هآرتس: وثائق تكشف العميل السري لطائرات التجسس الإسرائيلية

عوديد يارون – هآرتس 28/8/2022
وقعت الصناعة الجوية على صفقات بمبلغ 550 مليون دولار مع إيطاليا، لتزويد طائرتين للإنذار المبكر ولجمع المعلومات وتقديم خدمات لوجستية أرضية لسلاح الجو الإيطالي، هذا ما يتبين من وثائق علنية لوزارة الدفاع والبرلمان في روما. عقب هذه الصفقات، سيرتفع عدد الطائرات إلى أربع لمهمات خاصة، تزودها إسرائيل لإيطاليا.
في تموز، أعلنت الصناعة الجوية عن صفقة بمبلغ 200 مليون دولار لـ “تزويد طائرات لمهمات خاصة لدولة أوروبية عضوة في الناتو”، لكن لم تكشف اسم الدولة. ما زالت الصناعة الجوية ترفض التطرق إلى زبائن الشركة، لكن تقرير “هآرتس” كشف أن الأمر يتعلق بإيطاليا، وأن سلاح الجو الإيطالي هو الزبون أيضاً في صفقة ضخمة سابقة أعلنت الشركة عنها في 2020.
تقوم “التا”، التي هي شركة فرعية للصناعات الجوية، بتطوير عدة أنواع من طائرات المهمات الخاصة. يدور الحديث غالباً عن طائرات مدنية للمدراء، يتم تركيب منظومات عسكرية عليها.
الطائرات هي: طائرة استخبارات ومراقبة أرضية من نوع “إي.جي.اس” والمزودة بأجهزة رادار لمسح وتحديد أهداف أرضية وتمكن من إدارة ساحة المعركة؛ وطائرة استخبارات ودوريات بحرية مزودة برادار ومجسات محددة لتشخيص السفن والغواصات؛ وطائرة “سيغنت” التي تمكن من جمع معلومات استخبارية إلكترونية والقيام بالتنصت وحرب إلكترونية للتشويش على أجهزة الرادار والاتصالات للعدو؛ وطائرة “سي.ايه.إي.دبليو” للإنذار المبكر والرقابة الجوية.
في العام 2021 نشرت وزارة الدفاع الإيطالية بياناً عن نية شراء طائرتي تجسس من نوع “سي.ايه.إي.دبليو” من “التا”. يدور الحديث عن طائرة للمدراء من نوع “غالف ستريم جي 550” التي ستحول إلى مهمات إنذار مبكر ورقابة جوية – وهي تشبه طائرة “نحشون عيتام” التي تخدم في سلاح الجو الإسرائيلي. حسب منشورات سابقة، إسرائيل زودت أربع طائرات مشابهة أيضاً لسلاح الجو في سنغافورة.
طائرة من هذا النوع تحمل أجهزة رادار ومجسات متطورة وأجهزة لجمع المعلومات، والتي معاً توفر للمشغل صورة كاملة عن التهديدات في الساحة والأدوات التي بحوزته؛ “لتكوين ونشر صورة جوية وبحرية، وسيطرة وإدارة معارك جوية وهجوم عن طريق توجيه الطائرات القتالية”، على حد أقوال الصناعات الجوية.
جرى توقيع الصفقة في آذار 2022 ونشرت في سجل وزارة الدفاع الإيطالية (طلبية شراء 2639) بمبلغ 209 ملايين يورو (230 مليون دولار). انتظرت الصناعة الجوية حتى افتتاح الصالون الجوي في بارن بورو في بريطانيا في تموز، حينها أبلغت عن الصفقة بدون ذكر إيطاليا.
وكشفت وثائق أخرى من العام 2020 عن صفقة بعيدة المدى لشراء خدمات دعم ولوجستية لمحطة استخراج المعلومات الأرضية لمنظومة طائرات تجسس وصيانتها من شركة “التا”. صفقة توفير خدمات دعم حتى العام 2029 كانت وقعت في نهاية المطاف في أيار 2020 ونشرت في السجل الإيطالي (طلب شراء 2617) بمبلغ شامل هو 332 مليون يورو (360 مليون دولار).
بعد أسبوعين من ذلك، أعلنت الصناعات الجوية عن صفقة “في مجال طائرات التجسس” بمبلغ مشابه بدون ذكر إيطاليا. وبعد شهر هبطت طائرة مدراء إسرائيلية، يستخدمها كبار شخصيات الصناعات الجوية في قاعدة طائرات التجسس بارتيكا ديمارا في جنوب روما.
الطائرتان الجديدتان ستنضمان إلى طائرتي الإنذار المبكر اللتين زودت إسرائيل إيطاليا بهما في العقد الماضي في إطار صفقة ضخمة متبادلة وقعت في 2011 وتضمنت أيضاً بيع قمر اصطناعي للتصوير للجيش الإيطالي. في المقابل، اشترى سلاح الجو الإسرائيلي عشرات طائرات التدريب لشركة لونريدو، التي سماها سلاح الجو “لافي“.
سلاح الجو الإيطالي الآن في ذروة عملية تزود متعددة المراحل في أسطول طائرات المهمات الخاصة، التي تستهدف استبدال طائرات تجسس قديمة وتعزيز منظومة الاستخبارات الجوية في السرب 14، في قاعدة سلاح الجو قرب روما. يتوقع انتهاء المرحلة الأولى في برنامج التسلح في 2032، ويتوقع أن تبقى الطائرات في الخدمة حتى 2040 على الأقل، وفي تطلع حتى العام 2056.
جاء البرنامج عقب رغبة إيطاليا في إغلاق فجوات في السيطرة على المعلومات الواردة من ساحة المعركة، الجوية والبحرية والبرية، في الوقت الصحيح. “طائرة سي.ايه.إي.دبليو هي منظومة متعددة المجسات الاستثنائية، نوع من غرفة العمليات الطائرة التي تقدم قدرات في مجال الاستخبارات والسيطرة والرقابة والاتصالات، والتي ستوصل القوات الإيطالية إلى تفوق في المعلومات”، قال الجنرال البرتو روسو، قائد سلاح الجو الإيطالي الأسبق.
حسب الخطة التي قدمتها وزارة الدفاع الإيطالية لمصادقة البرلمان عليها، فإن سلاح الجو خطط لشراء 8 طائرات “غالف ستريم” إضافية إلى جانب الطائرتين الأخريين، وتحويلها إلى نماذج مهمات خاصة مختلفة. وصادق مجلس النواب على الخطة في 2020 وصادق مجلس الشيوخ عليها في 2021.
حسب أقوال ديفيد سنسيوتي، مراسل طيران قديم وطيار حربي إيطالي ومحرر موقع “ذي افييشنست، فإن إيطاليا ستشتري 6 طائرات غالف ستريم “خضراء” (خالية من المعدات) إضافية، التي ستحول في المستقبل على يد شركات أمريكية، على رأسها الشركة الكبيرة “ال 3 هاريس”، وسيتم تركيب منظومات استخبارية وتجسس وحرب إلكترونية عليها (أي.آي.اس.آر. إي. دبليو”. هبطت الطائرة الأولى في إيطاليا في آذار الماضي. إيطاليا، حسب الخطة التي عرضت على البرلمان، معنية بامتلاك طائرة إنذار مبكر واحدة في الجو في كل لحظة معطاة. ولذلك هي تحتاج إلى أربع طائرات كهذه. وهي تنوي شراء طائرة أو اثنتين لتوفير الحماية الجوية لقواتها التي تنتشر في أرجاء العالم.
“التا” زودتها بطائرتين كهذه في السابق، والآن ستزودها بطائرتين أخريين. إضافة إلى ذلك، تريد إيطاليا طائرتين على الأقل لجمع المعلومات من نوع “سغينت” كجزء من هذه المنظومة.
طائرات المراقبة الجوية التي زودتها “التا” شاركت في مناورات مع أعضاء الناتو وفي نشاطات عملياتية: في آذار الماضي، تم توثيق إحداها في مهمة لجمع المعلومات الأولى لها لصالح الناتو في شرق أوروبا. حلقت الطائرة نحو أربع ساعات ذهاباً وإياباً على طول الحدود بين رومانيا ومولدوفا وأوكرانيا، وعملت على العثور على وتحديد موقع القوات الروسية التي غزت أوكرانيا. حسب ادعاء سلاح الجو الإيطالي، فإن هذه الطائرات شاركت في السنتين الأخيرتين في 650 مهمة وحلقت نحو 4662 ساعة بالإجمال.
الزبون الأول لطائرات المهمات الخاصة لشركة “التا” هو دولة إسرائيل بالطبع. السرب 122 في سلاح الجو يستخدم 5 طائرات “نحشون”، جزء منها من نوع “عيتام”، مثل التي بيعت لإيطاليا، وجزء منها من نوع “شفيت” التي تستخدم لجمع معلومات إلكترونية. في نيسان في العام الماضي، احتفل سلاح الجو بتسلم طائرة “نحشون” الأولى من طراز “اورون”، وهي طائرة مهمات خاصة متقدمة أكثر، التي حسب الصناعات الجوية “ستعطي الجيش الإسرائيلي بعداً استخبارياً غير مسبوق في الوقت الحقيقي، في أي حالة من حالات الطقس وفي أي ظروف رؤيوي. وستمكن من تكوين صورة استخبارية تشمل نشر القوات البرية لجيوش العدو والمنظمات الإرهابية في دوائر قريبة وبعيدة”. ورغم الاحتفالات، لم تستكمل “التا” حتى الآن ترتيب المنظومات. وحسب تقارير سابقة، يتوقع أن تكون الطائرة عملية فقط في الأشهر القريبة المقبلة.