ترجمات عبرية

هآرتس: |بالموافقة على البناء في المستوطنات اختار نتنياهو إرضاء سموتريتش على حساب الولايات المتحدة

هآرتس 14-2-2023، بقلم عاموس هرئيل: |بالموافقة على البناء في المستوطنات اختار نتنياهو إرضاء سموتريتش على حساب الولايات المتحدة 

ليس صعباً تخيل الوجبات التي كانت ستصنعها معارضة اليمين من أحداث الأسابيع الأخيرة في الساحة الفلسطينية لو بقيت حكومة الوسط – يسار في السلطة. منذ بداية السنة الحالية وفي وقت قريب من أداء الحكومة الجديدة لليمين، قتل عشرة مواطنين في عمليتين في القدس، ونفذت عدة عمليات طعن في الضفة، وتم إطلاق 30 صاروخاً تقريباً من القطاع. وثمة قتيل آخر، هو جندي في حرس الحدود، أسيل سواعد، أطلق عليه رجل حماية مدني النار بالخطأ أثناء محاولة تنفيذ عملية أول أمس على حاجز شعفاط.

عملياً، لا فرق حقيقياً بين العمليات العسكرية التي قامت بها الحكومتان. فترة الإرهاب الحالية، التي لا يمكن وصفها كموجة فقط منذ فترة طويلة، بدأت في آذار العام الماضي، أثناء ولاية الحكومة السابقة. ردت إسرائيل بتعزيز القوات في الضفة الغربية وباعتقالات واسعة وترميم جدار الفصل على خط التماس، ولم تحقق سوى نتائج محدودة. ويقول جهاز الأمن بأن العمليات الهجومية والدفاعية أحبطت عمليات بحجم أوسع بكثير. هناك ادعاء مضاد يقول بأن الاحتكاك المستمر في مناطق مثل جنين ونابلس، لا يردع بالضرورة المخربين القادمين، بل يحث على الانتقام فقط ويزيد دائرة الدماء.

في النقاشات مع المستوى السياسي، عرض الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” والشرطة موقفاً متفقاً عليه تماماً: اسمحوا لنا بمواصلة فعل ما فعلناه حتى الآن – اعتقالات وتعزيز القوات وأعمال استخبارية صبورة، وستأتي النتيجة بالتدريج. كل محاولة لتطبيق عقاب جماعي ضد الفلسطينيين أو الإعلان عن عملية عسكرية أو شرطية كبيرة (على صيغة “السور الواقي 2” وأمثالها) تعمل كسهم مرتد، وقد تشعل المنطقة قبل شهر رمضان، الذي سيبدأ بعد خمسة أسابيع. هذه المقاربة تحصل على دعم نفس الجزء من المستوى السياسي الذي في الحقيقة يملي السياسة – رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالنت. لذلك، لم يبدأ حتى الآن أي تغيير حقيقي في خطوات إسرائيل لوقف العمليات.

ولكن نتنياهو في الوقت نفسه يعتمد على شركائه في اليمين المتطرف لمواصلة الهجوم على الطريقة الديمقراطية، في إطار الانقلاب النظامي. ولأنه غير معني بهز السفينة في السياق العسكري أكثر من اللازم، فإنه يعوضهم بخطوات استثنائية في المستوطنات. هذا هو السبب الذي من أجله صادق “الكابنت” أول أمس على خطوات واسعة للبناء في “المناطق” [الضفة الغربية]: شرعنة تسع بؤر استيطانية غير قانونية ستتحول بصورة استثنائية بقرار من الحكومة إلى مستوطنات مثل المستوطنات الأخرى، وبداية المضي بخطط بناء في المستوطنات، بحجم غير مسبوق تقريباً يصل إلى تسعة آلاف وحدة سكنية. هذه الخطوات ستكلفه احتكاكاً آخر مع الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية، لكن يبدو أنه من الملح لنتنياهو أكثر إبقاء وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، راضياً.

من يجد صعوبة في التوفيق بين خطاب الحكومة تجاه الفلسطينيين وبين الخطوات التي تتخذها على الأرض فعلياً، هو العضو الغض في الحكومة، وزير الأمن الوطني ايتمار بن غفير. الوزير المسؤول عن الشرطة يقصف نتنياهو بطلبات للقيام بمبادرات عمل جديدة، ويستجيب بالإيجاب فقط في جزء صغير من الحالات. كبديل، هو يضخم نشاطات قائمة إلى أبعاد دراماتيكية، حيث يتم عرض كل عملية اعتقالات عادية أو هدم بيوت في شرقي القدس كرد صهيوني مناسب على الإرهاب. في كل ما يتعلق بمصلحة السجون التي هي أيضاً تحت مسؤوليته، يذهب بن غفير في كل مناسبة مع خيار العمل المضحك. ففي الأسبوع الماضي، كان هناك قرار حظر خبز الأرغفة على السجناء الأمنيين. وأمس، نشر قرار آخر وهو أن الحمامات الساخنة للسجناء الأمنيين ستقيد بأربع دقائق فقط، بعد أن قيل بأن الوزير صدم من البيانات عن تبذير المياه في الأقسام الأمنية.

يمكن الضحك من الأمور التافهة التي يشغل وزير الأمن الوطني بها. ويمكن أيضاً فهم أن النكتة، بدرجة كبيرة، ستكون على حسابنا. يقوم بن غفير بتشغيل صحافيين مهووسين منذ كان في شبيبة “كهانا” ومحرضاً في منتصف التسعينيات. والآن، أعطته القرارات التافهة عناوين مستخذية في الصفحة الأولى، مرة في صحيفة “إسرائيل اليوم” ومرة في “يديعوت أحرونوت”.

إذا كانت هذه هي المشكلة، فقد كان يمكن المرور على جنونه إلى جدول الأعمال، لكن خطوات بن غفير لا تنفذ في فضاء فارغ. فعندما صمم على زيارة الحرم في بداية كانون الثاني، فقد كلفت زيارته هذه نتنياهو إلغاء زيارة مخطط لها كان رئيس الحكومة يتوق إليها جداً، إلى الإمارات. في حين أن السجناء الأمنيين يهددون الآن بالبدء في الإضراب عن الطعام قبل شهر رمضان احتجاجاً على تشديد ظروفهم السيئة أصلاً، يمكن -كما في السابق- أن تتدخل المخابرات المصرية بهدوء من وراء الكواليس وتعمل على تهدئة الفلسطينيين بأنه لا يجب التأثر من فضائح بن غفير وسيتم وقف الإضراب. ولكن يجب الأخذ في الحسبان دائما بأنه عندما يكون نتنياهو منشغلاً في كثير من المهمات والمؤامرات، فربما تخرج الأمور عن السيطرة. تجربة الماضي تثبت أن الإسرائيليين والفلسطينيين تم جرهم إلى مواجهات عسكرية ليس بسبب خطة عملياتية منظمة، بل نتيجة تسلسل نزاعات وأحداث محلية، أدت إلى التصعيد.

هدف ذاتي آخر

إذا لم يكن هذا كافياً فإن بن غفير شعر بالحاجة إلى الإسهام بدوره في الإحراج المناوب في الخليل. الجيش الإسرائيلي، وهو جهاز يبدو مصمماً على عدم التعلم من الأخطاء، نجح في السقوط للمرة الثانية في الشرك نفسه، عندما قام جندي من لواء “غولاني” بضرب ناشط فلسطيني من سكان المدينة أمس، وهو عيسى عمر. إذا كان اسم هذا الفلسطيني معروفاً بدرجة معينة لأنه قام قبل شهرين بتنظيم دورية لمواطنين إسرائيليين، ونشطاء سلام متدينين، وتورط مع جنود “جفعاتي” وتعرض للضرب من أحد الجنود. هذه نفس الحادثة المشهورة التي حكم فيها بالسجن على جنديين، الجندي الذي قام بالضرب وصديقه الذي شرح أمام العدسات بأن ” بن غفير قادم لفرض النظام هنا”. بن غفير المتحمس الذي ظل في المعارضة سنوات، ركض لالتقاط صورة مع والد الجندي الثرثار وهو يوبخ ضباط الجيش الإسرائيلي.

وصف هذه الحادثة لم يمر بعملية مطابقة بين جنود “جفعاتي و”غولاني” الذين حلوا محلهم، بل إن الجيش زاد هذه المرة أفعاله ولم يتم توثيق الضرب بكاميرا أخرى، بل بكاميرا الحاصل على جائزة بولتسر، الصحافي لورنس رايت من مجلة “نيويورك”. أجرى رايت، بصورة عادلة جداً، أمس، مقابلة لتعزيز رواية عمر بأن جندياً من لواء “غولاني” هاجمه بشكل متعمد. الواقع الأمني الذي يعززه الجيش الإسرائيلي في الخليل لا يمكن تفسيره ببساطة وبشكل مقنع – ولكن انظروا الفيلم الوثائقي الجديد “الخليل: مختبر السيطرة” لعيديت ابراهامي ونوعام شيزاف – لكن الجيش الإسرائيلي نجح في تسديد هدف ذاتي آخر فاخر في نضالات الإعلام.

يرفض وزير الأمن الوطني تعلم الدرس، وكأنهم نسوا تحديثه أيضاً، وسارع بن غفير إلى التغريد ببيان إدانة للجيش الإسرائيلي. “خزي وعار!”، كتب. “أنا أؤيد بقوة الجندي الذي لم يصمت. يجب أن يحصل الجنود على التأييد وليس على السجن”. ربما يصعب تفسير ذلك لمن لم يخدم يوماً ما في الجيش، لكن بن غفير يحاول بذلك تقويض سلسلة القيادة العسكرية. أصدقاء الجندي في فصيل “غولاني” يقبلون الآن الرسالة التي تقول بأن في الخليل سلسلتين للقيادة، السلسلة العسكرية التي أرسلت صديقهم إلى السجن، وسلسلة بن غفير وجماعته التي تشجعهم على القيام بأعمال الشغب كما يشاؤون. في القريب، سيلوح لهم: يمكننا التنازل عن هذا التظاهر بالمحاكمة والسجن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى