أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  بينت ومعايير الدولة …!!

عمر حلمي الغول 3/11/2021

لا اضيف جديدا، عندما اعود لتأكيد مرتكزات أي دولة في الكون، وهي ثلاث أسس او قواعد، أولا شعب، ثانيا ارض واحدة على بقعة جغرافية متواصلة؛ ثالثا حكومة وادواتها التنفيذية. ولم يشر أي عالم في علم الأنظمة السياسية، او في الفكر السياسي او في العلوم الاجتماعية، بضرورة وجود اية مؤسسات أخرى، وان كان التطور الخاص بكل دولة بعد عصر النهضة وسيطرة البرجوازية على الحكم في دول أوروبا عمق مركبات الأنظمة السياسية، واخذت الأنظمة السياسية انماطا واشكالا متعددة وفق السمات الخاصة لكل شعب، وارتباطا بتطور علاقات وقوى الإنتاج والمنظومة الثقافية لكل أمة من الأمم. ورغم ذلك بقيت في العالم الأول والثاني والثالث أنظمة ملكية، وجمهورية بعضها ديمقراطي، وبعضها الاخر استبدادي ديكتاتوري وما بينهما من اشكال أخرى، وفقا للعقد الاجتماعي الناظم للحكم في هذه الدولة او تلك. لكن العديد منها، التي ادعت تبني الخيار الديمقراطي، لم يكن لها علاقة بالديمقراطية بالمعنى الدقيق للكلمة، حتى تلك الأنظمة الرأسمالية القائمة على دساتير الحرية والديمقراطية، يمكنها شطب واسقاط الخيار الديمقراطي في حال تعرض النظام لاية تحولات جذرية فيها.

على اية حال هذا الموضوع طويل وواسع، وليس هنا مكانه، لكن اردت من مقدمتي السريعة، ان ارد على نفتلي بينت، رئيس حكومة دولة الاستعمار الإسرائيلية، الذي أشار في مقابلة مع صحيفة “التايمز” البريطانية، التي نشرمنها موقع “واي نت” الإسرائيلي يوم الاحد الموافق 31 أكتوبر الماضي ابرز النقاط، ومنها ما يتعلق بالدولة الفلسطينية، فيدعي المستعمر الصهيوني اللقيط، “أن إنشاء كيانات شبيهة بالدولة لا ينجح. كما انه لا يوجد زعيم واحد في المنطقة يعتقد انه من الممكن ان نذهب حاليا إلى عملية تفاوض للسلام.” والنتيجة الجلية في حديث رجل اليمين الديني المتطرف، انه لا يقبل القسمة على وجود دولة فلسطينية، ولا على مبدأ وخيار السلام بالأساس، لانه معاد للسلام بشكل قاطع. وبالتالي افتراضه عدم القبول بوجود دولة فلسطينية من قبل منظومة الحركة الصهيونية ودولتها الاستعمارية التي يقف الان على راسها، واعتقاده ان الرأي السائد في الأوساط القيادية في المنطقة يتوافق مع رؤيته في رفض وجود دولة فلسطينية لا أساس له من الصحة،. فضلا عن انه يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية، ومع مواقف الدول المختلفة المعلنة والرسمية بدءً من اميركا انتهاءً باصغر دولة في الكون.

اضف لذلك، من انت لتقرر ان كان يجب ان تقوم الدولة الفلسطينية او لا تقوم؟ بديهي امثالك، أصحاب الرواية المزورة والكاذبة يرفضون وجود الدولة الفلسطينية، ويخشون من مجرد وجودها. ثم هل نسيت أيها المستعمر المأجور، انك وما تمثل، لم ترق إلى الشعب، رغم مرور 73 عاما على قيام دولة الاستعمار الإسرائيلية، مع ان العكس صحيح بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني، الشعب المنغرس في ترابه الوطني منذ الاف السنين، وله ثقافته وحضارته وتاريخه الوطني والقومي، ورغم النكبة عام 1948 التي تلازمت مع نشوء وقيادم دولتكم على انقاض ويلات ومصائب وطرد ما يقارب الملايين السبعة من أبنائه، ورغم مصادرة وسيطرة دولتكم الاستعمارية بدعم الغرب الرأسمالي على الجزء الأكبر الأرض الفلسطينية، لكن الشعب العربي الفلسطيني بقي متجذرا في ارض وطنه، وقادت ثورته المعاصرة كفاحا بطوليا منذ 55 عاما ضد وجودكم الاستعماري، وحققت كما من الإنجازات الوطنية، واعترف بالدولة الفلسطينية حوالي 140 دولة من دول العالم 194، وحصل الشعب الفلسطيني على ما يزيد عن 800 قرار اممي من مجلس الامن والجمعية العامة والمنظمات الأممية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي بدءً من القرار 181 الصادر في 29 نوفمبر 1947، الذي سمح بوجود دولتكم الكولونيالية وما تلاه من قرارات متوالية داعمة للحقوق الوطنية. ورغم عدم ارتقاء القوى والاقطاب العالمية لمستوى المسؤولية لفرض الدولة الفلسطينية لاعتبارات عدة خاصة وعامة، الا ان الشعب صاحب الأرض والتاريخ والجغرافيا والحضارة والثقافة باق في وطنه الام، ولن تستقر المنطقة والعالم اجمع ما لم يحصل الشعب العربي الفلسطيني على حقوقه السياسية كاملة غير منقوصة وفي طليعتها استقلاله الكامل والناجز على دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان عودة اللاجئين على أساس القرار 194، الذي ربط الاعتراف بدولتكم المارقة بعودتهم لديارهم التي طردوا منها.

اذا موضوع الدولة الفلسطينية وتحرر شعبها من استعماركم ليس مرهونا بموافقتم، ولكن بارغامكم وارغام كل من يدعم خياركم الاستعماري بالاعتراف بالدولة، وفرض الانسحاب الكامل من أراضي الدولة الفلسطينية القائمة والموجودة على الأرض، ولديها كل مقومات الدولة قبل وجودكم الاستعماري في فلسطين التاريخية، وضمان عودة اللاجئين لديارهم التي شردوا وطردوا منها. وعلى قول الرئيس الرمز الراحل أبو عمار: “يرونها بعيدة، ونراها قريبة”، وكما بشرتكم فيما مضى فإن الزمن الافتراضي لمشروعكم الاستعماري آخذ في النفاذ، وان كنتم ترون غير ذلك، فأنتم واهمون، ولا ترون ابعد من ارنبة انوفكم.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى