ترجمات عبرية

معاريف – بقلم  زلمان شوفال – ديمقراطية واقفة على شعرة

معاريف – بقلم  زلمان شوفال – 30/11/2021

” اعتقدت ان الطبيعة التعددية والفردية للشعب اليهودي، بما في ذلك الامة الاسرائيلية تحصننا من متحورات غير ديمقراطية. أما اليوم فاني أقل قناعة “.

“الرأس اليهودي يخترع لنا ابتكارات، غنى في حينه اوري  زوهر سخرية، و “الابتكار” الاخير هو قانون تقييد ولاية رئيس الوزراء الذي  اقر في  الكنيست الاسبوع الماضي.  هذا قانون غير منطقي، غير عادل وبالاساس غير ديمقراطي على نحو ظاهر،  وليس  صدفة ان لا مثيل  له في  اي ديمقراطية برلمانية اخرى في العالم. المعنى الواضح للقانون هو منع الجمهور من أن يختار بشكل حر  وديمقراطي من يقف  على رأس حكومته، والحاق خيار الاغلبية بارادة الاقلية، اي التخريب على روح الديمقراطية.

في الديمقراطية البرلمانية تنتخب الاحزاب مرشحها لرئاسة الوزراء – في مؤتمر الحزب أو في احدى مؤسساته المنتخبة الاخرى. في بعض الدول، يعين رئيس الدولة المرشح المنتخب، ولكن هذا رسميا بالاساس. اذا كان ينبغي اتخاذ القرار حول رئيس الوزراء بين انتخابات وانتخابات، فان الكتل في البرلمان هي التي تقترح  الترشيح، مثلما حصل مثلا أن اصبح شمعون بيرس رئيس وزراء بعد اغتيال رابين. في كل هذه الحالات يتلخص دور الكنيست في أنها تقر أو ترفض باغلبية الاصوات الحكومة ومن يقف على رأسها، والا فلا. هذا هو احد الفروق بين الديمقراطية التمثيلية مثل تلك المتبعة في معظم البلدان الغربية، بما فيها اسرائيل، وطريقة الانتخاب المباشر التي في الولايات المتحدة. يمكن الجدال في الفضائل والنواقص النسبية لكل طريقة، بما في ذلك موضوع تقييد الولاية لكل منصب، كما يمكن الادعاء بان طريقة الانتخاب المباشر كتلك التي للرئاسة الامريكية  افضل من الطريقة الديمقراطية البرلمانية، ولكن هذا لا ينطبق على المسألة الحالية. ما يخلقه القانون الجديد، ضمن امور اخرى هو خلط بين طريقتين معاكستين،  ويجدر بالذكر ان اسرائيل سبق أن جربت هذه الفكرة الفاشلة عندما قررت في حينه الانتخاب المباشر لرئيس الوزراء فوجدت نفسها في وضع من حكومة عديمة الاغلبية ولا تؤدي مهامها. كل هذا، بمعنى الطريقة التي يتم فيها اختيار المرشح لرئاسة الوزراء لا تنطبق بالطبع الا على احزاب ديمقراطية كالليكود، العمل او ميرتس – مقابل كل الاحزاب المتصدرة في الحكومة الحالية والتي لديها يختار رؤساء الاحزاب غير المنتخبين اعضاء كتلهم وليس العكس. ومع ان يوجد مستقبل، حزب يئير لبيد رئيس الوزراء البديل اعلن مؤخرا عن الانتخابات لرئاسة الحزب الا ان طريقة الانتخابات الداخلية الذكية المقترحة تحول عمليا انتخاب المرشحين الى سلسلة من التعيينات التي يقوم بها لبيد نفسه. 

في مقال نشر مؤخرا في “نيويورك تايمز” زعم أنه طرأ تخفيض للقيمة في جوهر الديمقراطية في سلسلة كاملة من الدول في العالم، ومكان اسرائيل لم يغب عن القائمة، وهذا حتى قبل سن القانون الفج آنف الذكر. ولكن لا يبدو أن بذلك انتهت المحاولات للسد بطرق التشريع وطرق اخرى طريق رئيس المعارضة الى السلطة، وفي هذه الاثناء لوضع العصي بين دواليب الكتل المعارضة من خلال كبح اعمالها في لجان الكنيست.

ان المبادرين لتقييد الولاية وان كانوا يدعون بانه ليس شخصيا او باثر رجعي، الا ان روحه وتوقيته بتفسير شخصي وتستهدف خلق خلفية جماهيرية لتشريعات مغرضة اخرى. هذه ليست الاخفاقات الوحيدة في ديمقراطيتنا؛ فمظاهر الشذوذ في جهاز القضاء مثل التسريبات الاخيرة تشكل هي ايضا مصدر خطر جسيم على الديمقراطية. 

ان النظرية التي تقول انه في الديمقراطية بطبيعتها تنطوي ايضا على بذور دمارها الذاتي  شهدت اكثر من تجسيد بشع واحد في التاريخ الحديث، بما في ذلك قوانين في دول ظلامية في اوروبا استهدفت منع احزاب ديمقراطية من اليمين ومن اليسار عن ان تكون في البرلمان. مثال حديث هو الانتخابات للرئاسة الايرانية. لم نصل الى هذا بعد، ونأمل الا نصل اليه ايضا، ولكن اقوال مثل قول وزير العدل جدعون ساعر: “هذه العصبة برئاسة نتنياهو يجب ابعادها عن الحكم لزمن طويل”  تشهد على العقلية غير الديمقراطية وغير الرسمية  لقسم من الحكام في القبة اليوم. منذ وقت غير بعيد اعتقدت ان الطبيعة التعددية والفردية للشعب اليهودي، بما في ذلك الامة الاسرائيلية تحصننا من متحورات غير ديمقراطية. أما اليوم فاني أقل قناعة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى