أقلام وأراء

علي حمادة: جولة جديدة في غزة: هل قوّت دور مصر وأفادت “حماس”؟

علي حمادة 08-08-2022 

إذا لم يطرح حدث خارج عن المألوف، فالمواجهة بين إسرائيل و حركة “الجهاد الإسلامي” التي افتعلتها الأولى بلا مناسبة، ستنتهي من دون أن تشعل حرباً أوسع إذا ما اضطرت حركة “حماس” الى التورط في معركة لا علاقة لها بها. صحيح أن إسرائيل هي الطرف المعتدي مباشرة من خلال اغتيال تيسير الجعبري قائد الجبهة الشمالية لحركة “الجهاد الإسلامي” المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإيران، و ذلك من دون أن تقدم دليلاً جدياً على أن الحركة المذكورة كانت في طور الاعداد للقيام بعملية عسكرية ضد أهداف إسرائيلية، لكن الصحيح أن إسرائيل تعمدت استدراج “الجهاد الإسلامي” إلى حرب ثنائية بينهما بهدف اصطياد عدد من قادتها الميدانيين الكبار، مثل الجعبري و زميله خالد منصور قائد الجبهة الجنوبية. كل ذلك و الأمين العام للحركة زياد النخالة في طهران.

و الأهم وسط حياد لافت لـ “حماس” التي ظلت حتى مساء الأحد ( تاريخ كتابة هذا المقال ) التي تكتفي بمواقف سياسية و إعلامية مؤيدة ل”الجهاد الإسلامي ” تحت شعار “وحدة المقاومة” في غزة، دون أن تتورط في مواجهة تعرف أنها أتت بتوقيت إسرائيلي، ويناسب تفاقمها في مكان ما “الجهاد الإسلامي ” و من يقف خلفها في طهران، في لحظة مفصلية من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني في فيينا. وقد كان لظهور الأمين العام لـ “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة على احدى شاشات محور الممانعة في لبنان أثراً عكسيا بالنسبة الى قيادة “حماس” التي تربطها بإيران علاقات قوية، لكنها ليست حصرية مثل “الجهاد الإسلامي” .

فـ”حماس” تلعب عدة أوراق في آن معا من خلال علاقات عميقة تربطها بمصر التي تمثل الرئة الوحيدة لقطاع غزة، وقطر، و تركيا، و بعض الدول الاقليمية الأخرى من تحت الطاولة. و “حماس” تلعب ورقة الحكم والسلطة في غزة. من هنا قد لا يسعها أن تتورط في جولة قتالية مع الإسرائيليين وفق حسابات من الفصيل الأقرب لإيران، حتى لو كان الإسرائيلي هو المعتدي علناً، و من دون مقدمات مقنعة.

و لـ”حماس” التي تدار بقيادة متعددة المشارب، وتتقاطع فيها عدة عواصم إقليمية حساب كبير مع تل أبيب. و لذلك إن دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ وتثبيته دون أن تحصل مفاجأة دراماتكية من شأنه وبصرف النظر على الضحايا الذين سقطوا في جولة عنف إسرائيلية لدواع انتخابية داخلية، يصب في صالح حكم “حماس” في قطاع غزة في لحظة إقليمية حساسة، يمكن للمسألة الفلسطينية أن تشكل حصان طروادة لاختراق إيراني أكبر يورط الفلسطينيين، وربما اللبنانيين في حرب لا علاقة لهم بها.

وفي نهاية المطاف إن أردنا أن نفكر بعقل بارد، فإن تقويض الجناح العسكري في “الجهاد الإسلامي ” بمواجهة طرفها الآخر الإسرائيلي يشكل في مكان ما خدمة ل”حماس ” التي بالتأكيد لا ترى بعين إيجابية تطور قدرات “الجهاد” في غزة . وتؤثر أن يبقى التنظيم التابع مباشرة لـ”فيلق القدس ” تحت جناجها. و ما من شك في أن “الجهاد” لا تستطيع وحدها أن تكمل المعركة، مما يدفعها الى الخضوع لضوابط “حماس” التي منعت طوال ثلاثة أيام اطلاق صواريخ على قلب تل أبيب، و القدس الغربية، ومنشآت إسرائيلية حيوية تجنباً لاستفحال الأمر أكثر.

ثلاثة أطراف يخرجون رابحين من الجولة الحالية: يائير لابيد رئيس الحكومة الإسرائيلي، وزير الدفاع بني غانتس لدواع سايسية انتخابية داخلية . “حماس ” التي تثبت حكمها، ومرجعيتها على حساب “الجهاد “، و ذلك بصرف النظر عن علاقاتها الوطيدة بإيران، و مصر التي ترسخ دورها الحيوي لكل من القوى في قطاع غزة، و إسرائيل. أولاً باعتبارها رئة قطاع غزة التي من دونها يختنق، و جزءاً من أمن و استقرار إسرائيل التي تعجز عن حل معضلة غزة التي لا حل لها سوى بالسياسة و الاقتصاد و الامن الداخلي.

لكن فلننتظر الساعات المقبلة، فربما لن يبتلع الإيرانيون الضربة الإسرائيلية، أو المعادلة المصرية مع “حماس” . فنكون أمام سيناريو آخر في مكان آخر !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى