معاريف – بقلم أفرايم غانور- النقب لم يعد في أيدينا

معاريف – بقلم أفرايم غانور- 13/1/2022
” مع كل الاحترام للموحدة ولحكومة الفسيفساء، فان الاشكالية التي تسير على اطراف الاصابع في كل ما يتعلق بمعالجة البدو، اذا كنا نحب الحياة، فالويل لنا اذا ما قدم هنا اي تنازل وتوقف غرس الاشجار “.
في اعوام 1949 – 1957 كان في دولة اسرائيل قحط قاسٍ شعر الناس به جدا في جنوب البلاد. الجواريش وكراجه قبيلتان بدويتان من اصل مغربي وصلتا الى منطقتنا من ليبيا في بداية القرن التاسع عشر، استقرتا في منطقة خانيونس وعملتا اساسا في الزراعة وفي تهريب المخدرات بين مصر، اسرائيل في حينه والاردن.
في بداية الخمسينيات، عندما تصاعدت اعمال الفدائيين الذين انطلقوا من قطاع غزة، والارهاب الفلسطيني بتشجيع من مصر، وصل الى مركز الدولة وضعضع الحياة هنا، اصبحت القبيلتان، الجواريش وكراجه متعاونتين هامتين جدا في كفاح الجيش الاسرائيلي ضد ارهاب الفدائيين. فقد وفرتا معلومات ومساعدة هامة ساهمت في اعمال الرد التي قام بها الجيش الاسرائيلي في القطاع بخاصة وللامن الجاري في الجنوب بعامة.
لاحقا، عندما عين رئيس الاركان موشيه دايان وزيرا للزراعة في حكومة بن غوريون في الخمسينيات، استغلت القبيلتان المعرفة الجيدة التي كانت لهما معه وفي اعقاب القحط طلبتا منه ان يساعدهما في الانتقال شمالا، الى مركز الدولة مع عائلاتهم، كي يتوفر لهم المرعى لابنائهم. دايان لم ينسَ مساهمته، وبمعونة رئيس الوزراء ووزير الدفاع دافيد بن غوريون سمح لهم بان يستقروا على اراضي الدولة جنوبي الرملة وشرقي بئر يعقوب. في السنوات الاولى نالوا الرزق أساسا من اعمال الزراعة في القرى الزراعية الموشافيم والكيبوتسات في المنطقة. ولكن بعد حرب الايام الستة وفي بداية السبعينيات، حين بدأت تزدهر تجارة المخدرات في اسرائيل اصبحت حاضرة الجواريش وكراجه مركزا لتوريد المخدرات والجريمة ولاحقا ايضا ساحة صراع عنيف ونازف بين القبيلتين، صراع مستمر حتى اليوم.
تأتي هذه المقدمة لتجسد ان كل ما يبدأ بنية طيبة ويترافق وتنازلات ومراعاة للبدو، ينتهي بثمن باهظ. الجواريش تعهدوا في حينه ايضا لان يعودوا الى الجنوب بعد أن ينتهي القحط، فهل يمكن لاحد اليوم أن يحركهم؟ التنازلات، التجاهل، هروب حكومات اسرائيل من التصدي للوقاحة، الجسارة، الفوضى التي خلقوها في الجنوب – كل هذه ولدت واقعا يفترض التصدي اليوم بلا هوادة بحيث أنه كلما تأخر العلاج لهذه المشكلة، فان الثمن يرتفع فقط. ان حقيقة أن البدو أملوا علينا هذا الاسبوع اين يكون غرس الاشجار في الجنوب واين لا، حين يكون الحديث يدور عن اراضي الدولة، تتحدث من تلقاء ذاتها.
لا يوجد هنا يمين او يسار. الكفاح في سبيل غرس الاشجار في الجنوب المنفلت، هو صراع على مستقبل النقب. مع كل الاحترام للموحدة ولحكومة الفسيفساء، فان الاشكالية التي تسير على اطراف الاصابع في كل ما يتعلق بمعالجة البدو، اذا كنا نحب الحياة، فالويل لنا اذا ما قدم هنا اي تنازل وتوقف غرس الاشجار.
نعم، حتى بثمن سقوط هذه الحكومة، فان مستقبل جنوب الدولة في النقب اهم من حكومة غير قادرة على أن تتصدى لهذه المشاكل. فقد حان الوقت، وان كان بتأخر كبير، لوقف هذه الفوضى في الجنوب. حان الوقت للقيام هناك بعلاج جذري اساسي وفوري. يجب تسوية موضوع اراضي البدو والقرى غير المعترف بها، والايضاح لكل من يتواجد هناك بانهم يعيشون في دولة يوجد فيها قانون ونظام بل وشرطة تعالج كل مجرم.