معاريف – الإيرانيون يُخاطرون

معاريف- تل ليف رام – 15/3/2022
يبدو أن الـ 12 صاروخاً التي أطلقت، في الليلة التي بين السبت والأحد الماضيين، وسقطت على مسافة غير بعيدة من القنصلية الأميركية في أربيل، استهدفت أساساً نقل رسالة للأميركيين، انطلاقاً من فرضية أنه توجد صلة بين هذا الهجوم وبين تصفية ضابطين من الحرس الثوري في الأسبوع الماضي، في هجوم منسوب لإسرائيل.
معقول الافتراض أنه حتى مقدّمو الأخبار في الإعلام الرسمي المجند في إيران، ممّن يتلون خبر استهداف الصواريخ لقواعد سرية لإسرائيل في عاصمة الإقليم الكردي في العراق، لا يصدقون صيغة الخبر.
يبدو أنهم يحاولون في إيران، وليس لأول مرة أن يضيفوا عنصراً لمعادلة الهجمات المنسوبة لسلاح الجو الإسرائيلي، في سورية، والعراق ومناطق أخرى، ضد أهداف ومصالح إيرانية، معادلة معناها ضرب المصالح الأميركية رداً على الأعمال المنسوبة لإسرائيل.
ليست هذه هي المرة الأولى في الأشهر الأخيرة التي يحاولون فيها في إيران خلق معادلة كهذه. قبل نحو نصف سنة نفذ هجوم بطائرات مسيّرة على القاعدة الأميركية التنف التي تقع في أرض تحت سيطرة المعارضة في سورية. إلى جانب الربط في الزاوية الإسرائيلية توجد لإيران حسابات غير مغلقة مع الأميركيين أيضاً حيث تحوم في الخلفية إلى الآن تصفية قائد قوة القدس قاسم سليماني قبل نحو سنتين.
رغم أنه لم يصب أميركيون في الهجوم، وحتى لم تقع إصابة مباشرة بهدف أميركي، فإن مجرد إطلاق الصواريخ من إيران نحو هدف أميركي، دون محاولة خلق غطاء عمل عسكري نفذ بوساطة ميليشيات مؤيدة لإيران وليس بتعليمات مباشرة من الحكم في طهران، يوضح أن إيران مستعدة لأخذ مخاطرات حين تقدر أن الأميركيين لن يردوا عسكرياً في هذا الوقت على عملية بهذا الحجم. وذلك إضافة إلى القرار بالعمل من داخل إيران، حيث القدرات العملياتية للحرس الثوري في كل ما يتعلق بالصواريخ.
قبل أكثر من سنتين بقليل فقط، أدى خطـأ في تقدير الحكم في إيران في موضوع استعداد الأميركيين لاستخدام القوة العسكرية لتصفية سليماني في العراق، بعد فترة طويلة جداً من التجلد من جانب الحكم الأميركي في عهد إدارة ترامب. معقول الافتراض أن الإيرانيين عملوا هذه المرة أيضاً انطلاقاً من فرضية أن الهجوم لن يؤدي إلى تصعيد من جانب الأميركيين ضدهم، حين تكون في الخلفية الحرب في أوكرانيا والمحادثات على اتفاق نووي في فيينا.
الإيرانيون، هكذا يبدو على الأقل، يؤشرون الآن على أنهم مستعدون للقيام بمخاطرات. فقد تعهدوا بأن ينفذوا رد ثأر ضد إسرائيل، وهذا بات أكثر تعقيداً وتركيباً. التجربة في السنوات الأخيرة تفيد بأنه من أجل تنفيذ محاولة رد نحو إسرائيل، يحتاج الإيرانيون إلى وقت إعداد ونضج عملياتي يصعب عليهم تحقيقه بشكل عام.
سيواصل الإيرانيون – رغم المصاعب العملياتية وتفوقات الجيش الإسرائيلي في مجال الاستخبارات، مثلما هو أيضاً القدرة العالية لسلاح الجو وأجهزة الإخطار الجوية – المحاولة، وحذار أن نستخف بهم.
هذا التوتر في الشرق الأوسط يجسد فقط بأنه حتى بعد التوقيع المحتمل على الاتفاق النووي في فيينا ستستمر المواجهة. وسيكون الأميركيون مطالبين أيضاً بأن يراجعوا مرة أخرى سياستهم في المنطقة حيال الاستفزاز الإيراني حتى في أيام النقد على سياسة استخدام القوة العسكرية لإدارة بايدن.



