ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم  ايال زيسر – الارهاب في الضفة ، اسرائيل تكافح ولكنها تسلم بجمرات التحريض

اسرائيل اليوم – بقلم  ايال زيسر – 14/12/2021

” اسرائيل تسلم بواقع جمرات يقظة من التحريض والارهاب على أمل ان تتمكن من منع اشتعال واسع، سواء للعمليات الانتحارية ام لاعمال اخلال بالنظام واسعة النطاق “.

مفهوم الامن الاسرائيلي الذي يعود الى عهد دافيد بن غوريون رئيس الوزراء الاول يتركز اولا وقبل كل شيء، في حينه مثلما هو اليوم، في الرد على التهديدات الوجودية التي تقف امامها اسرائيل. في الماضي كانت هذه حشود الجيوش العربية النظامية التي هددت باجتياح اراضيها، اما اليوم فهذا هو التهديد النووي الايراني الذي في احباطه تستثمر جهودا قصوى.

ترسانة السلاح التي بحوزة حزب الله وحماس وان كانت لا تشكل تهديدا وجوديا إذ ليس بوسعها ان تعرض مجرد وجودنا للخطر، ولكن من شأنها أن تتسبب بخسائر في الارواح وباضرار مادية، وان تشوش حياة مواطني الدولة وتمس بالاداء المنتظم لمنظومات حيوية وحرجة. وفي التصدي لهذا التهديد ايضا تعطي اسرائيل رأيها. 

مقابل كل هذا يعد تحدي الامن الجاري ثانويا في اهميته وان كان يحظى بعناوين رئيسة في كل مرة تقع فيها عملية طعن او دهس وهذه  تضرب بنا بموجات يسود بعدها هدوء وهمي. ولكن مشكوك ان يكون هذا التحدي ينال الاهتمام المناسب، وعلى اي حال الرد الحقيقي ايضا من جانب اصحاب القرار في  اسرائيل. 

غير أن الامن القومي لا يتلخص فقط في الدفاع في وجه تهديدات وجودية، بل موضوعه هو اعطاء احساس بالامن يسمح لمواطني الدولة بان يعيشوا حياتهم دون خوف. وهكذا ، في كل مرة تجعل فيها عمليات الارهاب الحياة لا تطاق، يصبح تحدي الامن الجاري تحديا وجوديا يجبر الحكومة على العمل وعلى الرد. 

هكذا مثلا، لم يشكل تسلل الفدائيين الى اراضي اسرائيل في الخمسينيات تهديدا على مجرد وجودنا. لكن الخوف من انهيار الحصانة القوية والمس الشديد بالحياة اليومية دفع بن غوريون لان يخرج في تشرين الاول 1956 الى حرب ضد مصر ليضع حدا لذلك. وهكذا ايضا ادت عمليات الارهاب لتنظيم فتح في سوريا ضد اسرائيل في منتصف الستينيات  الى التدهور الى حرب الايام الستة. 

ساحة من نوع آخر

على هذه الخلفية يثور السؤال كيف ينبغي لاسرائيل أن تتصدى للتهديدات التي تقف امامها في الضفة. وهذه تتركز اليوم في عمليات الافراد التي من الصعب توقعها ومن المتعذر منعها ايضا. ولكن يجدر بالذكر ان قبل عشرين سنة فقط في عهد الانتفاضة الثانية، خرجت من هذه المنطقة بالذات عمليات انتحارية اوقعت مئات الضحايا وشلت الحياة في شوارع اسرائيل. 

ان الانتقال من عمليات الافراد العفوية الى عمليات انتحارية منظمة منوط بالدافعية والارادة، وهذه موجودة في الجمهور الفلسطيني ولدى حماس، ولكنه منوط ايضا بقدرة عملياتية تستثمر قوات الامن في احباطها جهدا واضحا ونجاحها في المهمة ليس امرا مسلما به. فضلا عن ذلك، يوجد دوما تخوف من انهيار اجهزة السلطة الفلسطينية، مما سيؤدي الى فوضى وكذا الى اعمال اخلال جماهيرية بالنظام ستشدد الضغط الدولي على اسرائيل.

ان  الفرق بين ساحات التهديد الاخرى التي تعمل ضدها اسرائيل وبين ساحة الضفة، ويتبين ان شرقي القدس ايضا، يكمن في  الغموض المقصود الذي تطوره اسرائيل في كل ما يتعلق بسلوكها في هذه المنطقة. 

لا للبلع ولا للقيء

الضفة هي “هنا” وليس خلف الحدود، وفي نظر اجزاء كبيرة من الجمهور الاسرائيلي فان هذه جزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل، ينبغي حتى ضمها اليها ذات يوم.  ومقابل الضفة فان غزة هي “هناك”، خلف الحدود والدليل – في الاسبوع الماضي فقط دشنت اسرائيل العائق الارضي الجديد الذي يفصل بينها وبين القطاع، وبذلك نقلت رسالة واضحة بموجبها لا نية لها بان تعود اليها.  

بالمقابل، تمتنع اسرائيل عن ضم الضفة الى اراضيها. فمثل هذه الخطوة كانت ربما ستشجع احتجاجا دوليا، ولكن قسما كبيرا من السكان الفلسطينيين كانوا سيستقبلونها بالترحاب، انطلاقا من الرغبة في الانخراط اقتصاديا في نسيج الحياة الاسرائيلية. خطوة كهذه كانت ستساعد  إذن في تخفيض التوتر الامني وتسهل على قوات الامن العمل في المنطقة. 

كما أن اسرائيل تتحكم تحكما امنيا كاملا في المنطقة، ولكن في نفس الوقت تسمح للسلطة الفلسطينية بالعمل فيها.

هذه الاخيرة وان كانت تجري تعاونا امنيا مع اسرائيل موجه ضد حماس، ولكن في نفس الوقت تعطي يدها للتحريض ولاشعال اجواء الكراهية التي تشكل ارضا خصبة للعنف.

ولما كان احتمال ان يقع في اسرائيل حسم بالنسبة لمستقبل الضفة هو متدنٍ، محكوم على اسرائيل أن تواصل التصدي لواقع “لا للبلع ولا للقيء” في هذا المجال المعقد.

الامل بمنع الاشتعال

الجواب الاسرائيلي هو إذن الحفاط على وضع راهن هش، وهكذا تسعى الدولة للحفاظ على  الاستقرار ومنع موجات العنف والاضطراب وذلك بمساعدة صامتة من السلطة الفلسطينية، التي تشكل شريكا لادارة السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة. كما أن الاردن هو شريك حيوي للحفاظ على الهدوء، إذ بخلاف سيناء التي عبرها هربت صواريخ من ايران الى حماس، يبقي الاردنيون على حدود هادئة وآمنة ويمنعون الارهاب المحلي في الضفة من أن يرتبط – عبر الحدود –  بارهاب حماس او بارهاب منظمات راديكالية اخرى.

غير أن معنى الامر هو ان اسرائيل تسلم بواقع جمرات يقظة من التحريض والارهاب على أمل ان تتمكن من منع اشتعال واسع، سواء للعمليات الانتحارية ام لاعمال اخلال بالنظام واسعة النطاق.

ولا يزال، هذا الواقع افضل بكثير من فك ارتباط مطلق على المنطقة. فمن شأن هذا ان يصبح  – مثل غزة أو لبنان في حينه – ساحة مواجهة رب البيت فيها هو حماس، ومسلح بترسانة صواريخ تغطي كل غوش دان. في نظر الكثير من الاسرائيليين، فان الواقع الحالي افضل ايضا من اعطاء مواطنة اسرائيلية للفلسطينيين الذين يسكنون في الضفة، الخطوة التي منها لن تتمكن اسرائيل من الامتناع اذا ما ضمت المنطقة الى اراضيها.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى