ترجمات عبرية

شموئيل روزنر / لدينا خطة

معاريف – بقلم  شموئيل روزنر  – 31/5/2018

في كل مرة يشرح فيها أحد ما بان ليس لاسرائيل استراتيجية، الاذان تصم. لا توجد استراتيجية هي احدى العبارات التي تقول شيئا وتقصد شيئا آخر. انت تقول: لا توجد استراتيجية. انت تقصد: هم لا يفعلون ما اعتقد أنه يجب أن يفعل. هي تقول: لا توجد استراتيجية، هي تقصد: انت لا تفعل ما اعتقد أنه يجب أن يفعل.

لاسرائيل توجد استراتيجية. في غزة ايضا توجد لها استراتيجية. يمكن الجدال اذا كانت صحيحة أم لا، يمكن اقتراح بديل لها – من جزيرة في البحر وحتى أبراج تنبت في الهواء – ولكن يمكن الهدوء بالنسبة لمسألة اذا كانت موجودة. بالمناسبة، يوجد لاسرائيل استراتيجية، هكذا يخيل لي، بينما ليس لها في امور اخرى مزعومة، وعلى رأسها مسألة العلاقات مع الفلسطينيين. ما هي الاستراتيجية؟ الانتظار الى أن يتعبوا. نابليون كانت له استراتيجية مشابهة: “لا تزعج عدوك عندما يرتكب الاخطاء”.

هذه استراتيجية ليست سهلة التحقق، ولا سيما ليس في دولة حرة وعصبية مثل دولتنا. الصبر هو للدكتاتوريات. في الدول الديمقراطية يريد الناس أن يروا عملا والا فاننا سنصوت لاحد اخر، ناهيك عن التغريدات المنفعلة في التويتر. انتظرنا يومين وحماس لا تزال في غزة؟ “لا توجد استراتيجية”. مرت ساعتان ولا يزالون يطلقون الصواريخ؟ “لا توجد استراتيجية”. يتبين ان الغزيين يعانون، ولكنهم لا يسارعون الى رفع علم أبيض؟ “لا توجد استراتيجية”.

المداولات عن الاستراتيجية تميل لان تعاني من عدة اخفاقات كامنة فيها عميقا. احدها – الانتفاخ الفارغ. الاحاديث عن الاستراتيجية تبدو محترمة حتى عندما كل ما يسمع فيها هو كليشيهات مضغت حتى اصبحت دقيقا. (اسقاط حماس، خوض مفاوضات، انسحاب احادي الجانب، انسحاب بالتوافق، ضم بالتدريج، بالا – بالا – بالا). الثاني – تسييس مكشوف. الاحاديث عن الاستراتيجية هي غطاء رقيق لمناكفة من يوجد في الحكم (اذ ان نقول ان لديه الاستراتيجية ونحن لا نتفق معها – يبدو اقل اقناعا). الثالث – غموض فكري. في احيان قريبة “الاستراتيجية” ليست الا بديلا عن “الايديولوجيا”. الاستراتيجية، للافراد، للمجتمعات أو الدول، تنشأ عن وضع اهداف. من يضع اهداف اسرائيل بشكل ما يستخلص منها استراتيجية ما، ومن يعرضها بشكل آخر يستخلص استراتيجية اخرى (ما يعيدنا الى نقطة سابقة: ليس لديك استراتيجية هو بديل غير ناجح على اني لا اتفق معك – ايديولوجيا).

ولكن الاخفاق الاساس للمداولات حول لا توجد استراتيجية هو اخفاق الفخار. وهذا فخار يختبىء وراءه تواضع. هذا يعمل على النحو التالي تقريبا: “ليس الواقع هو المشكلة، نحن المشكلة” – قسم التظاهر المعذب. “لو فقط كانت لنا استراتيجية، لما حصل كل هذا” – قسم التفاخر الذي في جذر ادعاء لا توجد استراتيجية. بكلمات اخرى: ادعاء لا توجد استراتيجية يعتمد على فرضية خفية وكأن كل شيء في ايدينا. اذا كان هناك شيء ما لا يتدبر لنا جيدا، يبدو أننا نفعل شيئا ليس على ما يرام، إذ انه لو كنا فعلنا كل شيء على ما يرام، لكان كل شيء على أي حال على ما يرام. غزة كانت ستشفى، الضفة كانت ستهدأ، والفلسطينيون كانوا سيحبون السلام وجيران طيبون، والسوريون كانوا سيكفون عن ذبح الواحد الاخر، والمصريون كانوا سيدفئون السلام، والايرانيون كانوا سيذيبون المدافع وينتجون المزامير.

لاسرائيل توجد استراتيجية، فرضية العمل الاساس فيها مختلفة: غزة عالقة، ولن تخرج من هذا قريبا. الفلسطينيون غير مستعدين لجيرة طيبة – على الاقل ليس في الشروط التي نبدي نحن الاستعداد لعرضها. سوريا هي حفرة افاعي يجب تغطيتها. استراتيجية اسرائيل تفترض بان لايران ايضا توجد استراتيجية: التقدم ببطء، بثبات وبمثابرة الى الاهداف التي حددتها لنفسها. وامام هذه الاستراتيجية، ما يوجد لاسرائيل أن تعرضه هو استراتيجية موازية: الصد بصبر، الامتناع عن الاخطاء العضال، وعدم البحث عن حلول سهلة لواقع مركب.

ان الضعف الاساس لهذه الاستراتيجية واضح: فهو يكشف اسرائيل وزعمائها امام ادعاء متكرر بان ليس لها استراتيجية، ولهذا فان للمبادرات المختلفة والمتنوعة لمحبي الخير او الشر بتكليف من أنفسهم، والذين يعرفون دوما على نحو افضل كيف يحسنون الوضع فقط اذا ما سمح لهم بتحميل استراتيجية ما. لهذا الضغط ايضا يوجد لاسرائيل جواب: الصد والصبر. هذه هي الاستراتيجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى