محمد قاروط ابو رحمه – القيادة في فكر الشهيد أبو جهاد خليل الوزير

محمد قاروط ابو رحمه 2-2-2022
أما قبل:
لا يصح أن يسبق اسم خليل الوزير إلا اسم وصفة واحدة، الفدائي خليل الوزير أبو جهاد، ذلك لأنه كذلك.
ولان العقل الجمعي والذاكرة الوجدانية للشعب الفلسطيني والعربي تحتفظ بقداسة لهذا الوصف، ولان التعريف الحرفي في معجم المعاني يعرف الفدائي بالنص التالي: فِدَائِيٌّ (فِدَائِيٌّ فِلِسْطِينِيٌّ :- : الْفِلِسْطِينِيُّ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ تَحْرِيرِ بِلاَدِهِ مِنَ الاِحْتِلاَلِ وَالَّذِي يَتَقَدَّمُ لِلْقِيَامِ بِأَخْطَرِ الْعَمَلِيَّاتِ الْحَرْبِيَّةِ . :- جُنْدِيٌّ فِدَائِيٌّ)، وقبل ذلك وبعده فان الشعب الفلسطيني قد كرم الفدائي بان جعل نشيده الوطني، فدائي.
لا زال الشعب الفلسطيني إذا أراد تكريم أي فرد عرفه قبل اسمه بالفدائي او الفدائية.
ولأنه صدق ما عاهد الله وزملائه والشعب عليه أكرمه الله سبحانه وتعالى بأربعة كرامات عند استشهاده:
١- استشهد وهو يحمل مسدسه .
٢ – مقبل غير مدبر.
٣ – قتلته عصابات المشروع الصهيوني.
٤ – ظهور حب الناس إليه
وبعد استشهاده أكرمه الله بشعب وفي لا يزال يذكره وتذكر خصاله ويترحم عليه.
هذه المقالة لا تمجد الشهيد، كان هو بذاته لا يريد مجدا شخصيا، كان يريد مجدا لامته العربية.
كان يرى أن صناعة مجد للأمة العربية تمر فقط عبر إنهاء المشروع الصهيوني وأداته في فلسطين.
الشهيد صنع وإخوته للشعب الفلسطيني وأمته العربية نواة المجد الثورة الفلسطينية المعاصرة.
كان الفدائي الشهيد يتحلى بصفات شخصية كالشجاعة والانضباط الذاتي الشديد والمثابرة والاستمرارية.
الصفات الأربعة هي صفات الفدائيين ولكنه تميز عنهم بان أخذ القمة من هذه الصفات.
اما بعد:
إن الفدائي خليل الوزير كان يعرف بدقة مكامن القوة والضعف لدى المشروع الصهيوني، وكان يصنع الفرص لمواجهته ويعرف كيف يواجه التهديدات.
كان لقراراته الاستيراتيجية في الحرب المجنونة في لبنان 1974-1976، وما تخللها من صدام مع الجيش السوري الأثر الكبير في تحريك الموارد البشرية والمادية وتوظيفها لتحقيق الأهداف المرسومة او لدرئ المخاطر التي تواجه المشروع الوطني.
وتضمن القرارات الاستيراتيجية التي اتخذها في تلك الحقبة قرار إعادة تصويب الوضع العام وحشد الطاقات لإعادة الاعتبار للاشتباك مع المشروع الصهيوني، فكان قرار إنشاء مطار أنصار في جنوب لبنان فيه رمزية التحدي للذين يحاصرون قوات الثورة الفلسطينية، وفيه أيضا استدراج للمعركة مع المشروع الصهيوني، ثم تلا ذلك دفع كتيبة ألجرمق إلى مارون الرأس وقوات أخرى إلى الطيبة ورب الثلاثين ثم عملية الساحل (دلال المغربي) ثم التصدي البطولي في اجتياح آذار 1978.
أحببت أن أوجز عن فترة عصيبة مرت بها الثورة الفلسطينية، وكيف كان منهج الفدائي الشهيد في القيادة يرتكز أساسا على وعي أن كل الجهد يجب أن يركز نحو تدمير المشروع الصهيوني في بلادنا.
السلوك القيادي عند الشهيد أبو جهاد خليل الوزير
كان الفدائي الشهيد قائدا موقفيا يعالج كل أمر حسب الظرف والموقف ودرجة نضوج الذين سينفذون قراراته.
كان قائدا يفعل الأشياء الصحيحة ولا يهتم بالطريقة الصحيحة، كان يعرف ما يريد وكيف يصل إليه.
استخدم الفدائي الشهيد العصف الذهني كأحد أهم استراتيجياته القيادية في صقل ما يريد، وإقناع الآخرين بما يريده.
واستخدم أربعة أساليب لتسويق وإقناع الآخرين بتنفيذ قراراته.
*أولا: منهج القيادة بأسلوب التوجيه:*
استخدم هذا الأسلوب مع الإخوة حديثي التجربة والذين يتمتعون بدرجة التزام عاليه.
كما استخدمه مع الأخوة الذين لديهم خبرة ولكنه يريد أن يكلفهم بتنفيذ أمر لم يجربوه مسبقا.
وهذا الأسلوب متعب للقائد، حيث يقوم القائد بهذا الأسلوب بإعطاء الكثير من التوجيهات مثل ماذا على الآخرين القيام به؟ وأين؟ ومتى؟ وكيف؟ ويحتاج هذا الأسلوب إلى رقابة ومتابعة مستمرة.
ثانيا: منهج القيادة بأسلوب التدريب:
استخدم الفدائي هذا الأسلوب في كل الأعمال التي كانت بحاجة إلى نقل جزء من روحه إلى الآخرين شهدت ذلك عندما قابلنا أكثر من مرة قبل التحرك إلى تل الزعتر عبر المنتيفيردي.
واحسب انه استخدمه مع مجموعة دلال المغربي.
في هذا الأسلوب ينقل الفدائي روحه ومعنوياته إلى الآخرين، يشجعهم ويوجههم ويطلب رأيهم ويفسر قراراته ويستخدم الإصغاء كثيرا، ويستخدم هذا الأسلوب عندما تكون المجموعة المتلقية أكثر كفاءة وخبرة.
ثالثا: منهج القيادة بالأسلوب التشجيعي.
شهدت هذا الأسلوب في عام 1975 في ترشيش قبل الدخول إلى تله الزعرور وعينطورة، كانت القوات منهكة، وغير متجانسة، وإذا به يطل علينا أنيق وحليق الدفن وملابس مناسبة.
بدأ بسرد الوقائع عن الإرهاق وعدم التجانس، ثم عدد أسباب خوض هذه المعركة، وأكد أننا ملزمون أمام شعبنا على الحفاظ على القرار المستقل. باختصار قال: القرار المستقل يعني أن تكون فلسطين لنا.
ويستخدم أيضا هذا الأسلوب لتسهيل التعاون والتداخل في العمل، وكان يستمع لكل رأي ويثني عليه او يصححه.
وهذا الأسلوب أيضا كان يستخدمه لمشاركة الآخرين بالقرارات التي سينفذونها.
لم يشعر أي منا انه القي تعليمات وإنما شعرنا أننا من صنعنا القرارات.
انه تحويل تدريجي للقرارات وحل المشكلات من القائد إلى الآخر كي يتخذها.
ويستخدم هذا الأسلوب عندما يكون المنفذ متقدماً في طور النضج، وخبير بعمله وكفاءته عالية.
السلوك القيادي عند الفدائي الشهيد أبو جهاد خليل الوزير
*(6 من 6)*
رابعا: منهج القيادة بأسلوب التفويض.
استخدم هذا الأسلوب مع قادة قوات العاصفة وقادة لجان الغربي والإعلام والتوجيه السياسي.
وهنا يقوم بتوضيح المشكلة أو القضية المطروحة، ثم يفوض المعني لاتخاذ القرارات وحل المشكلات بالطريقة المناسبة. ويكون سلوك التوجيه والتشجيع هنا قليلا، وتكون القرارات ومسئولية التنفيذ على عاتق المعني بالتنفيذ. ويلجأ إلى هذا السلوك عندما يكون المعني ناضجاً، وذاتي الاندفاع، وخبيراً بعمله، وكفاءته عالية، والتزامه مرتفع، ومنجز موفق إذا حصل على الدعم والتشجيع اللازمين.
وأخيرا:
رحم الله الفدائي ياسر عرفات الذي كان فراش نومه بجوار مكتبه.
رحم الله الفدائي خليل الوزير الذي كان مكتبه بجوار فراش نومه.
هوامش :
1- (معجم عربي عربي)
2 – النشيد الوطني الفلسطيني، لكل دولة ذات سيادة نشيدها الوطني الذي يصبح متداولا بعد نيلها استقلالها، أما النشيد الوطني الفلسطيني فقد استبق الاستقلال، إذ كان أول نشيد وطني فلسطيني غير رسمي، هو النشيد (موطني) للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان وهو النشيد نفسه الذي استخدم أيام الجمهورية العربية المتحدة وهو أيضاً نفس النشيد الوطني العراقي وكان من ألحان الموسيقار اللبناني محمد فليفل. أما النشيد الحديث (فدائي) فقد أصبح متداولاً عام (1972م)، واعتمد نشيداً وطنياً للفلسطينيين بقرار من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في ذلك العام، وعرف آنذاك بنشيد الثورة الفلسطينية، وهو نشيد قامت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح باستخدامه في سياق تحويل أسماء المؤسسات الفتحاوية إلى أسماء فلسطينية عامة. ومؤلف نشيد فدائي هو الشاعر (سعيد المزين) المعروف بفتى الثورة، مؤسس أولى المجلات الفلسطينية المعاصرة التي كانت تصدر باسم (الثورة الفلسطينية)، بينما مُلحنها هو الموسيقار المصري الكبير (علي إسماعيل)، وقد قام الموسيقار اليوناني (الكبير ميكيس ثيوذوراكيس) باعادة التوزيع الموسيقي للنشيد عام 1981 في خطوة رمزية عبر من خلالها عن تضامنه مع الفلسطينيين وقضيتهم العادلة، فيما قام الملحن الفلسطيني (حسين نازك) بوضع التوزيع الموسيقي النهائي للنشيد عام (2005م(. وحيث أن النشيد الوطني رمز من رموز السيادة الوطنية فقد أولاه مجلس الوزراء الفلسطيني أهمية كبرى، وأمر بتوحيده وإعادة تسجيله، وتعميمه على المؤسسات الحكومية والسفارات، وأصدر قراراً بالمصادقة عليه يحمل رقم (181) لسنة (2005م). نص النشيد:
فدائي فدائي فدائي، يا أرضي يا أرض الجدود. فدائي فدائي فدائي، يا شعبي يا شعب الخلود
بعزمي وناري وبركان ثاري، وأشواق دمي لأرضي وداري. صعدت الجبال وخضت النضال، قهرت المحال حطمت القيود
فدائي فدائي فدائي، يا أرضي يا أرض الجدود. بعصف الرياح ونار السلاح، وإصرار شعبي لخوض الكفاح
فلسطين داري فلسطين ناري، فلسطين ثاري وأرض الصمود.فدائي فدائي فدائي، يا أرضي يا أرض الجدود
بحق القسم تحت ظل العلم، بأرضي وشعبي ونار الألم. سأحيا فدائي وأمضي فدائي، وأقضي فدائي إلى أن أعود
فدائي فدائي فدائي، يا أرضي يا أرض الجدود.