هآرتس: تصفيات عديمة الغاية

هآرتس 2022-06-07 – بقلم: أسرة التحرير
بعد بضعة اغتيالات نسبت لإسرائيل – اغتيالات لعلماء، مهندسين، “آباء” البرنامج النووي الإيراني وباقي الخبراء الإيرانيين – من الحيوي مراجعة مدى المنفعة والضرر اللذين تقدمهما هذه التصفيات. فإذا كان الهدف هو كبح البرنامج النووي الإيراني، فإنه يمكن القول بيقين: إن هذا البرنامج لا يستند إلى خبير واحد أو إلى مجموعة خبراء، حتى لو كانوا عباقرة نووي.
لقد نجحت إيران في أن تطور برنامجاً متطوراً ومتقدماً بمعونة بنية تحتية واسعة تضم علماء، فنيين، وبعلم مكتسب أو مسروق، وتمويل غير محدود ومساعدة من دول داعمة مثل كوريا الشمالية، الباكستان، الصين وروسيا وكذا من شركات خاصة في دول أوروبية. من يعتقد أن قتلاً “موضعياً” لعالم ما سيردع إيران – يسوق للجمهور الكذب، وليس هذا فقط بل يقضي بأن التهديد النووي الإيراني هو بالون منفوخ، من أجل تفريغه من الهواء تكفي نقرة دبوس أو عبوة ملصقة بسيارة عالم.
إذا كان هدف إسرائيل هو إظهار قدرة استخبارية عليا، تسمح بالعثور على هدف وتنفيذ تصفية مركزة في قلب طهران، فإن هذه السياسة تبعث على العجب، فإظهار القدرة الاستخبارية بحد ذاتها ليس فيها ما يحقق هدفاً تكتيكياً أو إستراتيجياً. بل إن إسرائيل كشفت منذ الآن القدرات النووية لإيران وبرامجها، وبفضل هذه المعلومات نجحت في تجنيد دول العالم إلى كفاح ضد إيران وبرنامجها النووي.
إذا كانت إسرائيل تسعى لأن تقنع الإدارة في الولايات المتحدة بأنها ستواصل الكفاح وحدها ضد إيران حتى لو وقّع اتفاق نووي جديد – وكبديل – إذا كانت تنفذ التصفيات المنسوبة لها كي تفشل مفاوضات الغرب مع إيران – هنا أيضاً مبادراتها زائدة وضارة. إن نية إيران التوقيع على اتفاق نووي أو الامتناع عن ذلك تستند إلى اعتبارات داخلية، وهذه الاعتبارات تنبع من صراعات قوى سياسية ليس لها أي صلة بالتصفيات.
وفي الوقت نفسه، أوضح رجال الإدارة في الولايات المتحدة جيداً أنه لا منفعة في التصفيات. بمعنى أن الإدارة لن تسمح لذلك أن يمنع خطتها لإيجاد حل دبلوماسي لمسألة النووي الإيراني.
في هذا الموضوع يمكن السخرية لسماع الادعاء بأن في هذه التصفيات ما يشجع، فما بالك أن يحدث تغييراً للنظام في إيران. بالمقابل، فإن الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل في نطاق دولة أخرى، حتى لو كان اسمها إيران، تضفي عليها صورة أزعر الحارة. صورة دولة تحركها الصراعات السياسية، وصورة دولة تسعى حكومتها لأن تصرف النقد عنها من خلال ألاعيب استخبارية عديمة الغاية، وهكذا تعرّض سلامة مواطنيها للخطر. هذا الجمهور يستحق تفسيراً مقنعاً لماذا وكيف تخدم هذه التصفيات مصلحة إسرائيل.