محمد خروب: 29 عاماً على «أُوسلو».. أين كانوا وكيف أصبحوا؟
أقتبس هنا نصاً جاء في «إعلان القدس»: «تُشير الولايات المتحدة وإسرائيل إلى أنه لا يوجد أي شيء أفضل، يعكس الدعم الثابت/والحزبي للولايات المتحدة لأمن إسرائيل, أكثر من مذكرات التفاهم غير المسبوقة بشأن المساعدة الأمنية التي وقعتها الإدارات الأميركية المتعاقبة على مدى العقود القليلة الماضية. وأن هذه الترتيبات تُبرهن بالكلام والفعل ان الولايات المتحدة تعتبر أمن إسرائيل, ضروريا لمصالح الولايات المتحدة وركيزة للاستقرار الإقليمي». وهناك الكثير الكثير مما يحفل به هذا الإعلان, الذي يكاد يعتبِر «عملياً» ترخيصاً لإسرائيل بإتخاذ ما تشاء من قرارات وخطوات برعاية وحماية وتبرير ودعم أميركي غير محدود.
نعود إلى «ذكرى أوسلو».. حيث الاستيطان والتهويد والأسرلة والقمع والإعدامات الميدانية وتدنيس الحرم القدسي واستباحة الأراضي الفلسطينية, وسقوط تصنيفات مناطق A,B,C وخصوصاً الصراع المرير على كعكة السلطة المسمومة بين فتح وحماس إضافة لرفض إسرائيل كل الدعوات (الكلامية) لـ”استئناف» عملية السلام أو حل الدولتين (الذي رآه بايدن بعيد المنال) ناهيك عن «تَعفُّف» حكومات العدو بزعامة نتنياهو, كما الفاشي/بينيت وشريكه العنصري/ليبيد مجرد الالتقاء بأركان السلطة. وهُم الآن كما جنرالات جيش الإجرام الصهيوني, يُحمِّلون سلطة رام الله مسؤولية الأحداث المُتلاحقة في الضفة المحتلة, التي تؤشر إلى احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة.
في هذا الشأن يقول يوسي بيلين أحد أشهر المُروجين للسلام الصهيوني, بمشاركة من رهط فلسطيني واهِم, ابتلع الطُعم وانخرط في لعبة إطلاق «مبادرات سلام» تبدّدت وذهبت أدراج الرياح, في محاولة لتجميل أوسلو وفرض الأمر الواقع الاستيطاني.
يقول بيلين في مقالة بعنوان: اتفاق أوسلو يخدم اليمين (نشرتها «إسرائيل اليوم» الجمعة 9/9):» لم يَعد هذا منذ زمن بعيد سراً. اتفاق أوسلو تحوّل من مبادرة اليسار إلى بؤبؤ عين اليمين. بعد الفزَع الأولِي من أن الحديث يدور عن مسيرة تُؤدي إلى تقسيم البلاد، فَهِم رجال اليمين بأنهم إذا ما اوقفوا الاتفاق في المكان الذي يوجد فيه الآن، فسيكسبون العالمين: أغلبية واسعة من الفلسطينيين تتركّز في 360 كيلو متراً مربعاً في قطاع غزة ونحو 2.500 كيلو متر مربع من مناطق «أ» و”ب» في الضفة الغربية. وهُم ـ يضيف بيلين ـ يحظون بحكم ذاتي جزئي، لكن ليس لهم سيادة في الضفة أو اهتمام بالسيادة في غزة. الجيش الإسرائيلي حرٌ في العمل في المناطق الفلسطينية والتفتيش عن مشبوهين في الليالي. مشروع الاستيطان يزدهر، التنسيق الأمني يبقى ويُوفر حياة الإسرائيليين، والعالَم يُواصل تمويل السلطة ويُوفر على إسرائيل نفقات بمليارات الشواقل في السنة».
ثم يخلُص إلى القول: «الاتفاق الانتقالي أصبح مَهزلة. التفكير قصير النظر الذي بموجبه يمكن «تقليص النزاع»، انكماشه أو إدارته، دون أن يُوضع له أفق سياسي واضح, للعودة إلى طاولة المفاوضات دون الإنشغال بالتناكف على من عطّل نجاح المحادثات في الماضي، ودون بذل جهد جبار للوصول إلى اتفاق دائم، هو تفكيرٌ عابِث».