ترجمات عبرية

يديعوت: نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط: إسرائيل في الخلف

يديعوت 2023-04-10، بقلم: إيال زيسرنظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط: إسرائيل في الخلف

إذا كان أحد ما عندنا اعتقد بأن الشرق الأوسط سينتظر إسرائيل إلى أن تصحو وتعود لذاتها أو إلى أن ترتب علاقاتها مع واشنطن فإنه مخطئ.

الشرق الأوسط كالمرجل. استأنفت السعودية علاقاتها مع إيران بعد سنوات عديدة من القطيعة بل العداء. كما أنها توشك على أن تعيد فتح سفارتها في دمشق، وتدعو بشار الأسد ضيف شرف إلى القمة العربية التي ستنعقد قريبا في الرياض.

سورية، عضو الشرف في “محور الشر” الذي يربط بين طهران، دمشق، وبيروت، تعود بقوة إلى العالم العربي. زار الأسد في الأسابيع الأخيرة الإمارات وعُمان، وهو يوثق العلاقات مع مصر بل مع الأردن. ينتظر الكل الانتخابات في تركيا في أيار القادم، وبعدها ستحدث انعطافة في علاقات تركيا مع العالم العربي، وأساسا مع سورية.

لعل هناك من يأمل في أن يؤدي العناق الذي يمنحه العالم العربي لدمشق إلى أن يبعد الإيرانيين عن سورية. لكن هذا بالطبع وهم، كون من سيخرج رابحا من الخطوة هي إيران، التي تسعى لأن ترسم خارطة شرق أوسطية جديدة، تضعها في الوسط.

قبل أقل من ثلاث سنوات فقط وقع في ساحة البيت الأبيض على اتفاقات إبراهيم، اتفاقات سلام خارطة للطريق بشرت بقيام نظام إقليمي جديد خصص فيه لإسرائيل دور أساس.

أربع دول عربية – الإمارات، البحرين، المغرب، والسودان – وقعت على هذه الاتفاقات، وكان يخيل أن السعودية ستكون التالية في الدور، وأن اتفاق السلام معها هو مسألة وقت.

عبّر التوقيع على الاتفاقات عن اعتراف عربي بقوة إسرائيل وبأن توثيق العلاقة معها هو السبيل لضمان استقرار إقليمي وأمني، في ضوء التهديد الذي تشكله إيران على دول المنطقة.

اعتبرت إسرائيل دولة قوية، بل وكلية القدرة، ضمن أمور أخرى بسبب علاقاتها الخاصة مع واشنطن. فبعد كل شيء كان الرئيس ترامب هو الذي عمل ودفع لإنجاز هذه الاتفاقات.

لم يكن ترامب محبوبا في الشرق الأوسط، لكنهم احترموه بسبب استعداده للعمل بتصميم على تحقيق مصالح أميركية، مثل تصفية قاسم سليماني في كانون الثاني 2020 وهكذا فإن الربط بين الدول العربية وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة يبدو ورقة مظفرة.

لكن من كل هذا لم يتبقَ الكثير. واشنطن أدارت الظهر للشرق الأوسط، نجحت في التورط مع معظم حكامه وهي اليوم مشغولة بمشاكل أخرى، أهم بالنسبة لها مثل الحرب في أوكرانيا أو الخصام مع الصين. أما إسرائيل فقد نجحت في أن تبعد عنها في غضون بضعة أشهر كل أصدقائها العرب، وحتى علاقاتها مع واشنطن ليست في أفضل حال. وفي الشرق الأوسط، كما هو معروف، يحسنون شم الضعف.

لا غرو أنه مع ريح إسناد كهذه تحاول إيران وشركاؤها تحدي إسرائيل، سواء في غزة أو في المسجد الأقصى أو في الحدود الشمالية.

ومع ذلك، من المهم أن نذكر بأن المصالحة مع إسرائيل هي خيار استراتيجي بالنسبة للعالم العربي.

واليوم أيضا لا يتصور أحد إدارة الظهر لاتفاقات السلام بين إسرائيل والدول العربية. على أي حال، تبدو التصريحات التي تصدر عندنا عن خطر وجودي، كذاك الذي وقفنا عنده في 1973، عديمة الأساس.

بالفعل، لا شيء جوهرياً تغير في الشرق الأوسط. العرب لا يزالون يخافون من إيران، ويرون فيها تهديدا مركزيا على الاستقرار والأمن في المنطقة. وهم لا يزالون يحتاجون لإسرائيل وكذا للولايات المتحدة كسند حيالها.

لكن يخيل أننا عدنا دفعة واحدة عقدا إلى الوراء؛ لنؤدي دور العشيقة التي تُعتبر العلاقات معها ذات طابع أمني، لكنها تخفى عن العين وتغيب عنها الحميمية ومظاهر التطبيع.

العرب، وعلى رأسهم السعودية، مستعدون ليعقدوا الصفقات مع طهران على افتراض أو وجود علاقات دبلوماسية معها سيقلل التوتر ويبعد المواجهة المحتمة معها.

وفي هذه الأثناء إسرائيل غارقة في مشاكلها الداخلية، وكأننا اصبحنا واحدة أخرى من دول المنطقة، شؤون الخارجية والأمن فيها تدحر أمام الصراع بين النظام وخصومه. الجيران يحتفلون، ونحن لسنا جزءا من الحفلة، بل صحنا في الوجبة التي تقدم لهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى