ترجمات عبرية

معاريف – هل يؤدي غياب الاستقرار العالمي إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران؟

معاريف 19/3/2022 – بقلم  تل ليف رام

أوضحت المدة الأخيرة أن المعركة الجارية بين إسرائيل وإيران ترتفع درجة، لأن وتيرة الأحداث آخذة في التصاعد.

إلى جانب حدوث توتر بعد تصفية نشيطي فيلق القدس في الأسبوع الماضي، تؤكد المصادر بأن هجمة الصواريخ الإيرانية نحو مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان في العراق، لم توجه نحو أهداف أمريكية. التقارير التي تحدثت عن هدف الهجوم والضرر الذي ألحقه، تلقيناها من وسائل إعلام إيرانية ومن لبنان، والتي وإن كان ينبغي أخذها بحذر، لكن يجب أن نتذكر بأن صورة الحدث، من الجانب الإسرائيلي أيضاً، بقيت في غموض عال.

التفاصيل غير معروفة، ورغم أنه لا يجب قول كل شيء، ولكن يمكن القول إن جهاز الأمن في الجانب العملياتي والاستخباري، بعيد عن الاستخفاف بالقدرات التي أبداها الإيرانيون. وتشير إخفاقاتهم في ضرب أهداف إسرائيلية بالصواريخ والمسيرات، خصوصاً حين يدور الحديث عن عملية تنفذها إيران وتستهدف أراضينا، أن الإيرانيين لا يريدون سوى التعبير عن قدراتهم العسكرية.

التحليلات التي تقول إن ضرب أربيل هو انتقام إيراني على تصفية نشيطي فيلق القدس في ضواحي دمشق الأسبوع الماضي، بعيدة عن أن تروي القصة الكاملة. فالحساب الإيراني المفتوح تجاه إسرائيل أوسع بكثير، وأحداث هذا الأسبوع تشكل استمراراً لمعركة تجري في السنوات الأخيرة بين إسرائيل وإيران على أراضي العراق أيضاً، وليس في سوريا فقط، كما نعتقد

هذا بالتوازي مع الجهود الهائلة التي تبذلها إيران في مجال المُسيرات الهجومية والاستخبارية، إلى جانب الصواريخ الدقيقة التي تطورها انطلاقاً من الاعتراف بدونية سلاح جوها مقابل سلاح الجو الإسرائيلي، وكذا انطلاقاً من رغبتها في تزويد شركائها الاستراتيجيين في الشرق الأوسط بهذه الوسائل القتالية.  

قدرة إيران المتطورة تعيشها دولة إسرائيل بألم. ولكن إسرائيل ترى أن ما تحاول إيران عمله، هو تصدير الوسائل القتالية إلى الطوق الأقرب لإسرائيل: الحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا وبالطبع “حزب الله” في لبنان، ومساعدة لحماس في غزة.

تدير إسرائيل من خلف الكواليس معركة حقيقية في مواجهة مشروع المُسيرات الإيراني. بعضها يتركز على إحباط محاولات المس بإسرائيل، وبعضها خفي ولكنه جهد كبير للمس بقدرات إيران في هذا المجال. معظم الجهود تتركز في سوريا والعراق، ولكن بعضها -حسب تقارير أجنبية- ينفذ على أراضي إيران.

أفادت قناة “الميادين” اللبنانية بأن القاعدة التي تعرضت للهجوم في أربيل، إسرائيلية استخدمت لإطلاق ست مُسيرات إلى مجال عسكري أمني في منطقة كارمانشاه، في 14 شباط. وأضاف عاموس هرئيل من “هآرتس” هذا الأسبوع أن مئات المُسيرات الإيرانية من أنواع وحجوم مختلفة دمرت في هجوم منسوب لإسرائيل داخل إيران. وثمة لوحة تفاصيل من أحداث مختلفة وقعت الشهر الماضي ترسم صورة مواجهة مباشرة آخذة في التعاظم بين إسرائيل وإيران، وهناك أطراف مختلفة في القصة آخذة في الاتضاح.

هناك هجوم مهم نفذ في منتصف شباط ضد إيران، وجاءت محاولات إيرانية للرد لاحقاً، حين أفاد الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي بإسقاط مُسيرتين إيرانيتين في الطريق إلى إسرائيل. ولاحقاً تم ضرب هدف استراتيجي مهم للإيرانيين في سوريا مع تصفية مهندسين من فيلق القدس الإيرانية، وبعد ذلك هاجمت إيران بالصواريخ هدفاً ليس أمريكياً في عملية ليست رمزية، بل ذات معنى عملياتي.

 تقدر إسرائيل أن الرد الإيراني في أربيل ليس عملية ثأر على العملية المنسوبة لسلاح الجو في سوريا وتصفية مهندس فيلق القدس؛ لأن هذا حساب آخر.

وكما أن الهجوم المنسوب لإسرائيل في منطقة دمشق قبل نحو أسبوعين كان شاذاً، يمكن الآن الكشف عن بعض التفاصيل الجديدة؛ بالنسبة لهوية القتلى، جرى في إيران حديث عن ضابطين كبيرين في الحرس الثوري، لكن في إسرائيل يعتقدون أنهما ينتميان إلى فيلق القدس. وفضلاً عن كونهما ضابطين، فإنهما قبل كل شيء مهندسان، والهدف نفسه الذي هوجم يعرف كاستراتيجي، وأغلب الظن يرتبط بمشروع دقة الصواريخ.

استخدم الإيرانيون الموقع والساحة السورية لعملية منظومات متطورة، ومن هنا الطريق قصير لنشرها إلى الميليشيات الشيعية في العراق، وبالطبع إلى “حزب الله” أيضاً. ترى إسرائيل في هذه الوسائل القتالية خطاً أحمر يحظر اجتيازه. الضابطان المهندسان من فيلق القدس اللذان صفيا، لم يكونا هدف الهجوم. كان الهدف البنية التحتية نفسها، ولكن يمكن الافتراض بأن جهاز الأمن لم يأسف على موتهما.

المناوشات بين إيران وإسرائيل لا تنقطع عن السياق العالمي.  وعندما تتناوش القوى العظمى فيما بينها، يصل انعدام الاستقرار العالمي إلى مواجهات تجري بين قوى أصغر مثل إسرائيل وإيران. لذا سيرافقنا توتر في الساحة الشمالية لزمن طويل، واحتمالات التصعيد تزداد كلما مر الوقت وتواصل الصدام العسكري، حيث يكون معظمه من خلف الكواليس وفي ظل غموض شديد.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى