في الزمن القصير حتى الانتخابات في تشرين الثاني 2024
في الزاوية الشخصية، كمن شارك على مدى السنين في تقريب العلاقات بين إسرائيل والسعودية، كان يسرني جداً أن أرى تحقق خطوة التطبيع. إلى جانب ذلك، من المحظور السماح بتخصيب ذاتي من أي من الدول في منطقتنا، وينبغي الالتصاق بحلول تضمن عدم تسرب تكنولوجيات نووية حساسة إليها. كما يصعب عليّ أن أرى كيف يمكن لصفقة كهذه أن تتحقق دون رزمة فلسطينية ذات مغزى، سواء بسبب الطلب الأميركي أو الطلب السعودية. وعليه فإن فرص الوصول إلى اتفاق متدنية جداً. إضافة إلى ذلك، تقلقني إمكانية أننا لا نسير فقط نحو تفويت فرصة تاريخية للتطبيع، بل من شأننا أيضاً في إطار ذلك أن نتنازل عن مصالح أمنية حيوية ونثبّت هذا نقطة بدء في كل مفاوضات مستقبلية.
* مستشار الأمن القومي ورئيس هيئة الأمن القومي سابقاً، وباحث كبير في معهد (FDD) بواشنطن.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook