إسرائيل اليوم: حرب لبنان الثالثة

إسرائيل اليوم 16-7-2023، بقلم أيال زيسر: حرب لبنان الثالثة
في الأسبوع الماضي، الذي أحيت فيه إسرائيل 17 سنة على نشوب حرب لبنان الثانية، وجدت نفسها أقرب مما كانت منذ تموز 2006 إلى حرب لبنان الثالثة، حرب شاملة مع “حزب الله”.
مثلما في حينه –لا أحد اليوم أيضاً يريد الحرب: لا نصر الله، الذي تذوق وقع ذراع الجيش الإسرائيلي، ولا حتى حكومة إسرائيل الغارقة حتى الرقبة في مشاكل داخلية وغير متفرغة في مواجهة التحديات الواقفة على أعتابها في مجالات الاقتصاد والسياسة الخارجية، وأولاً وقبل كل شيء تحديات الأمن.
اتخذ القرار في آذار 2023 حين تسلل مخرب بعث به أغلب الظن “حزب الله” إلى إسرائيل من أراضي لبنان، وفعّل في مفترق مجدو عبوة جانبية شديدة الانفجار.
امتنعت إسرائيل عن الرد، وهكذا بثت ضعفاً وعززت ثقة نصر الله أن بوسعه خرق الهدوء السائد على طول الحدود منذ حرب لبنان الثانية، والعمل ضد إسرائيل دون تخوف من رد فعلها.
بعد ذلك، جاءت نار الصواريخ من أراضي لبنان، التي كان مريحاً لإسرائيل أن تنسبها لحماس، فتعفي بذلك “حزب الله” من كل مسؤولية عن النار.
والآن نجد أنفسنا أمام خيمة أقامها “حزب الله” في أراضي إسرائيل، هي بمثابة خطوة أولى على الطريق إلى المعركة لاحتلال الجليل، والتي يهددنا بها نصر الله في كل خطاب له.
لقد كانت حوادث التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية أمراً متكرراً في الخمسينيات، في بداية أيام الدولة، حين كانت الحدود فالتة وبدون أسيجة ووسائل أمن متطورة. لكن كان لإسرائيل في حينه رئيس وزراء لم يقم لنا مثله حتى اليوم هو دافيد بن غوريون، الذي كان مع كل تسلل كهذا، يأمر الجيش برد فوري لطرد الغزاة – مصريين، أردنيين أو سوريين – من أراضينا.
غير أن الأمور اليوم مختلفة تماماً، والنتيجة أن “حزب الله” يثبت وجوده في أراضينا تحت عيون مفتوحة لدى جهاز الأمن والحكومة.
يبدي حسن نصر الله حذراً ويعمل بذكاء، لكن يبدو أنه نسي “الضاحية”، الحي الشيعي لبيروت الذي فيه قيادات التنظيم والذي سواه سلاح الجو مع الأرض في أثناء حرب لبنان الثانية.
وفضلاً عن ذلك، فإن نصر الله مغامر بطبيعته، فما بالك إذا قدر بأن إسرائيل غارقة في ورطة من المشاكل الداخلية، وبالتالي ستمتنع على الرد وستفضل احتواء هذه الاستفزازات.
لقد ثبتت صحة حسابات نصر الله حتى الآن، ونجح رهانه، غير أنه بدلاً من التوقف وجني الأرباح، يواصل طريقه بل ويرفع الرهان. وهكذا، انتقلنا من الخيمة إلى صاروخ مضاد للدروع نحو إسرائيل من أراضي لبنان، ومحاولات متكررة للمس بالجدار الحدودي. وأضيفت قرية الغجر في الأسبوع الأخير إلى المعادلة حين بدأ نصر الله يتحدى الوضع الراهن القائم في الدولة، التي يقع قسم منها على أرض لبنانية، لكنها تحت سيطرة أمنية إسرائيلية.
إن امتناع إسرائيل عن الرد على استفزازات نصر الله أمر خطأ، ومحاولة إيجاد حل للأزمة بوسائل دبلوماسية هي مزحة. أناس مثل نصر الله يفهمون القوة لا غير.
بالمناسبة، امتناع إسرائيل عن حل مشكلة الغجر لسنين طويلة – إخلاء قسمها الشمالي الموجود في أراضي لبنان ودفع تعويضات للمواطنين الذين يسكنون فيها – هو أيضاً تعبير عن قصر نظر وضعف، وربما أيضاً على غياب ثقة من حكومة إسرائيل بأننا سنبقى نحوز القرية (التي هي جزء من أراضي هضبة الجولان، التي احتللناها في 1967).
كان ينبغي معالجة “حزب الله” بشكل فوري، حين وطئت قدم مقاتل “حزب الله” الأول طريقها في أراضي إسرائيل، وبالتأكيد كان محظوراً الوصول إلى وضع خيمة “حزب الله” في أراضينا، وهي قاعدة لمطالبة مستقبلية من التنظيم بأرض إسرائيلية. لكن الأمر غير متأخر، ونأمل أن تصحو حكومة إسرائيل وتضع خطوطاً حمراء أمام نصر الله فتمنع بذلك نشوب حرب لبنان الثالثة.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook