أقلام وأراء

د. دلال عريقات: ‏‏(‏COGAT‏) وتصاريح دخول الأجانب ‏الأوامر العسكرية الجديدة لدخول الأكاديميين والأطباء والأزواج الأجانب! ‏

د. دلال عريقات ‏11-9-2022م

سنقدم اليوم تحليلا للإجراءات والتعليمات الجديدة التابعة لوحدة تنسيق أعمال الحكومة الاسرائيلية في المناطق المحتلة ‏‏(‏COGAT‏)، والمتعلقة بتصاريح دخول الأجانب إلى الضفة الغربية قبل تنفيذها في ‏‎20‎‏ تشرين الأول القادم. لقد حدد ‏الأمر العسكري الجديد اجراءات تفصيلية معقدة بخصوص تصريح الزيارة “ڤيزا” لفئات محددة من الأجانب ممن يرغب ‏بزيارة الأراضي الفلسطينية، ليس فقط لأسباب السياحة ولكن لأسباب حياتية وإنسانية منها الزواج او العمل. ‏
منح تصريح بموجب هذا الإجراء يشير إلى تصريح للأجنبي للوصول إلى معبر جسر اللنبي ولا يضمن الدخول الفعلي إلى ‏المنطقة بإشارة للأراضي الفلسطينية. بعد وصول الأجنبي إلى المعبر الحدودي واستجوابه سيتم اتخاذ القرار النهائي بشأن ‏دخوله أم لا. كما حدد الأمر العسكري أن يكون تنفيذ هذا الإجراء مشروطًا بالوضع الأمني والسياسة الإسرائيلية السائدة، ‏والتي تتم مراجعتها وتعديلها من وقت لآخر!‏
في بداية التسعينيات، بموجب الاتفاقية الانتقالية المؤقتة المنتهية الصلاحية تم نقل سلطة السماح بدخول الأجانب إلى المناطق ‏الفلسطينية جزئيًا إلى السلطة الفلسطينية. نصت الاتفاقية على أن الأجنبي الذي يتقدم بطلب للدخول سيُطلب منه حيازة ‏تصريح زيارة صادر عن السلطة الفلسطينية بتفويض من الجانب الإسرائيلي. في الواقع، تخضع مسألة العبور إلى المناطق ‏الفلسطينية بواسطة تصريح إسرائيلي لسلطة مكتب تنسيق الحكومة في المناطق الفلسطينية ‏‏ ‏COGAT Coordination of‏ ‏Government Activities in the Territories‏ الذي يعمل بالتنسيق مع السلطة ‏الفلسطينية وسلطة السكان والهجرة التابعة لوزارة الداخلية. بموجب هذا الأمر العسكري، يتم تقسيم تصاريح الدخول والإقامة ‏للمنطقة إلى فئات مختلفة كما يلي: ‏
‏- التصاريح بموجب الجزء 2 مخصصة لزيارة قصيرة او سياحية في المنطقة، لا تزيد عن ثلاثة أشهر.‏
‏- التصاريح بموجب الجزء 3 من الإجراء هي تصاريح إقامة صادرة لأغراض محددة منها المتعلقة بالاكاديميين ‏والمحاضرين والباحثين والاطباء والطلاب ورجال الاعمال والمستثمرين حتى المتطوعين.‏
‏- الجزء 4 من هذا الإجراء يختص بتصاريح للأزواج الأجانب من سكان المنطقة للإقامة مع أزواجهم الفلسطينيين (أي ‏تصاريح الزوجية).‏
عندما يتم طلب تصريح دخول لأجنبي، يحق لمسؤول ‏COGAT‏ المعتمد أن يطلب ضمانًا بنكيًا أو ضمانًا نقدًا من أجل ‏ضمان مغادرة الأجنبي من المنطقة عند انتهاء التصريح. يحق لرئيس وحدة السجل السكاني في الإدارة المدنية طلب ضمان ‏يصل إلى 25،000 شيكل. كما يحق لرئيس قسم التوثيق والتسجيل في ‏COGAT‏ طلب ضمان يصل إلى 70،000 شيكل. ويحق لرئيس ‏قسم العمليات في ‏COGAT‏ طلب ضمان يزيد عن 70.000 شيكل. ‏
في حال عدم التزام الزائر بتفاصيل التصريح، يحق لموظفي الـ ‏COGAT‏ مصادرة المبلغ! ‏

التقديم لفيزا الدخول اي التصريح يجب ان يتم قبل 45 يوما من الزيارة كحد أدنى وفي بعض الحالات قبل 60 يوما ! ‏
الجزء الثالث من هذا الاجراء يختص بشؤون معينة يتفرع منها اجراءات خاصة بالاكاديميين والمحاضرين والباحثين من ‏حملة الدكتوراه وحتى الطلاب مع الجامعات الفلسطينية اضافة الى المتطوعين في المؤسسات, أما الفئة الخاصة بالمعلمين ‏وبالأطباء والمستثمرين ورجال الأعمال فلهم اجراءات تفصيلية اخرى.‏
مدة الفيزا لهذه الفئة قد تصل سنة قابلة للتجديد تحت اجراءات معقدة وتقديم طلبات وأوراق ثبوتية كثيرة. ‏
اما بالنسبة للأزواج الاجانب فلهم اجراءات معقدة اخرى لا تنظر للملف من منظور حقوقي أو إنساني اطلاقاً خصص لها ‏الجزء الرابع من هذا الامر العسكري. في حال تم رفض طلب الازواج لا يستطيعون اعادة الطلب الا بعد مرور ٥ سنوات ‏على الرفض الاول! ‏
وفي حال تم منح التصريح بكون لمدة عام كحد أقصى يمكن تجديده لـ 27 شهر كحد أقصى! ‏
اي يتم منح تصريح زيارة مؤقت وليس اقامة كما هو متعارف عليه بخصوص الازواج على مستوى العالم! ‏
في حال الرفض، يمنح مدة 45 يوما للطعن في القرار وتعطى السلطات الاسرائيلية فترة 60 يوما للرد. ‏
يهدف هذا الإجراء الجديد إلى تحديد سياسة دولة الاحتلال بما يتعلق بالأجانب الذين يرغبون في دخول المناطق الفلسطينية ‏عن طريق تصريح ابتداء من ٢٠ أكتوبر القادم.‏
هذه الاجراءات التي تأتي على شكل أوامر عسكرية ما هي الا اثبات جديد وموثق على نظام الابارتهايد والسياسات ‏العنصرية التي تفرضها دولة الاحتلال على الشعب الفلسطيني، وهذا توثيق آخر على أن الاحتلال ما زال قائماً ومقرراً في ‏تفاصيل الحياة والتعليم والتخطيط والتنقل واختيار الازواج وأماكن الاقامة والعمل الخاصة بالمواطنين الفلسطينيين. هذه ‏الإجراءات اكبر دليل ان السلطة الفلسطينية مجردة من أبسط الحقوق السيادية المتعلقة. ‏
هذه الأوامر العسكرية تستند في ديباجتها الى اتفاقيات منتهية الصلاحية يجب اعلان وقف التعامل معها والنظر لهذه ‏التفاصيل وحقوق التنقل والعمل واختيار الازواج بطريقة ترتقي للإنسانية والحضارة التي تدعيها دول المجتمع الدولي. ‏
جوهر الإشكال والحساسية في هذه الاجراءات أنها لا تستهدف تحديد الحريات والحقوق الفلسطينية فحسب ولكنها تستهدف ‏وتحدد حريات زوار الأراضي الفلسطينية من الأجانب، وهذا بحد ذاته انتقاص للسيادة ولشأن العلاقات الثنائية التي تجمع ‏دولة الاحتلال مع العالم. ‏
المطلوب والطبيعي أن يكون موقف دول العالم قويا وحازما أمام تقليل دولة الاحتلال من شأن مواطنيها وحرياتهم في الحركة، ‏من الجدير ذكره أن أسس عالم الدبلوماسية تفيد “بمبدأ المعاملة بالمثل”، ‏Reciprocity‏ ، وبالتالي يجب ان يتخذ المجتمع الدولي ‏مواقف صارمة وجدية بحيث تتعامل مع مواطني اسرائيل في إجراءات دخول أراضيها بنفس الطريقة المقيدة للحريات التي ‏تنوي اسرائيل فرضها. الطبيعي ألا ترضى بأقل من معاملة منصفة وعادلة لمواطنيها الأجانب الذين يزورون الضفة الغربية ‏او يتزوجون من فلسطينيين.‏

– دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الامريكية. ‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى